منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   شرح أحاديث عمدة الأحكام (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=52)
-   -   عمدة الأحكام - الحديث التاسع والعشرون : في نجاسة بول البالغ وتطهير البقعة (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6780)

راجية العفو 12-03-2010 06:37 PM

عمدة الأحكام - الحديث التاسع والعشرون : في نجاسة بول البالغ وتطهير البقعة
 

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث التاسع والعشرون


الحديث التاسع والعشرون
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه .


فيه مسائل :

1 = في رواية لمسلم : أن أعرابيا بال في المسجد ، فقام إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه ولا تزرموه . قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء ، فصبه عليه .
وفي رواية له : أن أعرابيا قام إلى ناحية في المسجد فبال فيها ، فصاح به الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه . فلما فرغ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب ، فصُبّ على بوله .

وفي رواية له أيضا قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه ، دعوه . فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن . فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه .

وعند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فصلى ركعتين ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد تحجرت واسعاً . ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد ، فأسرع الناس إليه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين . صبوا عليه سجلا من ماء - أو قال - : ذنوبا من ماء .

2 =
ما المقصود بالأعرابي هنا ؟
يُقصد بالأعرابي من سكن البادية
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من بدا جفا . رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني .
ومن هنا احتُمِل ما صدر منه لِبعده عن العلم .

وهذا الرجل قيل فيه : هو القائل والسائل والبائل !
القائل : اعدل يا محمد
والسائل : اللهم ارحمني ومحمدا
والبائل : يعني في المسجد

3 =
فَبَالَ : أي أخذ يتبوّل .

4 =
في طائفة المسجد : في ناحية المسجد .
وذكر بعض أهل اللغة أنه يُقال للمسجد : مَسْـيَد .

5 =
الزجر ، هو النهي والمنع
وفي ألفاظ الحديث :
فزجره الناس
فصاح به الناس

6 =
حِكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذا الرجل ، ورفقه صلى الله عليه وسلم به .
وهذا شأنه صلى الله عليه وسلم مع الجاهل ، أما المعاند فيختلف التعامل معه .
ولذا تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والرفق واللين مع هذا الأعرابي ، ومثله تعامله صلى الله عليه وسلم مع معاوية بن الحكم السلمي لما تكلّم في الصلاة ، حتى قال رضي الله عنه : فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني . قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن . رواه مسلم .
ومعنى ما كهرني : أي ما انتهرني .

وحِكمة أخرى في ذلك ، وهي تأليف قلب الرجل .
وتأمل رفقه صلى الله عليه وسلم بتعليم هذا الرجل الذي ارتكب هذا الخطأ في مسجده صلى الله عليه وسلم ، فلم يزد عليه الصلاة والسلام أن قال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن .

7 =
فقه إنكار المنكر
فإن إنكار المنكر إذا ترتّب عليه وقوع منكر أكبر أو مماثل ، فإنه لا يُنكر .
وهنا نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الإنكار عليه بقوله : دعوه .
وعلل ذلك بقوله : لا تزرموه .

8 =
معنى " لا تُزرِموه "
أي : لا تقطعوا عليه بوله .
والسبب في ذلك ما يترتّب عليه من المفاسد
ومنها :
- تنجيس بقعة أكبر مما نجسه .
- تنجُّس ثياب الرجل .
- تضرر الرجل باحتباس البول .

9 = جواز إنكار المنكر والوعظ من المفضول مع وجود الفاضل .
وهذا مأخوذ من قوله : " فزجره الناس "

10 =
فيه دليل على نجاسة بول الآدمي .

11 =
تطهير الأرض بإكثار صب الماء عليها ، ومثلها الفُرش التي يصعب رفعها أو نزعها .
ولا يُشترط في تطهير التراب أن تُحفر الأرض أو يُرفع التراب .
فالنبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بإراقة الماء على البول .
ومثله لو نزل المطر على أرض نجسة فإنها تطهر إذا كان المطر كثيراً بحيث يُزيل النجاسة

12 =
الذّنُوب والسِّجل والدّلو بمعنى واحد .

13 =
وجوب احترام المساجد وصيانتها والعناية بها .

14 =
فيه قاعدة : دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما .
وهنا ضرر ، وهو التنجيس
وضرر أكبر ، وهي العلل التي سبقت .
واحتمال مضرّة واحدة خاصة وأنها قد وقعت أولى من احتمال عدة مضارّ .



كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم






الساعة الآن 08:13 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى