![]() |
هل يكفر مَن يترك إحدى الصلوات سواء كان عامدا أم متكاسلا ؟
شخص محافظ على الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين في المساجد ، ولكنه أحيانا يضعف ويترك صلاة واحدة أو صلاتين حتى يخرج وقتها ، يحصل منه ذلك عمدا أحيانا ، وأحيانا تكاسلا .
فما حكمه ؟ هل يكفر أم لا ؟ وإن كان يكفر بذلك ، هل نلزمه أن يغتسل غسل الداخل في الإسلام ، أم أن الغسل سنة لا واجب ؟ أفيدونا عاجلا ، وجزاكم الله خيرا . الجواب : وإياك نسأل الله السلامة والعافية ، هذا يهدم ما يَبْنِيه في سنوات في لحظة واحدة . وترك الصلاة كُفر كما جاءت بذلك النصوص . فالله سبحانه وتعالى جعل الصلاة حَدًّا فاصِلا بين الكُفر والإيمان ، فقال تبارك وتعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) . وقال عليه الصلاة والسلام : بَيْن الرَّجل وبَيْن الشرك والكفر تَرك الصلاة . رواه مسلم . وقال عليه الصلاة والسلام : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تَركها فقد كَفَر . رواه الإمام أحمد وغيره . فالنبي صلى الله عليه وسلّم عَبّر بالتّرْك ، وليس بالجُحود ، ومما يدلّ على أنه مُجرّد الترك وليس الجحود : أن تارِك أي رُكن مِن أركان الإسلام جُحودا كافِر ، فلا يكون لِتخصيص الصلاة بالتّرْك معنى . وهذا جاء صريحا في حديث مِحْجَن بن أبي مِحْجَن وأنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأُذِّن بِالصلاة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَلّى ، ثم رَجَع ، ومِحْجَن في مَجْلِسه لم يُصَلّ معه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما مَنَعَك أن تُصَلّي مع الناس ؟ ألَسْتَ بِرَجُل مُسْلِم ؟ فقال : بلى ، يا رسول الله ، ولكني قد صَلّيت في أهْلِي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جِئت فَصَلّ مع الناس ، وإن كنتَ قد صَلّيت . رواه الإمام مالك وأحمد ، وصححه الألباني ، وحَسّنه الأرنؤوط . قال ابن عبد البر : وفي هذا الحديث وُجُوه مِن الفِقه ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم لِلّذِي لم يُصَلّ معه : ألَسْتَ بِرَجُل مُسْلم " فَدَلّ على أن مَن لم يُصَلّ ليس بِمُسْلِم ، ومَن صَلى الصلاة مُواظِبًا عليها شُهِد له بالإسلام . ومِنها : أن مَن أقَرّ بِعَمل الصلاة وإقامتها على ما يَجِب ، وُكِلَ إلى قوله ، وقُبِل منه ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قَبِل مِن مِحْجَن الدّيلِي قوله : " قد صَلّيتُ في بيتي " . وأجْمَع المسلمون على أن جَاحِد فَرْض الصلاة كافِر يُقْتَل إن لم يَتُب مِن كُفْرِه ذلك . واخْتَلَفُوا في الْمُقِرّ بها وبِفَرْضِها التّارِك عَمْدًا لِعَمَلِها ، وهو على القيام بها قادِر . فَرُوي عن علي وابن عباس وجابر وأبي الدرداء : تَكْفِير تارِك الصلاة ، قالوا : مَن لم يُصَلّ فهو كَافِر . وعن عمر بن الخطاب : لا حَظّ في الإسلام لمن تَرَك الصلاة . وعن ابن مسعود : مَن لم يُصَلّ فلا دِين له . وقال إبراهيم النخعي والْحَكَم بن عُتيبة وأيوب السختياني وعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه : مَن تَرَك صلاة واحدة مُتَعَمّدا حتى يَخْرُج وَقْتها لِغير عُذْر وأَبَى مِن أدائها وقَضائها ، وقال : لا أُصِلّي ؛ فهو كَافِر ، ودَمه ومَاله حَلالان إن لم يَتُب ويُرَاجِع الصلاة ، ويُسْتَتَاب فإن تاب وإلاّ قُتِل ، ولا تَرِثه ورَثَته مِن المسلمين ، وحُكْم مَاله حُكْم مَال الْمُرْتَدّ إذا قُتِل على رِدّته . وبهذا قال أبو داود الطيالسي وأبو خيثمة زهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة . قال إسحاق : هو رَأي أهْل العِلْم مِن لَدُن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا . قال إسحاق : ويُنْتَظَر تَارِك الصلاة إذا أَبَى مِن أدائها وقضائها في اسْتِتَابَته حتى يَخْرُج وَقْتها ، وخروج وَقت الظهر بِغُروب الشمس ، وخُرُوج وقت المغرب بِطُلوع الفَجْر . قال إسحاق : وقد أجْمَع المسلمون أن مَن سَبّ الله عز وجل أو سَبّ رسوله صلى الله عليه وسلم أو دَفَع شيئا مما أنْزَل الله تعالى ، أو قَتَل نَبِيّا مِن أنبياء الله تعالى : أنه كَافِر بذلك ، وإن كان مُقِرّ بِكُلّ ما أنْزَل الله ؛ فَكَذَلك تَارِك الصلاة حتى يَخْرُج وَقْتها عامِدًا آبِيًا مِن قَضَائها وعَمَلها وإقَامَتها . قال : ولقد أجْمَعُوا في الصلاة على شيء لم يُجْمِعُوا عليه في سائر الشرائع . اهـ . وقال الخَطّابي : وقد اخْتَلَف الناس في حُكم تَارِك الصلاة ؛ فقال مالك والشافعي : يُقْتَل تَارِك الصلاة ، وقال مكحول : يُسْتَتَاب ، فإن تَاب وإلاّ قُتِل . وإليه ذهب حماد بن زيد ووكيع بن الجراح . اهـ . وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُشدّدون في ترك الصلاة ، ويَرَون تَرْك الصلاة كُفرا . قال شقيق بن عبد الله البلخي - وهو من التابعين - : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يَرون شيئا من الأعمال تركه كُفر غير الصلاة . رواه الترمذي . وروى الإمام مالك في الموطأ أن المِسْوَر بن مَخْرَمة دَخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طُعن فيها فأيقَظ عُمر لصلاة الصبح ، فقال عمر : نعم ! ولا حـظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، فصلى عمر وجرحه يثعب دما . فما عُذرُ امرئ يتركَ الصلاة وهو أنشطُ ما يكون ؟ وعمرُ يُصلّي وجُرحه يثعبُ دما ، حتى إنه سُقيَ اللبنُ فخرج من جُرحه . وصحّ عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر : لا إسلام لمن لم يُصلِّ . وكان ذلك بمرأى من الصحابة ولم يُنكروا عليه أو يُخالِفوه . قال ابن مسعود رضي الله عنه : مَن ترك الصلاة فلا دِين له . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : لا إيمان لِمَن لا صلاة له ، ولا صلاة لِمَن لا وضوء له . وتتابَع على ذلك السَّلَف : قال أيوب السختياني : تركُ الصلاةِ كفرٌ لا يُختلف فيه . وقال سفيان بن عيينة : المرجئة سمَّـوا ترك الفرائض ذنبا بمنـزلة ركوب المحارم وليس سواء لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال معصية ، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر قال ابنرَجب : وقد اسْتَدلّ الإمام أحمد وغيره على كُفر تارك الصلاة بكفر إبليس بترك السجود لآدم ، وترك السجود لله أعظم . اهـ . فمن ترك الصلاة فبِه شَبَهٌ من إبليس لأنه ترك السجود لله والخضوع له والانقياد لأمْرِه . وقال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد بن حنبل عن مَن ترك الصلاة متعمدا ، فقال : لا يكفر أحدٌ بذنب إلاّ تارك الصلاة عمدا ، فإن تَرَكَ صلاةً إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يُستتاب ثلاثا . وقال أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمى : يُستتاب إذا تركها متعمدا حتى يذهب وقتها ، فإن تاب وإلا قُتل ، وبه قال أبو خيثمة . وقال وكيع بن الجراح عن أبيه في الرجل يحضره وقت صلاة فيُقال له : صَلِّ ، فلا يُصلى . قال : يؤمر بالصلاة ويُستتاب ثلاث صلوات ، فإن صلى وإلا قُتل . وقال محمد بن نصر المروزي : سمعت إسحاق يقول : قد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأى أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا مِن غير عذر حتى يذهب وقتُها كافر . وقال شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : مَن يتعمّد ضبط الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها ، فهذا قد تعمد تركها في وقتها ، وهو كافر بهذا عند جَمْع كثير مِن أهل العلم كفرا أكبر- نسأل الله العافية- لتعمده ترك الصلاة في الوقت ، وهكذا إذا تعمد تأخير الصلاة إلى قرب الظهر ثم صلاها عند الظهر ، أي : صلاة الفجر . اهـ . وعلى من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها من غير عُذر أن يتوب إلى الله وأن يُراجِع دِينه ، وليس عليه أن يغتسل . وأما الاحتجاج بأن (كثيرا مِن المنتسبين إلى الإسلام يتركون الصلاة ، فلو قُلنا بِكُفر تارك الصلاة كَسَلا وتهاونا ، لَكفّرنا كثيرا مِن المسلمين) ؛ فهو قول باطِل ؛ لأن الْحُكم لا يُبنى على واقِع الناس ! ولا تُخضَع النصوص لِواقِع الناس ، بل يُخضَع واقِع الناس للنصوص ، ويُحاكم حال الناس إلى النصوص ، وليس العكس . وإذا كان مَن يُصلّي رياء لا تَنفَعه صلاته ، فكيف بِمن لا يُصلّي ؟! وما يدلّ على خُلود تارك الصلاة في النار : ما جاء في إخراج الْمُوحّدين مِن النار ، وأن شفعاءهم يَعرِفونهم بِمَواضِع السجود ، وفي الحديث : حتى إذا أراد الله رَحمة مَن أراد مِن أهل النار أمَرَ الله الملائكة أن يُخْرِجوا مَن كان يعبد الله ، فيُخْرِجونهم ، ويَعْرِفُونهم بآثار السجود ، وحَرّم الله على النار أن تأكل أثَر السجود ، فيُخْرَجون مِن النار ، فَكُلّ ابن آدم تأكله النار إلاّ أثر السجود ، فيُخْرَجُون مِن النار . رواه البخاري ومسلم . وأما الغُسل والنطق بالشهادتين ؛ فلا يجب عليه ؛ لأن العلماء يَنُصّون على أن مَن كَان كُفره بِترك شيء أنه يفعل ما كان يتركه ؛ فَمَن كَفَر بِترك الصلاة ، فإسلامه بأداء الصلاة امتثالا لأمر الله . وهنا : هل هناك فرق بين تارك الصلاة مطلقا ومَن يتركها أحيانا ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=508 هل يجوز البقاء مع زوج لا يصلي كسلا لا انكار ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8588 وخطبة جمعة بعنوان : (الصلاة وفوائدها) https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12160 والله أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
ما حكم من يتكاسل عن أداء الصلاة ؟
..
مـا حكم مـن يتكاسل عن أداء الـصلاة ؟ أو لا يحرص علـى أدائها جماعـة في المسجـد ؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب/ أما التكاسل عن الصلاة فهو سِمة من سمات المنافقين ، وصفة بارزة من صفاتهم قال سبحانه وتعالى عنهم : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلا ) والتكاسل عن صلاة الجماعة صفة من صفات المنافقين . فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا . متفق عليه . وكان ابن عمر يقول : كنا إذا فقدنا الإنسان في صلاة الصبح والعشاء أسأنا به الظن . يعني ظننا به النفاق . وكان الحجّاج إذا أراد أن يأخذ رجلاً ليقتُلَه أو يوقع به عقوبة سألَه : هل صلّى الصبح في جماعة فإن كان كذلك تركه وأجّله . بل من تكاسل في صلاة الجماعة فقد عرّض نفسه لعدم قبول صلاته . قال عليه الصلاة والسلام : من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر . رواه ابن ماجه والحاكم وابن حبان وغيرهم ، وصححه الألباني . قال الإمام الترمذي : قال بعض أهل العلم : هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة إلا من عذر . والله تعالى أعلى وأعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
التهاون في الصلوات حتى الجمعة
...
ما حكم من لم يصل من الرجال الصلوات في المسجد ؟ يعني يداوم على الصلاة دائماً ولكن ليست في المسجد وما حكم من يداوم على جميع الصلوات ماعدا صلاة الجمعة ؟؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب/ صلاة الجماعة واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم لأدلة كثيرة ؛ منها : قوله تعالى : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ ) وهذا في حال الحرب وهذه صلاة الخوف ، ومع ذلك أمرهم الله عز وجل بصلاة الجماعة . وقوله صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عُذر . رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وغيرهم وهو حديث صحيح . فمن لم يُصلِّ الصلوات في المسجد فهو آثم ، إلا إذا كان له عُذر من سفر أو مرض ونحو ذلك . أما صلاة الجمعة فشأنها أعظم ، إذ النبي صلى الله عليه وسلم سماها عيداً ، لاجتماع الناس فيها . قال صلى الله عليه وسلم : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين . رواه مسلم . ومعنى وَدْعِهم : أي تركهم . وقال عليه الصلاة والسلام : من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه . رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم ، وهو حديث صحيح . وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يتخلّف عن صلاة الجماعة إلا منافق . قال ابن مسعود رضي الله عنه : رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتي به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف . رواه مسلم . والله تعالى أعلى وأعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 09:06 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى