![]() |
حقيقة سعادة الكفار .... كيف ؟ وهل هم سعداء ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم حقيقة سعادة الكفار .... كيف ؟ وهل هم سعداء ؟؟ قال ابن القيم في قوله تعالى : ( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) . قال : هذا في دورهم الثلاث ليس مختصا بالدار الآخرة وإن كان تمامه وكماله وظهوره إنما هو في الدار الآخرة وفي البرزخ دون ذلك ، كما قال تعالى : ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) . فالأبرار في نعيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة . والفجار والكفار في جحيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة . انتهى . وقد يرد إشكال لدى بعض الناس ، وقد قرأته في بعض المنتديات ، وهو : نحن نرى الكفار في دنياهم في نعيم وسعادة !! فأقول : أولا : لا بد أن يُعلَم أن الدنيا جنة الكافر . كما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم . فما يمتّع به الكافر هو جزء من هذه الجنة ، أي جنة الدنيا وزهرتها ، وهذا بالنسبة للنار يُعتبر جنة بما في دُنياهم من مشكلات ومنغصات . ثانيا : أن الكفار في جحيم في دورهم الثلاث ، وبيان ذلك أنهم في الدنيا ليسوا في راحة نفسية ولا في طمأنينة كما هو الحال عند المسلم الموقن ، الذي يعلم أين مصيره بعد الموت ، وأنه وإن فاتته هذه الدنيا فإنه موعود جنة عرضها السماوات والأرض . والكافر يعيش الخوف والقلق على المستقبل ومن المستقبل . ولذا لما قرب عام 2000 م انتحر من انتحر ظنا منهم أنها نهاية الدنيا !! وكذلك حدث عند اقتراب خبر الكسوف الكلي للشمس في نفس العام عندهم . ثم إن الكافر في جحيم لأن وعد الله حق ، والله لا يخلف الميعاد ، ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) وكلما زاد البعد عن الله ازداد الضيق والضنك . وقال تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) وفي الآية الأخرى قال جل وعلا : ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) . وجاء في تفسير هذه الآية : أن صدر الكافر ضيّق كَضِيق التنفس لدى مَن يَصعد طبقات الجو . ويدل على شدة الضيق وزيادة الضنك كثرة حوادث الانتحار في بلاد الكفار . وهي نسب متزايدة في كل عام . لكن من يعيش خارج تلك المجتمعات يرى بريق الحضارة ويَعمى أحيانا عن حقيقة حياة القوم ، فهي حياة شقاء في شقاء ، وتعاسة تتلوها تعاسة ، وإن ضحكوا أو تراقصوا ! لقد بلغوا شأنا في الحضارة المادية بل لعلهم بلغوا قمة الحضارة المادية ، غير أن ذلك على حساب الروح والأخلاق . فكلما ارتفعت صروح الحضارة كلما تهاوت القيم والأخلاق والمبادئ . وصدق الله القائل في محكم التنزيل : ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) والمعنى أن الذين آمنوا ولم يُخالط إيمانهم شرك - كما فسّره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم - أن لهم الأمن في الدنيا والآخرة ، الأمن بِنَوعيه : الأمْن النفسي والأمن الاجتماعي " الحِسي " . (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فَلَهم الهداية في الدنيا والآخرة . والكافر وإن أمِـن في الدنيا فإنه أمان حِسي ، وهو ما يكون في الديار ، إلاّ أنه ليس في أمان نفسي . وحدثني بعض المسلمين الذين يُقيمون في أوربا أنهم عاشوا سنين مَسغبة وفَقر عند قدومهم لأوربا أول مرة ، وكان أحدهم يرى بعض الكفار ممن انقطعوا عن العمل أو طـُـردوا منه وعندهم مِن الأموال ما يَكفيهم ، فكانوا يرون في وجوههم القلق والاضطراب ، بينما أولئك المسلمين يَمزحون ويتضاحكون ، وإن أكلوا الخبز الجاف !! وإن طبخوا القهوة في قدر !! فقلت لهم : هذا هو الغنى الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس ، كما في الصحيحين . فلو كان لابن آدم أودية الدنيا ذهبا وهو خائف قلق عليها لما تحقق له الغنى النفسي ، ولما تحقق له الأمن النفسي . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 08:33 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى