![]() |
ما هي أحكام تجهيز الموتى بالدليل الشرعي من الكتاب والسنة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي أحكام تجهيز الموتى بالدليل الشرعي من الكتاب والسنة ؟ وهل يحسن بالمغسِّل أن يختار من أهل الجنازة اثنين أحدهم عليه آثار الطاعة يعامله السنة والآخر عليه الذنوب والمعاصي ؟ وأن لا يدخل عند تغسيل الميت أكثر من ثلاثة أشخاص للكراهة . وهل المرأة الميتة كلها عورة عند غسلها أم من السرة إلى الركبة ؟ وهل قص أظافر الميت وحلق إبطه وتخفيف شواربه من السنة ؟ وهل يصح غسل الصبيان والبنات الموتى دون السابعة من قبل رجل أو امرأة سواء ؟ وهل تطييب مواضع السجود للأموات ؟ كل هذا هل هناك دليل من السنة على صحة ما ذكرت ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : وجزاك الله خيراً من السنة حضور الميت ، وعدم الإكثار عليه في التلقين ، لئلا يَنفُر من ذلك ، ولذا يقول أهل العلم : إن المستحبّ أن يُقال عنده ( لا إله إلا الله ) وتُكرر ليَنطق بها ، ولا مانع من تلقيه صراحة أن يقول لا إله إلا الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعمِّه أبي طالب : يا عمّ قُل : لا إله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله . رواه البخاري ومسلم . ومن السنة أن يُحسّن ظـنّـه بالله ، فيموت وهو يُحسن الظنّ بربّه . قال ابن عباس : وُضِعَ عُمر على سريره ، فتكنفه الناس يَدْعُون ويُصَلُّون قَبْلَ أن يُرْفَع ، وأنا فيهم ، فلم يَرعني إلا رجل آخذ منكبي ، فإذا علي بن أبي طالب ، فَتَرَحَّم على عُمر ، وقال : ما خَلّفْتُ أحداً أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر . رواه البخاري ومسلم . فهذا من باب ترغيب الميت ، وتغليب جانب الرجاء عند الموت ، ليموت وهو يُحسِن الظنّ بِربّه ، فإن الله تعالى قال في الحديث القدسي : أنا عند ظنّ عبدي بي . رواه البخاري ومسلم . وفي حديث جابر رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاثٍ يَقُول : لا يَمُوتَنَّ أحَدُكُمْ إِلأ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ . رواه مسلم . قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُليمانَ : قَالَ لِي أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ : يَا مُعْتَمِرُ حَدِّثْنِي بِالرُّخَصِ لَعَلِّي أَلْقَى اللهَ وَأَنَا حَسَنُ الظَّنِّ بِهِ . وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُلَقِّنُوا الْعَبْدَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِكَيْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ . ثم إذا مات الميت يُشدّ لَحْيه وتُغمَض عيناه ، ويُدعى له . روى الإمام مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه ، ثم قال : إن الروح إذا قبض تَبِعَه البَصَر ، فضجّ ناس من أهله ، فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة يُؤمّنون على ما تقولون ، ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبة في الغابرين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، وأفسح له في قبره ، ونوّر له فيه . ثم إذا غُسِّل فالسنة أن لا يُجرَّد الميت من جميع ملابسه بحيث يُترك عُريانا ، وإنما يُغطّى بثوب ونحوه ، ثم إذا غسّله المغسِّل فيضع على يده خرقة أو قفازاً ويُغسل عورته . والسنة أن يكون غسل الميت وِترا ، بحيث يُغسل ثلاث مرّات أو خمس أو سبع . ويوضع مع الماء سدر ، وذلك لأنه يَطرد الهوام ، كما قال أهل العِلم . وفي الغسلة الأخيرة يُوضع في الماء ما يُطيبه من طيب أو كافور ونحوه . فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته ، فقال : اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا ، أو شيئا من كافور . رواه البخاري ومسلم . والسنة أن يَبدأ الغاسل بميامِن الميت ، أي بغسل الجهة اليمنى ، لقوله صلى الله عليه وسلم في غَسْلِ ابنته : ابدأن بميامنها ، ومواضع الوضوء منها . رواه البخاري ومسلم . والسنة أن تتولّى النساء غسل النساء ، ويتولّى الرِّجال غسل الرِّجال ، إلا ما كان بين الزوجين ، فإنه يجوز لأحدهما أن يُغسّل الآخر ، لقول عائشة رضي الله عنها : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي صلى الله عليه وسلم غير نسائه . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . ومن السنة أن يَسْتُر الغاسِل على الميت إذا كان مُسْلِما ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من غسّل ميتا فَكَتَمَ عليه غفر له أربعين مرة ، ومن كفّن ميتاً كساه الله من السندس واستبرق الجنة ، ومن حفر لميت قبراً فأجـنّـه فيه أُجْرِيَ له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة . رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وصححه الألباني . ولقوله عليه الصلاة والسلام :مَن غَسّل ميتا فستره ستره الله من الذنوب ، ومَن كفّنه كساه الله مِن السندس . رواه الطبراني ، وحسّنه الألباني . وليس لِغسل الميت ذِكْر عند غسله . ثم يُكفّن الميت في ثوبين أو في ثلاثة ، والمرأة تُكفّن في خمسة أثواب . فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ، ليس فيهن قميص ولا عمامة . رواه البخاري ومسلم . وقال صلى الله عليه وسلم في المحرِم الذي وقصته ناقته : اغسلوه بماء وسدر ، وكفّنوه في ثوبين ، ولا تحنطوه ولا تُخِمِّرُوا رأسه ، فإنه يُبعَثُ يوم القيامة مُلبياً . رواه البخاري ومسلم . ويُستَحب أن يكون الكَفَنُ أبيضا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : البسوا من ثيابكم البياض ، فإنها خير ثيابكم ، وكفِّنُوا فيها موتاكم . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي . وأما الشعر الزائد من الميت والأظفار ، فيُسنّ أخذ ما زاد منها . قال ابن قدامة في المغني : مسألة : قال : إن كان شاربه طويلا أُخِذ وجُعِلَ معه . وجملته أن شارب الميت إن كان طوالا استُحِبّ قَصّـه ، وهذا قول الحسن وبكر بن عبد الله وسعيد بن جبير وإسحاق ... ثم قال : فصل : فأما الأظفار إذا طالت ففيها روايتان : إحداهما : لا تُقَلّم . قال أحمد : لا تُقَلّم أظفاره ، ويبقى وسخها ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، لقوله والخِلال يُستعمل إن احتيج إليه ، والخلال يُزال به ما تحت الأظفار ، لأن الظفر لا يظهر كظهور الشارب ، فلا حاجة إلى قَصِّـه . والثانية : يُقَصّ إذا كان فاحشا ، نَصّ عليه ؛ لأنه من السنة ، ولا مضرة فيه ، فيشرَع أخذه كالشارب ، ويمكن أن تُحمَل الرواية الأولى على ما إذا لم تكن فاحشة . وأما العانة فظاهر كلام الخرقي أنها لا تُؤخذ لتركه ذِكرها ، وهو قول ابن سيرين ومالك وأبي حنيفة لأنه يحتاج في أخذها إلى كشف العورة ولمسها ، وهتك الميت ، وذلك مُحرّم لا يُفعل لغير واجب ، ولأن العورة مستورة يُستغني بسترها عن إزالتها . وروي عن أحمد أن أخذها مسنون ، وهو قول الحسن وبكر بن عبد الله وسعيد بن جبير وإسحاق ؛ لأن سعد بن أبي وقاص جَـزّ عانة ميت ، ولأنه شعر إزالته من السنة فأشبه الشارب ، والأول أولى . ويُفارِق الشارب العانة لأنه ظاهر يتفاحش لرؤيته ، ولا يحتاج في أخذه إلى كشف العورة ، ولا مَسّها . فإذا قلنا بأخذها فإن حنبلا روى أن أحمد سُئل : ترى أن تستعمل النورة ؟ قال : الموسى أو مقراض يُؤخَذَ به الشعر من عانته . وقال القاضي : تُزَال بِالنُّورَة لأنه أسهل ، ولا يمسّها ، ووجه قول أحمد أنه فِعْلُ سَعْد ، والنورة لا يؤمن أن تُتْلِف جلد الميت . وقال : فصل : فأما الختان فلا يُشرع ؛ لأنه إبانة جزء من أعضائه ، وهذا قول أكثر أهل العلم . وحُكي عن بعض الناس أنه يُخْتَن ، حكاه الإمام أحمد ، والأُولى أوْلَى لما ذكرناه . ولا يحلق رأس الميت لأنه ليس من السنة في الحياة ، وإنما يُراد لزينة أو نسك ، ولا يطلب شيء من ذلك ها هنا . اهـ . وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : الواجب ستر العورة لإنسان ، سواء كان حيا أو ميتا ذكرا أم أنثى ، ولا يُشرع حلق عانة الميت ؛ لأنه يترتب عليه كشف العورة بلا حاجة ، وهكذا لا يشرع نتف إبطه لعدم الدليل على ذلك. اهـ . ويجوز أن تُغسّل النساء الصبيان . وأما " تطييب مواضع السجود للأموات " فهذا لا أصل له . والله تعالى أعلم . المجيب : الشيخ/ عبدالرحمن السحيم الداعية في مركز الدعوة والإرشاد بالرياض |
الساعة الآن 09:58 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى