![]() |
الحديث الـ 106 الأمر بتخفيف القراءة في العشاء
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 106 الأمر بتخفيف القراءة في العشاء ح 106 عَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذ : فَلَوْلا صَلَّيْتَ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى , وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا , وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ. في الحديث مسائل : 1= سبب وُورد الحديث : قال جابر بن عبد الله : أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يُصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء ، فانطلق الرجل وبَلَغَه أن معاذا نال منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فَشَكَا إليه معاذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ أفتان أنت - أو فاتن ثلاث مرار - فلولا صليت بـ سبح اسم ربك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة . رواه البخاري . وفي رواية له : أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة ، فقرأ بهم البقرة قال : فتجوّز رجل فصلى صلاة خفيفة ، فبلغ ذلك معاذا ، فقال : إنه منافق فبلغ ذلك الرجل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إنا قوم نعمل بأيدينا ، ونَسْقِي بنواضحنا ، وإن معاذا صلى بنا البارحة فقرأ البقرة ، فتجوزت فَزَعَم أني منافق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ أفتان أنت ثلاثا ، اقرأ والشمس وضحاها ، وسبح اسم ربك الأعلى ، ونحوها . وفي رواية لمسلم : كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤمّ قومه ، فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ، ثم أتى قومه فأمَّهم ، فافتتح بسورة البقرة ، فانحرف رجل فَسَلَّم ، ثم صلى وحده وانصرف ، فقالوا له : أنافقت يا فلان ؟ قال : لا والله ، ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأُخْبِرَنّـه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار ، وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال : يا معاذ أفتان أنت ؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا . وفي هذه الروايات من الفوائد والأحكام ما لا يُحصى ، فمنها : • أن هذا الرّجل انصرف لطول صلاة معاذ رضي الله عنه ، ولكونه تَرَك ناضحه " بعيره " ثم دَخَل في الصلاة ، فلم ينصرف غيره . • أنهم كانوا يَعملون بأيديهم ، فهم مَهَنة أنفسهم ، فيأتون بعد تَعَب وعناء . • جواز صلاة المفترِض خَلْف المتنفِّل ، فإن معاذاً رضي الله عنه يُصلي صلاة العشاء خَلْف النبي صلى الله عليه وسلم مأموماً ، فإذا صلّى الفريضة أتى قومه فأمّهم له نافلة ولهم فريضة . وسوف يُورِد المصنف هذا الحديث ليستدلّ به على أن الصلاة واحدة ، التي يُصليها معاذ معه صلى الله عليه وسلم ، والتي يُصليها بِقَومِه . • أن تارك صلاة الجماعة مَغموز عليه بالنِّفاق ، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه : ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتي به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف . رواه مسلم . وقال ابن عُمر رضي الله عنهما : كنا إذا فقدنا لإنسان في صلاة العشاء الآخرة والصبح أسأنا به الظن . رواه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان . • جواز الانصراف والانفراد في حال العُذر . • أن من انصرف عن إمامه في حال العُذر لا يَبني على صلاته مع إمامه ، وإنما ينصرف ويستأنف ، فإنه في رواية مُسلم : فانحرف رجل فَسَلَّم ، ثم صلى وحده . • جواز ذِكر الإنسان باسمه في حال الشكوى . إلى غير ذلك من الفوائد . ومعرفة سبب وُورد الحديث ورواياته مُهمة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن العلم بالسبب يُورِث العلم بالمسبب . 2= عِلّة التخفيف في العشاء : أنها بعد جُهد يوم كامل ، وبعد تَعَب . ومراعاة الْكَبِير وَالضَّعِيف وَذُي الْحَاجَةِ . وهذا لا يُراعى غالبا في الفجر ، وقد تقدّم الكلام على القراءة في الفجر . 3= لم يُغلِظ النبي صلى الله عليه وسلم لِمعاذ ولم يغضب كما غضب في حديث أبي مسعود رضي الله عنه ، وقد تقدم . وذلك لأن الموقف قد يقتضي ما لا يقتضيه غيره من المواقف . ولأن الشخص قد يَكتفي بالكلام اليسير ولا يَكتفي غيره . والله تعالى أعلم . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 09:27 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى