![]() |
ما الردّ على مَن يُجيز الاختلاط ويقول إنه لا يوجد دليل يوجِب الفصل بين الجنسين ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد أكثر أستاذ أصول التربية في كلية الشريعة في كل فصل دراسي طرح استفسار حول " الاختلاط " مؤكداً أنهُ لا يوجد دليل من الشارع على وجوب الفصل بين الجنسين في التعليم عامة ، وخصوصاً بين الأطفال الصغار الذين في المرحلة الابتدائية وما دونها ، لأن الأطفال تملأهم البراءة . وتساءل متعجباً عن سبب وجود الستائر في حافلات البنات مؤكداً أن ذلك من التشدد الذي لا مبرر له . ثم أبدى رأياً- ولم يفرض- فقال في جميع البلدان المجلس داخل البيت مفتوح يطل على باقي البيت دون جدران أو ستائر ، أما هنا فالمجلس غرفة خاصة مغلقة كأنها سجن داخل البيت . ملاحظة : الدكتور من غير أبناء الوطن. السؤال باختصار / هل كلام الدكتور صحيح ؟؟ وما رأيك يا شيخ؟؟؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بل دلّت الأدلة الكثيرة على تحريم الاختلاط ، ومنها : أن النساء لم يكنّ يُصلين مع الرجال ، بل يُصلين في مؤخِّرة المساجد والْمُصلَّيَات ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خَطَب خطبة العيد ظنّ أنه لم يُسمِع النساء لِبُعدِهن ، فوعظهن . روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَج ومعه بلال فظنّ أنه لم يسمع فوعظهن وأمَرَهنّ بالصدقة . وفي رواية للبخاري : ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال . فهذا يدل على أنه شقّ صفوف الرجال حتى أتى صفوف النساء في مؤخِّرة المصلى . ولو كُنّ جنبا إلى جنب مع الرِّجال لما احتاج الأمر إلى أن يُسمعهنّ ، ولما شق صفوف الرِّجال حتى يأتي النساء . ولما قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك . فوعدهن يوما لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن . رواه البخاري . أما لو كانت النساء في وسط صفوف الرِّجال ومختلطات بهم هل كُنّ يُغلّبن مِن قِبَل الرِّجَال ؟! بمعنى : لو كان هناك اختلاط وعدم فصل ، هل كُنّ بحاجة إلى يوم مستقل لتعليمهنّ ؟ وكانت النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال . روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟ قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب . قلت : كيف يخالطن الرجال ؟ قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت : عنكِ ، وأَبَتْ . ومعنى ( حَجْرَة ) أي ناحية . يعني أنـها لا تُـزاحم الرجال في الطواف . ومعنى " أبت " : أي رفضت أن تُزاحم الرجال لِتستلم الحجر أو الركن . وقالت أم سلمة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم . قالت : نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال . رواه البخاري . بل قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في زمنه لما اختلط الرجال مع النساء في الطريق ، وهو خارج من المسجد ، فقال : استأخرن ، فأنه ليس لكن أن تُحقِّقْنَ الطريق . عليكن بحافّات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . رواه أبو داود . وأمَر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها أن تَطوف مِن وراء الناس قالت أم سلمة رضي الله عنها : شَكَوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي قال : طُوفي مِن وَرَاء الناس وأنت رَاكِبَة . رواه البخاري ومسلم . قال ابن عبد البر : وَأَمَّا طَوَافُ النِّسَاءِ مِنْ وَرَاءِ الرِّجَالِ فَهُوَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ : " طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ " وَلَمْ يَكُنْ لأَجْلِ الْبَعِيرِ ، فَقَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اتِّصَالِهِ بِالْبَيْتِ لَكِنْ مَنْ طَافَ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى بَعِيرٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِنْ خَافَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا أَنْ يَبْعُدَ قَلِيلا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْبَيْتِ زِحَامٌ ، وَأَمِنَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا فَلْيَقْرُبْ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَطُوفَ وَرَاءَ الرِّجَالِ؛ لأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ ، فَكَانَ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَكُنَّ وَرَاءَ الرِّجَالِ كَالصَّلاةِ . قال الْمُهَلّب : ينبغي أن تَخْرج النساء إلى حَوَاشِي الطّرُق ، وقد اسْتَنْبَط بعض العلماء مِن هذا الحديث طَوَاف النساء بِالبَيْت مِن وَرَاء الرجال لِعِلّة التّزَاحُم والتّناطح . قال ابن بطال : قال غيره : طََواف النساء مِن ورَاء الرِّجال هي السُّنّة ؛ لأن الطواف صَلاة ، ومِن سُنة النساء في الصلاة أن يَكُنّ خَلْف الرجال ، فكذلك الطّواف . اهـ . وقال النووي : سُنّة النساء التّباعد عن الرِّجال في الطواف . اهـ . ولما دخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا ، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : لا آجرك الله . لا آجــرك الله . تدافعين الرجال ؟ ألا كبّرتِ ومررتِ . رواه الشافعي والبيهقي . ألا تدلّ هذه الأدلـة على تحريم الاختلاط ومنعه ؟ فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم مَنَع الاختلاط في الشارع والطريق ، أفلا يكون منعه في مقاعد الدراسة أولى ؟! الجواب : بلى والله . وأما قوله : (في جميع البلدان المجلس داخل البيت مفتوح يطل على باقي البيت دون جدران أو ستائر ، أما هنا فالمجلس غرفة خاصة مغلقة كأنها سجن داخل البيت) فأقول : ومتى كان فعل الناس حُجّـة ؟! وهل الشرع والتشريع يُؤخذ من أفعال الناس ؟! هل يُمكن أن يُقال : في بلدان إسلامية كثيرة خمّارات ومواخير ؟! أما هنا فلا يُوجَد ! ولا يوجد دليل واحد على جواز الاختلاط ، فلم يكن ثمّ اختلاط في المجتمع النبوي ، لا في الطرقات ولا في المساجد ولا في العِلم والتعليم . وكان في زمن سلف هذه الأمة المرأة تُعلِّم وتتعلّم من وراء حجاب ومن وراء سِتر . ولذلك قال مسروق : سمعت عائشة وهى من وراء الحجاب . رواه البخاري ومسلم . وعند البخاري من طريق يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يُبايَع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ! فدخل بيت عائشة ، فلم يقدروا ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي) فقالت عائشة - من وراء الحجاب - : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عُذري . فالشاهد أن عائشة رضي الله عنها كانت تُكلِّم الناس من وراء حجاب . قال الإمام البخاري في ترجمة عبد الله أبي الصهباء الباهلي : ورأى سِتْر عائشة رضي الله عنها في المسجد الجامع ، تُكَلِّم الناس من وراء السِّتر ، وتُسأل من ورائه . اهـ . وليس هذا مختصاً بأمهات المؤمنين بل كانت النساء إذا تعلّمن أو عَلّمن يكون ذلك من وراء حجاب . ففي ترجمة الحرّة البسطامية : وكان يُقرأ عليها من وراء السِّتر . وكانت النساء يَكُنّ من وراء الستور . ففي المسند عن عبد الله أبي عبد الرحمن قال : سمعت أبي يقول : جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب ، فأذن لهم فقالوا : حَدِّثنا . قال : سلوا . فقالوا : ما معنا شيء نسألك عنه ، فقالت ابنته - من وراء السِّـتْر - : سَلُوه عن حديث عرفجة بن أسعد أُصيب أنفه يوم الكُلاب . والشواهد كثيرة على أن مجالس سلف هذه الأمة وخيارها لم تكن مفتوحة على بعض بل كان بينها السّتور . كما أن نساء هذه الأمة لم يَكنّ يتعلّمن أو يَتعلّمن إلاّ مِن وراء حِجاب وسِتر . ونَصّ العلماء على مَنْع وتحريم الاختلاط حتى في المجالس في البيوت قال ابن العربي: الْمَرْأَة لا يَتَأَتَّى مِنْهَا أَنْ تَبْرُزَ إلى الْمَجْلِس ، وَلا تُخَالِطَ الرِّجَالَ ، وَلا تُفَاوِضَهُم مُفَاوَضَةَ النَّظِيرِ لِلنَّظِيرِ ؛ لأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ فَتَاةً حَرُمَ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَكَلامُهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً بَرْزَةً لَمْ يَجْمَعْهَا وَالرِّجَالَ مَجْلِسٌ وَاحِدٌ تَزْدَحِمُ فِيهِ مَعَهُمْ ، وَتَكُونُ مَنْظَرَةً لَهُمْ ، وَلَنْ يُفْلِحَ قَطُّ مَنْ تَصَوَّرَ هَذَا ، وَلا مَنِ اعْتَقَدَهُ ! (أحكام القرآن) و البّرْزَة هنا : الكَهْلة التي لا تَحتَجِب احتِجَاب الشّوابّ ! ومَن احتِيج إلى عِلمِها مِن نِساء السّلَف : عَلّمَت ونَشَرت العِلْم مِن وراء حِجَاب وسِتْر وهنا : الرد على القائل بِحُرمة اتخاذ الأرقاء وجواز سَفَر المرأة بلا مَحرَم وغنائها وتمثيلها وخلع حجابها https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1922 الجامعة مختلطة وتمنع الحجاب ، هل يجوز الاستمرار فيها ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4057 ما هو الحجاب الشرعي ، وما حكم دراسة زوجتي في المعاهد والجامعات الكندية المختلطة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=781 تلقى محاضرة عن القدس أمام النساء والرجال مُتعلّلة بأن السيدة عائشة كانت تفتى الرجال ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9336 سؤال عن خروج بعض الْمُنقّبات في الفضائيات مِن أجل الدعوة أو تحفيظ القرآن http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9146 هل مِن ضمن مشايخ شيخ الإسلام ابن تيمية عالِمَات مُفتيات ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1613 ما الرد على موضوع ( مشاركة المرأة ولقاؤها الرجال في عصر الرسالة ) ؟ https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15376 يُقال : لماذا يُمنع الاختلاط في المعارض الجامعية ويُسمح به في الأسواق ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14333 ما هي ضوابط الاختلاط فى الشرع ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=535 نظرة تحليلية : هل لمنع الإختلاط أصل في الإسلام ؟! http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4130 تُدَافِع عن عمل المرأة وتقول : إن إحدى نساء النبي كانت تتاجر بدلا منه http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1650 لا آجركِ الله https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6455 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 01:25 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى