![]() |
ما حكم الذهاب إلى سوق عكاظ الموجود بمدينة الطَّائف ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقكم الله وأعلى شأنكم - تمّ الأسبوع الماضي افتتاح سوق عكاظ الموجود بالطائف ، وهو مهرجان تمّ إنشاؤه منذ سنوات ولا أعرِف طبيعة المكان هناك ، ولكن حسب ما قرأت أنه مُقام في نفس مكان سوق عكاظ الجاهلي ، وأنّ دخوله للنساء والرِّجال معًا ، وفيه عرض لبعض التراث الموجود بالمملكة مِن لبس وأكل وشُرب وأدوات ولا أدري هل هناك أمور أخرى غير هذه أم لا . فما حُـكم الذَّهاب لزيارة هذا السُّوق ؟ وأسأل الله تعالى أن يُعليَ شأنكم ويرزقكم مِن حيث لا تحتسبون وييسهّل لفضيلتكم ويوسّع عليكم وجزاكم الله عنا خير الجزاء . الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بِمثل ما دعوت . هذا مِن إحياء سُنن الجاهلية ، وقد حَمى النبي صلى الله عليه وسلم جَناب التوحيد فَمَنَع الاحتفاء بِمواضع يحتفي بها أهل الجاهلية . روى أبو داود من حديث ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَنْحَر إبلاً ببوانة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرتُ أن أنْحَر إبلاً بِبُوَانَةَ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان فيها وَثَن مِن أوثان الجاهلية يُعْبَد ؟ قالوا : لا . قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوْفِ بِنَذْرِك ؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم . والحديث صححه الألباني . والشاهد سؤاله عليه الصلاة والسلام عن ذلك الموضع : هل كان فيه شيء مِن مُناسبات جاهلية ؟ قال شيخنا العثيمين رحمه الله : قوله : " عيد " ، العِيد : اسْم لِمَا يَعود أو يتكرر، والعَوْد بمعنى الرجوع ، أي : هل اعتاد أهل الجاهلية أن يأتوا إلى هذا المكان ويتخذوا هذا اليوم عيدا ، وإن لم يكن فيه وثن ؟ قالوا : لا . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمْرَين : عن الشرك ، ووسائله . اهـ . وقد مَنَع العلماء مِن الوفاء بالنذر في المكان الذي يُعظِّمه الكُفّار . قال ابن قدامة : وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ ، كَالْمَدِينَةِ ، أَوْ الثُّغُورِ ، أَوْ يَذْبَحَ بِهَا ؛ لَزِمَهُ الذَّبْحُ ، وَإِيصَالُ مَا أَهْدَاهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ، وَتَفْرِقَةُ الْهَدْيِ وَلَحْمِ الذَّبِيحَةِ عَلَى أَهْلِهِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مَا لا يَجُوزُ النَّذْرُ لَهُ ، كَكَنِيسَةٍ ، أَوْ صَنَمٍ ، أَوْ نَحْوِه ِ، مِمَّا يُعَظِّمُهُ الْكُفَّارُ ، أَوْ غَيْرُهُمْ ، مِمَّا لا يَجُوزُ تَعْظِيمُهُ ، كَشَجَرَةٍ ، أَوْ قَبْرٍ ، أَوْ حَجَرٍ ، أَوْ عَيْنِ مَاءٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ . اهـ . ومُحيي سوق عكاظ ونحوه مِن سُنن الجاهلية يُخشى دخوله تحت " َمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ " . لِقَولِه صلى الله عليه وسلم : أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللهِ ثَلاثَةٌ : مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ . رواه البخاري . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : كُلّ مَن أراد في الإسلام أن يعمل بشيء مِن سُنن الجاهلية دَخَل في الحديث ... والسنة الجاهلية : كل عادة كانوا عليها ، فإن السنة هي العادة ، وهي الطريق التي تتكرر لنوع الناس ، مما يَعُدّونه عبادة ، أوْ لا يَعُدّونه عبادة ، قال تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سَنن مَن كان قبلكم " ، والإتباع هو الاقتفاء والاسْتِـنَان ، فمن عَمِل بشيء مِن سُنَنِهم ، فقد اتَّـبَع سُنة جاهلية ، وهذا نص عام يوجب تحريم متابعة كل شيء مِن سنن الجاهلية : في أعيادهم وغير أعيادهم. اهـ . وقد " قِيلَ : الْمُرَاد مَنْ يُرِيد بَقَاء سِيرَة الْجَاهِلِيَّة ، أَوْ إِشَاعَتهَا ، أَوْ تَنْفِيذهَا " ، كما ذَكَره الحافظ ابن حجر . وسبق الجواب عن : هل يجوز الذهاب للسوق لأجل التنـزّه ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12284 ما حكم حضور اجتماع بمناسبة اليوم الوطني أو بدء العام الجديد ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15243 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 01:14 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى