![]() |
ما معنى هذا البيت : حلف الزمانُ ليأتينَّ بمثلهِ * حنثت يمينكَ يا زمانُ فكفِّر ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ ما معنى هذا البيت : حلف الزمانُ ليأتينَّ بمثلهِ حنثت يمينكَ يا زمانُ فكفِّر ؟ هل فيه سب للدهر ، أم لا ؟ وفقكم الله وبارك فيكم http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبارك الله فيك معناه : أن جنس ذلك الممدوح نادر بل لا يُوجَد ، وكأن الزمان قد حَلَف أن يَجود بمثله ، وان يأتي بشبيه له ، وكأن الزمان عجِز عن تحقيق ذلك فَحَنَث في يمينه ، ولزِمته الكفّارة ! وهذا ذَكَره ابن كثير في ترجمة شاور بن مجير الدين قال : أبو شجاع السعدي الملقب أمير الجيوش وزير الديار المصرية أيام العاضد ، وهو الذي انتزع الوزارة من يدي رزيك ، وهو أول من أستكتب القاضي الفاضل ، استدعى به من اسكندرية من باب السدرة فحظي عنده وأنحصر منه الكتاب بالقصر لما رأوا من فضله وفضيلته ، وقد امتدحه الشعراء منهم عمارة اليمني حيث يقول : ضجر الحديد من الحديد وشاور *** من نصر دين محمد لم يضجر حَـلَـف الزمان ليأتين بمثله *** حنثت بيمنك يا زمان فكفر وفي المستطرف : وقال بعضهم : ذهب الرجال المقتدى بفعالهم *** والمنكِرون لكل أمر منكر وبَقِيتُ في خَلَف يُزَيِّن بعضه *** بعضاً لِيَدْفَع معور عن معور حلف الزمان ليأتين بمثلهم *** حنثت يمينك يا زمـان فكفر وليس في هذا سب للدّهر ، وذلك أن العلماء فرّقوا بين الوصف وبين الذمّ . فالذمّ هو الممنوع ، لأن الذم في الحقيقة يقع على مُقدِّر الأقدار سبحانه وتعالى ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : قال الله عزّ وجل : يؤذيني بن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار . وفي رواية : يؤذيني بن آدم يقول يا خيبة الدهر ، فلا يقولن أحدكم : يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره ، فإذا شئت قبضتهما . وفي رواية : لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر . قال النووي : أما قوله عز وجل : " يؤذيني بن آدم " فمعناه يُعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم وأما قوله عز وجل : " وأنا الدهر " فإنه بِرَفع الراء هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي وأبو عبيد وجماهير المتقدمين والمتأخرين وقال أبو بكر ومحمد بن داود الاصبهاني الطاهري إنما هو الدهر بالنصب على الظرف ، أي أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره . وحكى ابن عبد البر هذه الرواية عن بعض أهل العلم . وقال النحاس : يجوز النصب ، أي فإن الله باق مُقيم أبدا لا يزول . قال القاضي : قال بعضهم : هو منصوب على التخصيص ، قال : والظرف أصح وأصوب ، أما رواية الرفع - وهي الصواب - فموافقة لقوله : فإن الله هو الدهر . قال العلماء : وهو مجاز ، وسببه أن العرب كان شأنها أن تَسبّ الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك ، فيقولون : يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سبّ الدهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر . أي لا تَسُبُّوا فاعل النوازل ، فإنكم إذا سببتم فاعلها وَقَع السبّ على الله تعالى ، لأنه هو فاعلها ومُنْزِلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فِعْلَ له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى ، ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات ، والله أعلم . وأما الوَصْف الخالي من الذم ، فإنه لا يُمنع منه ، فقد وصف الله الأيام بالنَّحس وبالشؤم ، فقال عن عاد : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّام نَحِسَات لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) . وقال عنهم : (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَال وَثَمَانِيَةَ أَيَّام حُسُومًا) . قال أهل العلم بتأويل القرآن في قول الله عز وجل : (فِي أَيَّام نَحِسَات) قالوا : مشائيم . قال أبو عبيدة : نحسات ذوات نحوس مشائيم . قاله ابن عبد البر في التمهيد . وقال البغوي : (نَحِسَات) أي نكدات مشؤمات ذات نحوس . اهـ . وقال تعالى عن عاد أيضا : (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْس مُسْتَمِرّ) قال القرطبي : أي دائم الشؤم استمر عليهم بنحوسه ، واستمر عليهم فيه العذاب إلى الهلاك . اهـ . فهذا من باب الوصف ، لا من باب الذمّ . والله أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مركز الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 03:12 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى