منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسم الأسرة المسلمة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=13)
-   -   نَذَرَ دم ابنه في سبيل الله (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5108)

نسمات الفجر 28-02-2010 02:48 AM

نَذَرَ دم ابنه في سبيل الله
 

فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي : أعرف رجل نذر دم ابنه ذو الأربع سنوات لله أي أنه يقول أنا منذ أن رزقت بولدي هذا نذرت دمه لله أي يريده يجاهد إذا كبر الولد ويقول أنه وصى أم الطفل ( زوجته ) بأن تكمل وصيته إذا مات ؟
فما حكم مثل هذا النذر ؟
وجزاك الله الفردوس.

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجُزيت الجنة
وبُلِّغت آمالك

النذر هنا على نوعين :

أحدهما : مثل نذر أم مريم لما في بطنها ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
وقد جاء في تفسير الآية أنها نذرت ما في بطنها وفرّغته لخدمة الكنيسة أو لخدمة بيت المقدس .
وهذا لا يوجد في الإسلام .

والثاني : مثل قول نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام : لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين ، كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقُل إن شاء الله ، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل ، والذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله ، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون . رواه البخاري ومسلم .

ولكن هل هذا الذي نذر سيجد من ابنه مثل ما وجد إبراهيم من إسماعيل عليهما الصلاة والسلام ؟

حين قال إسماعيل لأبيه : (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)

روى الإمام مالك وابن أبي شيبة مِن طريق القاسم بن محمد أنه قال : أتت امرأة إلى عبد الله بن عباس ، فقالت : إني نذرت أن أنحر ابني . فقال ابن عباس : لا تنحري ابنك ، وكفِّري عن يمينك ، فقال شيخ عند ابن عباس : وكيف يكون في هذا كفارة ؟ فقال ابن عباس : إن الله تعالى قال : (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ) ثم جَعل فيه من الكفارة ما قد رأيت !

ورواه الإمام البيهقي في باب ما جاء فيمن نذر أن يَذبح ابنه أو نفسه ، وقال عقبه : وفى رواية جعفر : فقال له شيخ : وكيف تكون كفارة في طاعة الشيطان ؟! فقال : بلى ، أليس الله يقول - فَذَكَر معناه - . هذا إسناد صحيح . اهـ .

قال ابن رجب في تفسير قوله تعالى : (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا) :
وقد ذكَرَ طائفة من المفسرين : أنَّ هذا كانَ شرعًا لَهُم ، وأنَّ شرْعَنا غيرَ موافقٍ له .
وخالفهُم آخرون :
قال القاضي أبو يَعْلَى في " كتاب أحكام القرآنِ " : هذا النذرُ صحيح في شريعتِنَا ، فإنَّه إذا نذَرَ الإنسانُ أن ينَشِّئَ ولدَهُ الصغيرَ على عبادةِ اللَّهِ وطاعتِهِ ، وأنْ يعلمَه القرآنَ والفقهَ وعلومَ الدِّينِ ؛ صَحَّ النذرُ .
وهذا الذي قالَهُ حقٌّ ؛ فقدْ قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَن نذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فليطعْه " .
فلو نذرَ أحد أن يَخدُمَ مسجدا للَّهِ عزَّ وجلَّ لزِمَه الوفاءُ بذلكَ مع القدرةِ ، وأمَّا إنْ نذَرَ أن يجعلَ ولده للَّهِ ملازمًا لمسجدٍ يخدُمُه ويتعبَّدُ فيه ؛ فلا يبعد أن يلزمَهُ الوفاءُ بذلكَ ، فإنَّه نذرُ طاعةٍ فيلزمه أن يُجرِّد ولدَه لِمَا نذرَهُ له ، ويجبُ على الولدِ طاعةُ أبيه إذا أمرَهُ بطاعةِ اللِّهِ عزَّ وجلّ .
وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ على أن الكافرينِ إذا جعَلا ولدهُمَا الصغيرَ مسلمًا ؛ صار مسلمًا بذلكَ .
ولو وقفَ عبْدَهُ على خدمةِ الكعبةِ صحَ - نصَّ عليه أحمدُ – أيضًا .
ونصَّ في عبدٍ موقوفٍ على خدمةِ الكعبةِ أنَّه إذا أبَى أن يخدُمَ بيعَ واشتُري بثمنِهِ عبد يخدمُ مكانَهُ . اهـ .

والله تعالى أعلى وأعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


الساعة الآن 06:16 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى