![]() |
الحديث 134 في اجْتِنَاب ما يشغل الْمُصلِّي
بسم الله الرحمن الرحيم شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث 134 في اجْتِنَاب ما يشغل الْمُصلِّي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَة لَهَا أَعْلامٌ ، فَنَظَرَ إلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْم , وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْم ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي . الخميصة : كساء مربع له أعلام . والأَنْبِجانِيَّة : كساء غليظ . في الحديث مسائل : 1= جواز لبس الْمُخطط للرِّجَال إذا لم يكن مِن لِباس النِّسَاء ، ولم يَكن لِباس شُهْرَة ، ولا لِباس تَبَذُّل . فإنَّ مِن الناس من يأتي للصلاة بِلِباس عَمَلِه ، أو بِلِباس نَوْمِه ، وهذا خَلاف ما أمَر الله به مِن الـتَّجَمُّل للصلاة . روى البيهقي من طريق أيوب عن نافع قال : تَخَلَّفْتُ يوما في عَلَف الرِّكَاب ، فدخل على ابن عمر وأنا أصلى في ثوب واحد ، فقال لي : ألَم تُكْس ثوبين ؟ قلت : بلى . قال : أرأيت لو بَعَثْتُك إلى بعض أهل المدينة أكنت تذهب في ثوب واحد ؟ قلت : لا . قال : فالله أحق أن يُتَجَمَّل له أم الناس ؟ وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار مِن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كَسَا نَافِعًا ثَوْبَين ، فقام يُصَلى في ثَوب وَاحد ، فَعَاب عليه ، وقال : احْذَر ذلك ، فإنَّ الله أحق أن يُتَجَمَّل له . 2= الـنَّهْي عن كُل ما يشغل المصلي في صلاته ، سواء كان في لِبَاسِه ، أو فِيما يُصَلّي عليه ، أو في قِبْلَتِه . وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ ، وَقَالَ : أَكِنَّ النَّاسَ مِنْ الْمَطَرِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ . رواه البخاري تعليقا . قال سفيان الثوري : يُكْرَه الـنَّقْش والـتَّزْوِيق في المساجد ، وكل ما تُزَيّن به المساجد . 3= إذا كانت الخطوط التي في اللِّبَاس شَغَلتْ النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف بِغيرها ؟ وكيف بِغيره عليه الصلاة والسلام ؟ قال النووي : قوله صلى الله عليه وسلم : " شَغَلَتْنِي أعْلام هذه " ، وفي الرواية الأُخْرَى : " ألْهَتْنِي " ، وفي رواية للبخاري : " فأخَاف أن تَفْتِنِّي " معنى هذه الألْفَاظ مُتَقَارِب ، وهو اشتغال القلب بها عن كَمَال الْحُضُور في الصلاة ، وتَدَبّر أذْكَارِها وتِلاوَتِها ومَقَاصِدها من الانقياد والخضوع ؛ فَفِيه الْحَثّ على حُضُور القَلْب في الصلاة وتَدَبُّر مَا ذَكَرناه ، ومَنْع الـنَّظَر مِن الامْتِدَاد إلى مَا يَشْغَل ، وإزَالة مَا يُخَاف اشْتِغَال القَلْب به . اهـ . 4= صِحّة الصلاة إذا أُدِّيَتْ على الوجه الْمَطْلُوب شَرْعا ، وانّ الخشوع ليس بِرُكْن في الصلاة . قال النووي : وفيه : أنَّ الصلاة تَصِح ، وإن حَصَل فيها فِكْر في شَاغِل ونحوه مِمَّا ليس مُتْعَلِّقًا بِالصلاة ، وهذا بإجماع الفقهاء . اهـ . قال القرطبي : اختلف الناس في الخشوع ؛ هل هو من فرائض الصلاة ، أوْ مِن فضائلها ومُكَمِّلاتها ؟ على قولين ، والصحيح الأول . اهـ . قال الشوكاني : وقيل : الثاني . 5= أين ينظُر الْمُصلِّي ؟ السنة أن ينظر المصلي لموضع سجوده حال القيام وإلى أصبعه حال التشهد . و " يُسْتَحَب له النظر إلى مَوضع سجوده ولا يتجاوزه . قال بعضهم : يُكْرَه تغميض عينيه " . قال النووي : وعندي لا يُكْرَه إلاَّ أن يَخَاف ضَررا . اهـ . قال شريك القاضي : يَنْظُر في القيام إلى مَوْضِع السجود ، وفي الركوع إلى مَوْضِع قَدَميه ، وفي السجود إلى مَوْضع أنْفِه ، وفي القعود إلى حِجْره . نقله القرطبي في التفسير . 6= أبو جَهْم هذا هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : أَمَّا أَبُو جَهْم فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. رواه مسلم . فَمَع محبته صلى الله عليه وسلم لأبي جَهْم - حتى يأمر أن يُؤتَى بِأَنْبِجَانِيَّتِه - إلاَّ أن ذلك لَم يمنعه مِن قول الْحَق ، وذِكْر مَا فِيه ، فالْمُسْتَشَار مُؤتَمَن . 7= جَوَاز الفِعْل والأخْذ مع عدم الاستئذان ، إذا كان الآخِذ يَعْلَم بإذن صاحبه . قال النووي : وأمَّا بَعْثُ صلى الله عليه وسلم بِالْخَمِيصَة إلى أبي جهم وطلب أنْبِجَانِيِّه ، فهو من باب الإدلال عليه ، لِعِلْمِه بأنه يُؤثِر هذا ويَفْرَ به . اهـ . والله تعالى أعلم . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 09:53 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى