![]() |
رحمك الله .. وَعظت حيا وميتا
رحمك الله .. وَعظت حيا وميتا
كنت كتبت مقالا بعنوان : واعـظ على فـراش المـوت http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=6074 واليوم سمعت آيات طالما سمعتها ، وكان الحديث فيها عن واعظ آخر استوقفتني الآيات وما تحمله من نبأ عظيم هزّتني وكأنني أسمعها لأول مرة وما ذلك بمستغرب على كتاب لا كالكتب ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد ) وهو كتاب لا تنقضي عجائبه ، ولا يَخلَق على كثرة الترداد . ذلكم الواعظ هو مؤمن آل يا سين الذي وعظ قومه حيا وميتا أما حال حياته فقد جاء ساعياً مُسرعاً ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) وأما بعد مماته فإنه لما قيل له : ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما أفضى إلى الجنة ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) تمنى أن يعلم قومه أن الله غفر له وأكرمه ليرغبوا في دين الرسل . قال ابن الجوزي رحمه الله في قوله تعالى (بِمَا غَفَرَ لِي ) : وفي " ما " قولان : أحدهما : أنها مع غفر في موضع مصدر ، والمعنى : بغفران الله لي . والثاني : أنها بمعنى الذي ، فالمعنى ليتهم يعلمون بالذي غفر لي به ربي فيؤمنون ، فنصحهم حيا وميتا . اهـ . حَـمَلَ هـمّ الدعـوة حيّـاً وميّـتـاً وأراد لقومه الهداية مع ما كادوه به حتى قتلوه قال الزمخشري : وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ ، والحلم عن أهل الجهل ، والترؤّف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ، والتشمر في تخليصه ، والتلطف في افتدائه ، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه ، ألا ترى كيف تمنى الخير لِقَتَلَتِه والباغين له الغوائل ؟ وهم كفرة عبدة أصنام ! ويجوز أن يتمنى ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره ، وأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة ، وأن عداوتهم لم تُكسِبه إلا فوزا ، ولم تُعقبه إلا سعادة ؛ لأن في ذلك زيادة غبطة له ، وتضاعف لذة وسرور ، والأول أوجه . اهـ . وقال القرطبي رحمه الله : وفي معنى تمنيه قولان : أحدهما : أنه تمنى أن يعلموا بحاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته . الثاني : تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله . قال ابن عباس : نصح قومه حيا وميتا . اهـ . هذا واعظ وعَظَ قومه حيا وميتا وآخر وَعَظ أمّـه حياً وميتا وعزّاها في مصابها بعد موتها ذلكم هو : ذو القرنين فإنه كتب إلى أمه كتاباً قبل موته ، وكان في كتابه إليها : يا أماه ! اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عليه من نساء أهل المملكة ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة ، فصنعت طعاما وجمعت الناس ، وقالت : لا يأكل من أصيب بمصيبة قط ، فلم يأكل أحد ، فعلمت ما أراد . فلما حُمِل تابوته إليها تلقته بعظماء أهل المملكة ، فلما رأته قالت : يا ذا الذي بلغ السماء حلمه ، وجاز أقطار الأرض ملكه ، ودانت الملوك عنوة له . مَالَكَ اليوم نائما لا تستيقظ ؟ وساكتا لا تتكلم ؟ من بلّغك عَنِّي بأنك وعظتني فاتعظت ، وعزيتني فتعزيت ، فعليك السلام حيا وميتا ، ثم أمرت بدفنه . وفي رواية لهذه القصة أنها قالت : فنِعْم الحيّ كنت ، ونِعْم الهالك أنت . وعظوا أحياء وأمواتا وعظوا وهم على فُرش الموت ووعظوا وهم جثث هامدة ووعظوا وهم تحت أطباق الثرى فـ لله درّهـم ! لقد خُـلِّد ذِكرهم وسُـطِّر خـبرهم كتبه الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله |
الساعة الآن 02:12 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى