![]() |
كتاب الحج
كِتَابُ الْحَجِّ
1= الحج لغة هو : القصد . و العمل . وقال الخليل بن أحمد : هو كثرة القَصْد إلى مَن تُعظِّم . ذَكَرَه ابن الملقِّن . وشرعًا : هو قصد مخصوص ، مِن شخص مخصوص ، إلى مَحَلٍّ مخصوص ، في زَمن مخصوص ، على وَجه مخصوص . ذَكَره ابن الملقِّن . شرح التعريف : قصد مخصوص : لإخراج سائر المقاصِد ، فهو قصد مخصوص . مِن شخص مخصوص : هو المسلم العاقل البالغ الْحُرّ القادر – وتزيد المرأة " وجود مَحْرَم " – . فالكافر لا يَصِحّ منه ، ولو حجّ حال كُفره لزمته الإعادة بعد إسلامه . والمجنون ، لا يَصِحّ منه تَقرّب . والصغير لو حجّ ثم بَلَغ ، أو العبد لو حجّ ثم عتِق ، فعليهم حجّة الإسلام . والقادر : الذي يجد المال والراحلة وما يَحجّ به زائدا عن قُوت مَن يَعول ، لأن الحج على الاستطاعة ومِن الاستطاعة في حق المرأة : وُجود الْمَحْرَم ، وسيأتي تفصيل ذلك . إلى محلّ مخصوص : هو مَكة – شرّفها الله – والمشاعر المقدّسة . في زمن مخصوص : هي أشهر الحجّ . على وجه مخصوص : هي أفعال الحج . فلو قصد مكة مَن تنطبق عليه شروط وُجوب الحج وأتى بأفعال الحج واختلّ شرط الزمن الخصوص لم يَكن فِعله حَجًّا ولا يُقبَل منه . وكذا لو اختلّ واحد مِن أركان التعريف . 2= هل يَجِب الحج على الفَوْر ؟ في المسألة قولان : الصحيح منهما : أنه يَجب على الفور . فإن قيل : فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يَحجّ إلاّ في آخر حياته . فكيف تقولون يجب على الفَور ؟ فالجواب : أن مكة لم تكن قبل ذلك دار إسلام إلاّ بعد الفتح . وقد بَعَث عليه الصلاة والسلام أبا بكر ثم أتبَعه بِعليّ رضي الله عنهما يُنادون في الناس : ألاَ لا يحج بعد العام مُشرك ، ولا يطوف بالبيت عُريان . كما في الصحيحين . فلو حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الظروف لم يتمكّن الصحابة رضي الله عنهم من أخذ مناسكهم عنه عليه الصلاة والسلام على الوجه المطلوب ، ولم تَتَمَحّض الصُّحْبَة المؤمِنة ، بل يكون في الناس مسلم ومشرك . فلما تم إعلان ذلك وإعلام الناس بذلك حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة . ثم إن دلالة القول أقوى مِن دلالة الفعل . فإنه صلى الله عليه وسلم قال : أيها الناس قد فَرَض الله عليكم الحج فَحُجُّوا . رواه مسلم . والأمر يقتضي المبادرة . فلو افترضنا تعارض القول لفِعل فإن الفعل مُقدَّم على القول ، كيف وهو ليس بينهما تعارض ؟! وبالوجوب على الفور القول قال أبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية . 3= حُكم العمرة : واجبة على القول الصحيح . قال تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) . قال القرطبي : في هذه الآية دليل على وُجُوب العُمرة ، لأنه تعالى أَمَرَ بإتمامها كما أَمَرَ بإتمام الحج . قال الصُّبَي بن مَعبد : أتيت عمر رضي الله عنه ، فقلت : إني كنت نَصرَانيا فأسْلَمتُ ، وإني وجدت الحج والعمرة مَكْتُوبَتَيْن عليّ ، وإني أهْلَلْتُ بهما جميعا . فقال له عمر : هُدِيتَ لِسُنَّة نَبِيِّك . قال ابن المنذر : ولم يُنْكِر عليه قوله " وَجَدتُ الحج والعمرة َمكْتُوبَتَيْن عليّ " . وبوجوبهما قال علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس . وروى الدارقطني عن ابن جريج قال : أخبرني نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : ليس مِن خلق الله أحد إلاّ عليه حجة وعمرة واجِبَتَان مَن استطاع إلى ذلك سبيلا ، فمن زاد بعدها شيئا فهو خير وتَطوّع ... قال ابن جريج : وأُخْبِرتُ عن عكرمة أن ابن عباس قال : العمرة واجبة كَوُجوب الحج مَن استطاع إليه سبيلا . وممن ذهب إلى وُجوبها مِن التابعين : عطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن سيرين والشعبي وسعيد بن جبير وأبو بُردة ومسروق وعبد الله بن شداد ، والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد ، وابن الجهم مِن المالكيين . وقال الثوري : سمعنا أنها واجبة . وسئل زيد بن ثابت عن العمرة قبل الحج ، فقال : صَلاتان لا يَضرك بأيهما بَدأت . ذكره الدارقطني . وكان مالك يقول : العمرة سُنّة ولا نعلم أحدًا أرخص في تَركها . وهو قول النخعي وأصحاب الرأي فيما حكي ابن المنذر ، وحكي بعض القزوينيين والبغداديين عن أبي حنيفة أنه كان يوجبها كالحج ، وبأنها سُنة ثابتة قاله ابن مسعود وجابر بن عبد الله . انتهى ما ذَكَره القرطبي في التفسير . بابُ المواقيتِ 1= المواقيت جمع ميقات والميقات : هو الْحَـدّ . وشرعا : هي الحدود المكانية التي حدَّها الشارع لمن أراد الحج أو العمرة أو هما معًا . 2= مواقيت الحج : جَمَعتْ بين المواقيت الزمانية والمكانية . فالحاج يقصد مكة في أشهر الحج ، ويُحرِم من هذه المواقيت . ومن كان دون ذلك فمِيقَاته مِن مكانه – كما سيأتي – . والله تعالى أعلم . كتبه فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 01:03 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى