![]() |
عمدة الأحكام - الحديث التاسع والعشرون : في نجاسة بول البالغ وتطهير البقعة
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث التاسع والعشرون الحديث التاسع والعشرون عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه . فيه مسائل : 1 = في رواية لمسلم : أن أعرابيا بال في المسجد ، فقام إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه ولا تزرموه . قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء ، فصبه عليه . وفي رواية له : أن أعرابيا قام إلى ناحية في المسجد فبال فيها ، فصاح به الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه . فلما فرغ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب ، فصُبّ على بوله . وفي رواية له أيضا قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه ، دعوه . فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن . فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه . وعند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فصلى ركعتين ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد تحجرت واسعاً . ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد ، فأسرع الناس إليه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين . صبوا عليه سجلا من ماء - أو قال - : ذنوبا من ماء . 2 = ما المقصود بالأعرابي هنا ؟ يُقصد بالأعرابي من سكن البادية ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من بدا جفا . رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني . ومن هنا احتُمِل ما صدر منه لِبعده عن العلم . وهذا الرجل قيل فيه : هو القائل والسائل والبائل ! القائل : اعدل يا محمد والسائل : اللهم ارحمني ومحمدا والبائل : يعني في المسجد 3 = فَبَالَ : أي أخذ يتبوّل . 4 = في طائفة المسجد : في ناحية المسجد . وذكر بعض أهل اللغة أنه يُقال للمسجد : مَسْـيَد . 5 = الزجر ، هو النهي والمنع وفي ألفاظ الحديث : فزجره الناس فصاح به الناس 6 = حِكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذا الرجل ، ورفقه صلى الله عليه وسلم به . وهذا شأنه صلى الله عليه وسلم مع الجاهل ، أما المعاند فيختلف التعامل معه . ولذا تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والرفق واللين مع هذا الأعرابي ، ومثله تعامله صلى الله عليه وسلم مع معاوية بن الحكم السلمي لما تكلّم في الصلاة ، حتى قال رضي الله عنه : فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني . قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن . رواه مسلم . ومعنى ما كهرني : أي ما انتهرني . وحِكمة أخرى في ذلك ، وهي تأليف قلب الرجل . وتأمل رفقه صلى الله عليه وسلم بتعليم هذا الرجل الذي ارتكب هذا الخطأ في مسجده صلى الله عليه وسلم ، فلم يزد عليه الصلاة والسلام أن قال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن . 7 = فقه إنكار المنكر فإن إنكار المنكر إذا ترتّب عليه وقوع منكر أكبر أو مماثل ، فإنه لا يُنكر . وهنا نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الإنكار عليه بقوله : دعوه . وعلل ذلك بقوله : لا تزرموه . 8 = معنى " لا تُزرِموه " أي : لا تقطعوا عليه بوله . والسبب في ذلك ما يترتّب عليه من المفاسد ومنها : - تنجيس بقعة أكبر مما نجسه . - تنجُّس ثياب الرجل . - تضرر الرجل باحتباس البول . 9 = جواز إنكار المنكر والوعظ من المفضول مع وجود الفاضل . وهذا مأخوذ من قوله : " فزجره الناس " 10 = فيه دليل على نجاسة بول الآدمي . 11 = تطهير الأرض بإكثار صب الماء عليها ، ومثلها الفُرش التي يصعب رفعها أو نزعها . ولا يُشترط في تطهير التراب أن تُحفر الأرض أو يُرفع التراب . فالنبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بإراقة الماء على البول . ومثله لو نزل المطر على أرض نجسة فإنها تطهر إذا كان المطر كثيراً بحيث يُزيل النجاسة 12 = الذّنُوب والسِّجل والدّلو بمعنى واحد . 13 = وجوب احترام المساجد وصيانتها والعناية بها . 14 = فيه قاعدة : دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما . وهنا ضرر ، وهو التنجيس وضرر أكبر ، وهي العلل التي سبقت . واحتمال مضرّة واحدة خاصة وأنها قد وقعت أولى من احتمال عدة مضارّ . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 08:13 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى