![]() |
ما معنى حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام .. وهل فيه سوء تعامل مع غير المسلمين؟
ما معنى هذا الحديث فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً , فبعض الطاعنين يدندن حول كون الحديث من سوء أخلاق المسلمين في التعامل مع غير المسلمين ..
عنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ آ« لاَ تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلاَمِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ آ». الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ليس هذا من سوء أخلاق المسلمين . وقد يُقال : هذا مسلم يُدافع عن الإسلام ! فأقول : شواهد حُسن المعاملة للكفار في ديننا كثيرة ، وقد شهد الكفار بذلك قبل المسلمين . ومِن ذلك : حُسن مُعاملة الأسرى في الإسلام ، فقد قال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) . وجاء الحث على حُسن المعاملة مع الكفار الذين لم يُحاربوا دِين الله ، كما قال عزَّ وَجَلّ : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) . وجاء النهي عن التفريق بين المرأة وأولادها في حال السّبي . قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . رواه الإمام أحمد والترمذي . وحسنه الألباني والأرنؤوط . وأمَر الله بالعدل مع الناس جميعا ، فقال : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) . وأمَر الله عزَّ وَجَلّ بإحسان القول للناس عموما ، فقال : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) . قال ابن عبد البر : ولم يُبَح لنا أن نَشتمهم ابتداء . اهـ . واختار الكفار حُكم الإسلام على حُكم بني جِلدتهم في بعض حوادث التاريخ . وما ذلك إلاّ لِعلمهم بِعدل الإسلام وأهله . وقد يُخاطر المسلم بِنفسه ويُعرّضها للتَّلَف دِفاعا عن أهل الذمة ، وما عُقِد لهم مِن ذِمّة . قال القرافي في " الفروق " : حكى ابن حزم في " مراتب الإجماع " له : أن مَن كان في الذمة ، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه ؛ وَجَب علينا أن نَخرج لِقتالهم بالكُراع والسلاح ونَموت دون ذلك ، صونا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لِعقد الذمة . وحكى في ذلك إجماع الأمة . فعَقْدٌ يَؤدِّي إلى إتلاف النفوس والأموال صَونا لِمُقْتَضاه عن الضياع ؛ إنه لعظيم. اهـ . وأما ما في هذا الحديث فهو مقصود لأمرين : الأول : إظهار عِزّة المسلم ، وذِلّة الكفر . والثاني : الترغيب في الإسلام ، والتنفير مِن الكُفر . ولذلك لَمَّا مرّ ابن عُمر بنصراني ، فسلَّم عليه ، فَرَدّ عليه ، فأخبر أنه نصراني ، فلما عَلِم رَجَع إليه ، فقال : رُدّ عليّ سلامي . رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " . قال النووي : لو سَلَّم مُسلم على من ظنه مسلما فَبَان كافرا ؛ قال المتولي وغيره : يُستحبّ أن يَسْتَرِدّ سلامه ، فيقول له : رُدّ عليّ سلامي ، أو : اسْتَرْجَعْتُ سلامي . والمقصود إيحاشه ، وأنه لا مُؤالفة بينهما . وقال العَيني : وإن سَلّم على رجل ظنه مسلما فإذا هو كافر ؛ استُحِب أن يَردّ سلامه ، فيقول : رُدّ عليّ سلامي ، والمقصود مِن ذلك : أن يُوحِشه ، ويُظهر له أن ليس بينهما إلْفَة . وقال الشوكاني : وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ إنْزَالِ الصَّغَارِ بِهِمْ وَالإِذْلالِ لَهُمْ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَلْيَكُنْ التَّضْيِيقُ بِحَيْثُ لا يَقَعُ فِي وَهْدَة ، وَلا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ وَنَحْوُهُ . اهـ . وللفائدة : ما حكم محبة المسلم لصديقه النصراني وتعلقه به ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=14214 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 02:20 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى