![]() |
الحديث الـ 101 في قراءة الفاتحـة
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 101 في قراءة الفاتحـة ح 101 عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال : لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ . في الحديث مسائل : 1= لما فَرَغ المصنف رحمه الله من بيان صِفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، أتبع ذلك بـ باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود . وكأنه يُشير بذلك إلى ضعف الخلاف في ذلك . ثم أتبع ذلك كله بـ بابُ القراءةِ في الصَّلاةِ ، وافتتح الباب بما يتعلق بقراءة الفاتحة ، وكأنه يُشير إلى الخلاف الوارد فيها . 2= هذه المسألة من أكثر المسائل خلافاً واختلافاً ، حتى أُفرِدت بالتصنيف . فقد أفردها بالتصنيف : محمد عبد الحي اللكنوي الهندي المتوفَّى 1264 هـ في كتاب بعنوان : إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خَلْف الإمام . وقد طُبِع بتحقيق : عثمان ضميرية ، وألحق بالكتاب مُلحقَين لشيخ الإسلام ابن تيمية وللحافظ ابن عبد البر . 3= سبب الخلاف في قراءة الفاتحة . أن الأحاديث جاءت بالتأكيد على قراءتها ، وجاءت الآية والأحاديث بالأمر بالإنصات لقراءة الإمام ، فوقع الخلاف . 4= من الأحاديث الواردة في قراءة الفاتحة : حديث الباب : لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وحديث أبي هريرة مرفوعاً : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثا - غير تمام . رواه مسلم . هذه في وُجوب قراءة الفاتحة ويُقابهلها من النصوص ما فيه الأمر بالإنصات حال قراءة الإمام ، وأن قراءة الإمام قراءة لمن خَلْفَه ، فمن ذلك : قوله تعالى : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) . وقول أبي هريرة : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة نظن أنها الصبح ( يعني الفجر ) فقال : هل قرأ منكم من أحد ؟ قال رجل : أنا . قال : إني أقول مالي أنازع القرآن . قال : فسكتوا بعد فيما قرأ فيه الإمام . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وغيرهم ، وهو حديث صحيح . واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . وبقوله صلى الله عليه وسلم : إنما جُعِل الإمام إنما الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا . متفق عليه . وفي رواية لمسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإذا قرأ فأنصتوا . 5= طريقة أهل العلم في التوفيق بين النصوص التي ظاهرها التعارض : هو الْجَمْع بين النصوص ما أمكن . قال الشيخ أحمد شاكر : إذا تعارض حديثان ظاهراً ، فإن أمكن الجمع بينهما فلا يُعدَل عنه إلى غيره بِحال ، ويجب العمل بهما . اهـ . وقال الشيخ الشنقيطي في الجمع بين النصوص : وإنما قلنا إن هذا القول أرجح عندنا لأن الجمع واجب إذا أمكن ، وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة كما علم في الأصول . اهـ . 6= خُلاصة الأقوال في قراءة الفاتحة للمأموم : وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن القراءة خلف الإمام . فأجاب : الحمد لله للعلماء فيه نزاع واضطراب مع عموم الحاجة إليه ، وأصول الأقوال ثلاثة : طرفان ووسط . فأحد الطرفين : أنه لا يقرأ خَلْف الإمام بِحَال . والثاني : إنه يقرأ خلف الإمام بكل حال . والثالث : وهو قول أكثر السلف إنه إذا سمع قراءة الإمام أنصت ولم يقرأ ، فإن استماعه لقراءة الإمام خير من قراءته ، وإذا لم يسمع قراءته قرأ لنفسه ، فإن قراءته خير من سكوته ، فالاستماع لقراءة الإمام أفضل من القراءة ، والقراءة أفضل من السكوت ؛ هذا قول جمهور العلماء ، كمالك وأحمد بن حنبل وجمهور أصحابهما وطائفة من أصحاب الشافعي وأبى حنيفة ، وهو القول القديم للشافعى وقول محمد بن الحسن . وعلى هذا القول فهل القراءة حال مخافتة الإمام بالفاتحة واجبة على المأموم أو مستحبة ؟ على قولين في مذهب أحمد : أشهرهما : أنها مستحبة ، وهو قول الشافعي في القديم . والاستماع حال جهر الإمام هل هو واجب أو مستحب ؟ والقراءة إذا سمع قراءة الإمام هل هي محرمة أو مكروهة ؟ وهل تبطل الصلاة إذا قرأ ؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره : أحدهما : أن القراءة حينئذ مُحَرَّمة ، وإذا قرأ بطلت صلاته ، وهذا أحد الوجهين اللذين حكاهما أبو عبد الله ابن حامد في مذهب أحمد . والثاني : أن الصلاة لا تبطل بذلك ، وهو قول الأكثرين ، وهو المشهور من مذهب أحمد ، ونظير هذا إذا قرأ حال ركوعه وسجوده ، هل تبطل الصلاة ؟ على وجهين في مذهب أحمد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُقرأ القرآن راكعا أو ساجدا . والذين قالوا : يقرأ حال الجهر والمخافتة إنما يأمرونه أن يقرأ حال الجهر بالفاتحة خاصة ، وما زاد على الفاتحة فان المشروع أن يكون فيه مستمعا لا قارِئاً ... ثم قال : والمقصود هنا أن من المسائل مسائل لا يمكن أن يعمل فيها بقول يجمع عليه ، لكن ولله الحمد القول الصحيح عليه دلائل شرعية تبين الحق .. والمقصود هنا القراءة خلف الإمام : فنقول إذا جهر الإمام استمع لقراءته ، فإن كان لا يَسمع لِبُعْدِه ، فإنه يقرأ في أصح القولين ، وهو قول أحمد وغيره ، وإن كان لا يَسمع لِصَمَمِه أو كان يَسمع همهمة الإمام ولا يَفْقَه ما يقول ، ففيه قولان في مذهب أحمد وغيره ، والأظهر أنه يَقرأ لأن الأفضل أن يكون إما مُستمِعاً وإما قارئا ، وهذا ليس بِمُسْتَمِع ، ولا يحصل له مقصود السماع ، فقراءته أفضل من سكوته . اهـ . 7= ومن الأدلة على أن قراءة الإمام قراءة لمن خَلْفَه أن المأموم إذا أدرك الركعة مع الإمام أجزأته . والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة بالإعادة روى البخاري من طريق الحسن عن أبي بكرة أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع ، فَرَكَعَ قبل أن يَصِل إلى الصف ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : زادك الله حرصا ولا تعد . 8= ما هو تخريج حديث الباب ؟ أي كيف نُجيب عن حديث : " لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " ؟ أحد جوابين : أي : لا صلاة تامة ، ويدل عليه ما جاء في حديث أبي هريرة : " غير تمام " . أو : لا صلاة لمن لم يقرأ بها في صلاته ، فيكون في حق الإمام والمنفرد ، والمأموم في الصلاة السريّة . وأما المأموم في الصلاة الجهرية فإن قراءة إمامه قراءة له ، وهو إذا أمّـن على قراءة إمامه كان كَمَن قرأ . فهو لا يَصدق عليه أنه لم يقرأ ، حتى لو أدرك الإمام راكعاً وَرَكع معه . وإنما يصدق هذا الوصف على من تمكّن من القراءة في السرية أو كان إماماً أو مُنفرِداً . والله تعالى أعلم . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 12:39 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى