![]() |
ما حكم السجع الذي لا يكاد يخلو منه اليوم خطيب؟
.
هل ورد النهي عن السجع والتكلف في الخطبة واذا كان كذلك فلماذا نسمع كثير من الخطباء لاينتهون عن ذلك؟ الجواب : السجع على نوعين : النوع الأول : سَجع مُتكلّف مقصود لِذاتِه ، فهذا منهي عنه ، وهو سَجع مثل سجع الكُهَّان ، ولذلك لَمّا قال رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم : أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لا أَكَلَ وَلا شَرِبَ وَلا اسْتَهَلَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ ؟ رواه مسلم . وفي حديث أبي هريرة : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هذا مِن إخوان الكُهَّان . مِن أجْل سَجْعه الذي سَجَع . رواه مسلم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : فانظر السجع من الدعاء فاجْتَنِبْه ، فإني عَهِدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلاَّ ذلك . يعني : لا يفعلون إلاَّ ذلك الاجتناب . رواه البخاري . والمقصود : السجع الْمُتَكَلَّف ، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أدعية مسجوعة ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزَكّها أنت خير مَن زَكّاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع ، ومن قلب لا يَخشع ، ومن نفس لاتشبع " رواه مسلم . قال النووي : هذا الحديث وغيره مِن الأدعية المسْجُوعَة دليل لِمَا قاله العلماء أن السجع المذموم في الدعاء هو الْمُتَكَلَّف ، فإنه يُذهب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِى عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعْمال فِكْر لكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن . اهـ . النوع الثاني : سَجع غير مُتكلّف ، وهو وارد في الكِتاب وفي السنة . والفَرق بينهما أن الأول يُجعل آخر الكلام على نَسَق واحِد ، ولا يتأتّى هذا إلا بِتكلّف . والثاني يأتي من غير تكلّف . قال ابن عبد البر رحمه الله : السجع كلام كسائر الكلام ؛ فَحَسَنه حَسَن ، وقبيحه قبيح . وقال في قوله صلى الله عليه وسلم : " كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن اعتق " : وفيه إجازة السجع الْحَقّ مَن القَوْل ... وهذا تفسير قوله في سجع الأعرابي : " أسَجْعًا كَسَجْع الكُهَّان " ؛ لأن الكُهّان يَسجعون بالباطل ليخرصون ويرجمون الغيب ويحكمون بالظنون ، وكذلك عَاب سَجعهم وسَجْع مَن أشْبه مَعنى سجعهم . اهـ . وقال النووي : جواز السجع إذا لم يُتَكَلّف ، وإنما نَهَى عن سَجع الكهان ونحوه مما فيه تَكَلّف . وقال أيضا : السجع المذموم في الدعاء هو المتكلَّف ، فإنه يُذْهِب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعمال فِكر لِكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن [/font]. اهـ . وقال ابن حجر : لا كراهة في السجع في الكلام إذا لم يكن عن قَصد ولا مُتَكَلَّفا . اهـ . وقال أيضا في التفريق بين النوعين : قوله : " وغَلب الأحزاب وَحْده ، فلا شيء بعده " هو من السجع المحمود . والفرق بينه وبيه المذموم ؛ أن المذموم ما يأتي بِتَكَلّف واستكراه ، والمحمود ما جاء بانسجام واتفاق ، ولهذا قال في مثل الأول : أسَجْع مِثل سَجْع الكُهّان ... ووقع في كثير من الأدعية والمخاطبات ما وقع مَسجوعا ، لكنه في غاية الانسجام الْمُشْعِر بأنه وَقَع بِغير قَصد . اهـ . فما يقع في الْخُطَب والمحاضرات والأدعية مِن سَجْع قد يكون مُتكلّفا ، فيُنهَى عنه ، وإن كان بغير تكلّف فلا يُنهَى عنه . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 08:14 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى