![]() |
عمدة الأحكام - الحديث الثالث عشر : في دعاء دخول الخلاء
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الثالث عشر الحديث الثالث عشر : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث . فيه مسائل : = لفظ ( كان ) يدل على الكثرة ومُلازمة الفعل . = إذا دخل الخلاء . يعني إذا أراد الدخول ، كما جاء به مصرّحـاً في رواية للبخاري : إذا أراد أن يدخل . وهذا كقوله تعالى : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) يعني إذا أردت أن تقرأ القرآن ، فالاستعاذة محلّها قبل القراءة لا أثناء القراءة ولا بعدها . = المقصود بالخلاء . أماكن قضاء الحاجة . فقد جاء في رواية لمسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الكنيف قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث . والكنيف : هو مكان قضاء الحاجة ، ومنه قول عائشة في قصة الإفك : وخَرجت معي أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التـّـنـزّه ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا . رواه البخاري ومسلم ، وهو حديث طويل . = معنى قوله : اللهم . أي أستعيذ بك يالله . وقد جاء في رواية لمسلم : أعوذ بالله من الخبث والخبائث . = ضبط الخبث ( بضم الخاء والباء ) ( الخُـبُـث ) وضُبِطت ( الخُـبْـث ) = المقصود بالخُبُث والخبائث . الخُـبُـث بضم الباء : ذُكران الجن ، والخبائث : إناثهم ، فيستعيذ بالله من ذكران الجن وإناثهم . الخُـبْـث بسكون الباء : الشيطان ، والخبائث : النجاسات من بول وغائط . وعليه تُحمل رواية ابن أبي شيبة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الخبيث والخبائث . وقيل : الخبث : الشرّ ، وقيل : الكفر . وليس ثم مانع من اجتماع هذه الأشياء ، وأن يقصد الاستعاذة منها جميعا . وكان كان حذيفة رضي الله عنه إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم . رواه ابن أبي شيبة . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إذا دخلت الغائط فاردت التكشف فقل : اللهم إني أعوذ بك من الرجس والنجس والخبث والخبائث والشيطان الرجيم . رواه ابن أبي شيبة . = سبب الاستعاذة أن بيوت الخلاء ودورات المياه ، وما نُسميه " الحمامات " هي أماكن الشياطين ومساكنها . ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكُبرى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح . والمقصود بـ " الحشوش " بيوت الخلاء حيث تُقضى الحاجة ، وهو جمع حُـشّ . وسبب آخر ، وهو أن الإنسان يحتاج إلى كشف عورته حال قضاء الحاجة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . رواه ابن ماجه من حديث علي رضي الله عنه . ورواه الترمذي بلفظ : ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله . والحديث صححه الألباني في الإرواء بمجموع طُرقـه . = حُـكـم هذا الدعاء عند دخول الحمام . قال ابن المُلقّن : مُجمع على استحبابه . = لو نسي الاستعاذة ، فلا يجب عليه شيء ، ولكن إذا تذكر بعدما دخل دورة المياه فإنه يقول هذا الدعاء بنفسه دون التلفّـظ بـه . = في هذا الحديث حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن من شؤونه وفي كل أمر من أموره . = كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال : غُفرانك . رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح . ومعنى غفرانك : أي أسألك مغفرتك . قال ابن القيم : في سبب قوله : غفرانك . قال : وفي هذا من السر - والله أعلم - أن النجو ( يعني الغائط ) يُثقل البدن ويؤذيه باحتباسه ، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه ، فهما مؤذيان مضرّان بالبدن والقلب ، فَحَمِدَ الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه ، وخفّـة البدن وراحته ، وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه . انتهى كلامه - رحمه الله - . = وأما حديث : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني . فهو ضعيف ، كما بينه الشيخ الألباني - رحمه الله - في الإرواء ح 53 = لم يصح حديث في مسألة دخول الخلاء بالرجل اليسرى ، والخروج بالرجل اليُمنى . إلا أنه تقدّم حديث عائشة رضي الله عنها في مسألة التيمّـن ، وبيان ذلك كله هناك . والله تعالى أعلم . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 06:54 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى