![]() |
عمدة الأحكام - ح 32 و 33 في صفة الغسل من الجنابة واغتساله عليه الصلاة والسلام مع عائشة
شرح عمدة الأحكام ح 32 عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ، ثم توضأ وضوءه للصلاة ، ثم يغتسل ، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده . ح 33 وكانت تقول : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، نغترف منه جميعا فيهما مسائل : 1 = هذا الحديث قسمه بعضهم إلى حديثين ، وهو حديث واحد ، فإن قوله : وكانت تقول .. إلخ من رواية البخاري بالإسناد نفسه وفي الموضع نفسه . فرواية البخاري : ثم غسل سائر جسده ، وقالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، نغرف منه جميعا . 2 = تكرر كثيراً أن لفظ ( كان ) يدلّ على كثرة ملازمة الفعل . فعلى هذا يكون أكثر اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة رضي الله عنها على هذه الصفة ، ولا يعني أنه حافظ على هذه الصفة دون غيرها ، وسيأتي - إن شاء الله - بعده حديث ميمونة رضي الله عنها ، وفيه اختلاف . 3 = قولها رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة أي إذا أراد الاغتسال . وتخصيص الغسل بأنه من الجنابة ليُباين غسل النظافة والتّبرّد . 4 = غسل يديه : أي قبل أن يُدخلهما في الإناء ، وهو مُصرّح به في حديث ميمونة . وجاء في رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يده . 5 = " ثم يغتسل ، ثم يخلل بيده شعره " فيه تقديم وتأخير . أي انه يُخلل شعره بيده ، ثم يغتسل بعد ذلك . 6 = كيف يغسل رأسه ؟ يُخلل شعر رأسه بيده ، والتخليل إدخال الأصابع بين أجزاء الشعر . والتخليل هو إدخال شيء بين أشياء . ومنه : تخليل الأسنان . وقد جاء في رواية للبخاري : ثم يدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غُرف بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كله . وفي رواية له : إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحِلاب ، فأخذ بكفه ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، فقال بهما على رأسه . وفي رواية له من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا ، وأشار بيديه كلتيهما . 7 = الغسل نوعان : غسل كامل غسل مجزيء فالغسل الكامل : هو مثل روته عائشة وما روته أيضا ميمونة على ما سيأتي بيانه . وأما المجزئ : فمن اغتسل ولم يبدأ بالوضوء فغسله صحيح ، وهو ما يُسمّى الغسل المجزئ ، ومثله ما لو انغمس الجنب في ماء جار أو في البحر بنيّة الاغتسال أجزأه إذا عمّم جسده بالماء ، أو دخل تحت ما يُسمّى بـ " الدش " أو صب الماء وعممه على جسمه ، وتمضمض واستنشق سواء قبل الغسل أو بعده ، فمن فعل ذلك فقد تطهّر من الجنابة . ولا شك أن الغسل الكامل أفضل . 8 = وتوضأ وضوءه للصلاة ، أي مثل وضوئه للصلاة . وفي حديث ميمونة - الآتي - أنه أخّـر غسل قدميه إلى ما بعد غسل سائر بدنه . 9 = أروى بشرته : يعني بلل شعره فوصل الماء إلى أصول شعره حتى بلغ جلد الرأس وهو المقصود بـ " بشرته " . والحكم عام في الرجال والنساء . ففي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي ، فأنقضه لغسل الجنابة ؟ قال : لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء ، فتطهرين . رواه مسلم . 10 = أفاض : أي أفرغ الماء وصبه على جسده . 11 = التثليث في الغسل إنما هو في الرأس دون سائر البدن . 12 = هل يُشترط دلك الجسم باليد حال الاغتسال ؟ قال ابن قدامة - رحمه الله - : ولا يجب عليه إمرار يده على جسده في الغسل والوضوء إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده . 13 = هل يُجزئ الغسل عن الوضوء ؟ تقدم الكلام عنها ، وستأتي الإشارة إليه في حديث ميمونة رضي الله عنها . 14 = جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد . وتلطف النبي صلى الله عليه وسلم في الاغتسال مع زوجاته . وينبني على ذلك أن يغرف الرجل والمرأة من إناء واحد وقد جاء في رواية لمسلم : قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد ، فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي . وينبني عليه أن يرى كل واحد منهما عورة الآخر . سُئل الإمام مالك رحمه الله : أيُجامع الرجل زوجته وليس بينهما ستر ؟ قال : نعم . فقيل له : إنهم يرون كراهة ذلك . فقال : قد كان النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة يغتسلان عريانين ، والجماع أولى بالتّجرّد . وقال أيضا : لا بأس أن ينظر إلى فرجها في الجماع . قال ابن الملقن : وهو الـمُـرجّـح عندنا أيضا . ( يعني في مذهب الإمام الشافعي ) ولا يصح في النهي عن التجرّد حال الجماع حديث . كما لا يصح في النهي عن نظر أحد الزوجين لعورة صاحبه حديث . وأما حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال : قلت : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك . قال : قلت : يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال : إن استطعت أن لا يرينها أحد ، فلا يرينها . قال : قلت : يا رسول الله إذا كان أحدنا خالياً ؟ قال : الله أحقّ أن يستحيا منه من الناس . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى . فهو محمول على الندب والاستحباب . وقد بوّب الإمام البخاري : باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ، ومن تستر فالتستر أفضل . وقال بهز عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : الله أحق أن يستحيا منه من الناس . ثم ساق قصة اغتسال موسى عليه الصلاة والسلام عريانا . وساق قصة اغتسال أيوب عليه الصلاة والسلام عريانا . والله تعالى أعلى وأعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 04:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى