![]() |
أطايـب الكـلام
أطايب الكلام
حُسن الحديث وطيب الكلام من الخصال الموجبة للجنة، سأل أبو شريح النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أخبرني بشيء يوجب لي الجنة . قال : طيب الكلام ، وبذل السلام ، وإطعام الطعام . رواه ابن حبان . وفي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول – أول مقدمه المدينة - : أطعموا الطعام ، وافشوا السلام ، وصِلوا الأرحام ، وصلُّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والضياء في المختارة ، واللفظ له . ولا يكون الحج مبروراً تمام البرّ حتى يُطيب صاحبه الكلام ، ويبتعد عن بذيء الكلام والآثام ولذا لما قال عليه الصلاة والسلام : الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . قيل : وما بره ؟ قال : إطعام الطعام ، وطيب الكلام . رواه الحاكم وصححه والبيهقي في الكبرى . ومما حَبّب الدنيا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، خصال الخير ، أما الدنيا لِذَاتِها أو لِلَلذّاتها فليست ذات شأن عندهم . روى ابن المبارك في كتاب الجهاد بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لولا ثلاث ، لولا أن أسير في سبيل الله عز وجل أو يغبر جبيني في السجود ، أو أقاعد قوما ينتقون طيب الكلام كما يُنتقى طيب الثمر لأحببت أن أكون قد لحقت بالله عز وجل . وروى ابن المبارك في الزهد أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال : لولا ثلاث ما أحببت البقاء : ساعة ظمأ الهواجر ، والسجود في الليل ، ومجالسة أقوام يَنتقون جيد الكلام كما يُنتقى أطايب الثمر . وفي رواية أنه قال : لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا ؛ وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار أقدمه لحياتي ، وظمأ الهواجر ، ومُقاعدة أقوام يَنتقون الكلام كما تُنتقى الفاكهة . وفي تاريخ دمشق عن شعبة قال : سمعت حميد الأوزاعي قال : قال رجل من رهط أبي الدرداء : ولولا ثلاث هن من حاجة الفتى = أجدك لم أحفل إذا قام رامسي قال أبو الدرداء : لكني لا أقول كما قال ، لولا ثلاث ما باليت متى متّ : لولا أن أسير غازيا في سبيل الله ، أو أعفر وجهي في التراب ، ولولا أن أقاعد قوما يلتقطون طيب الكلام كما يُلتقط طيب التمر ، ما باليت متى متّ . وذكر الجاحظ في البيان والتبيين بعض الآثار عن فضل طيب الكلام فقال : قال الفضيل بن عياض رحمه الله : نِعمت الهدية الكلمة من الحكمة يحفظها الرجل حتى يلقيها إلى أخيه .وكان يُقال : اجعل ما في الكتب بيت مال ، وما في قلبك للنفقة . وكان يُقال : يَكتب الرجل أحسن ما سمع ، ويحفظ أحسن ما كتب .وقال أعرابي : حرف في قلبك خير من عشرة في طومارك .وقال عمر بن عبد العزيز : ما قُرن شيء بشيء أفضل من علم إلى حلم ، ومن عفو إلى قدرة . وكان ميمون بن سياه إذا جلس إلى قوم قال : إنا قوم منقطع بنا فحدثونا أحاديث نتجمل بها . وفخر سليم مولى زياد بزياد عند معاوية ، فقال معاوية : أسكت فو الله ما أدرك صاحبك شيئا بسيفه إلا وقد أدركت أكثر منه بلساني . وضرب الحجاج أعناق أسرى فلما قَدّموا إليه رجلا ليضرب عنقه قال : والله لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو ، فقال الحجاج : أف لهذه الجيف أما كان فيها أحد يحسن مثل هذا ؟ وأمْسَكَ عن القتل . وقدموا رجلا من الخوارج إلى عبد الملك لتضرب عنقه ودخل على عبد الملك ابن صغير له قد ضربه المعلم وهو يبكي فهمّ عبد الملك بالمعلم فقال : دعه يبكي فانه أفتح لجرمه وأصح لبصره وأذهب لصوته ، فقال له عبد الملك : أما يشغلك ما أنت فيه عن هذا ؟! قال : ما ينبغي للمسلم أن يشغله عن قول الحق شيء ، فأَمَرَ بتخلية سبيله . انتهى ما ذكره الجاحظ . اهـ . وسُئل الأوزاعي : ما إكرام الضيف ؟ قال : طلاقة الوجه ، وطيب الكلام . وإني لطلق الوجه للمبتغي القِرى = وإن فنائي للقرى لرحيب أضاحك ضيفي عند إنزال رحله = فيخصب عندي والمحل جديب وما الخصب للأضياف أن يُكثر القِرى = ولكنما وجه الكريم خصيب وقد جعل ابن القيم رحمه الله طيب الكلام وانتقاءه من الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها فعدّ من تلك الأسباب : مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر . اهـ . وختاماً : هل أنت ممن ينتقي الكلام أم تُطلق لِلسانك العنان ؟ |
الساعة الآن 05:37 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى