![]() |
الحديث الـ 117 في قضاء الفائتة
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 117 في قضاء الفائتة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا , وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ ، ( وأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) . وَلِمُسْلِم : مَنْ نَسِيَ صَلاةً , أَوْ نَامَ عَنْهَا ، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا . في الحديث مسائل : 1 = ليس في النوم تفريط ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط على من لم يُصَلّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى ، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها . رواه مسلم . وهذا في حق من لم يُفرِّط في النوم والاستيقاظ أصلا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد ما أهم الصحابة رضي الله عنهم فوات الصلاة في السّفر . ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال : فجعل بعضنا يهمس إلى بعض : ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا ؟ ثم قال : أما لكم فيّ أسوة ؟ ثم قال : أما إنه ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط على من لم يُصَلّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى . ومع أنه عليه الصلاة والسلام كان مُسافرا مُتعباً إلا أنه أخذ احتياطه في الإيقاظ وفيه أيضا : فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ، ثم قال: احفظوا علينا صلاتنا . وفي رواية للبخاري : قال : سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ، فقال بعض القوم : لو عَرّسْت بنا يا رسول الله ؟ قال : أخاف أن تناموا عن الصلاة . قال بلال : أنا أوقظكم ، فاضطَجَعُوا وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام ، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس ، فقال : يا بلال أين ما قلت ؟ قال : ما أُلقِيَتْ عليّ نومة مثلها قط ! قال : إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردّها عليكم حين شاء ، يا بلال قم فأذّن بالناس بالصلاة ، فتوضأ ، فلما ارتفعت الشمس وابياضّت قام فصلى . فمن فرّط في النوم ، بأن نام مُتاخِّراً ، أو فرّط في الاستيقاظ فلم يَحتَط ، فقد فرّط . 2 = فيه بيان نوع من أنواع الذِّكْر ، وهو ذِكر يَبعث على أداء ما افترض الله . والذكر ثلاثة أنواع : 1 – ذِكر يبعث على الخوف من الله فيحجز عن معاصيه ، وهذا الذي قال في تبارك وتعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ) . قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية : أعظم أنواع الذِّكر . 2 – ذِكر يبعث على أداء ما افترض الله ، وهو قال فيه تعالى : ( وأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) . قال مجاهد : أقِم الصلاة لتذكرني بها . وقال السمعاني في تفسير هذه الآية : فيه أقوال : أحدها : لتذكرني فيها . والآخر : تذكرني ، وهو قوله الله أكبر . والثالث : أقم الصلاة لِذِكْرِي ، أي صَلّ إذا ذكرت الصلاة ، وهذا قول معروف . وقال فيه : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) . 3 – الذِّكر المعروف باللسان ، وهو على ثلاث مراتب : بالقلب ثم يتبعه اللسان باللسان ثم يتبعه القلب باللسان وحده ، وهو أضعف مراتب الذِّكر ، كما يقول ابن القيم رحمه الله . 3 = العفو عن الخطأ والنسيان ، لقوله تعالى : (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ولقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين . وهذا ليس في الصلاة فحسب بل في سائر العبادات ، فالصائم معفو عنه إذا أكل أو شرب ناسيا ، وكذلك الحاج إذا نسي شيئا من نُسكه ، فإنه يأتي به ، أو ارتكب محظورا ناسيا ، فإنه لا يؤاخذ به . 4 = قوله : " فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا " فيه دليل على أن الصلاة الفائتة تُصلى إذا ذُكِرت ، سواء نسيها أو نام عنها أو صلاها على غير طهور ، أو تَرَكها المريض ظانا أنها تسقط عنه ، أو المرأة ظانّـة أن ما نزل معها من دم يمنع الصلاة ، ثم تبيّن لها خلاف ذلك . ولا يؤخِّر الصلاة حتى يأتي وقت مثيلتها ، ليُصلّيها معها . وإنما يُصليها إذا ذكرها . والله تعالى أعلم . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 08:40 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى