![]() |
ما صِحة ما يُقال عن حرفِ في القرآن يسمّونه (فاء التزيين) ؟
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشيخ الفاضل / عبد الرحمن السحيم بارك الله لك في عمرك ووقتك ، وختم لنا ولكم بخير أردت أن أسأل عن صحة هذا الكلام فاء التزيين قال تعالى : (( أ ( فـ )لا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اللـه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)) ؟ من سورة النساء : 4 / الآية 82 قال تعالى : (( أ ( فـ ) حسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )) ؟ من سورة المؤمنون :23 / الآية 115 قال تعالى : (( أ ( فـ ) لم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين )) من سورة المؤمنون : 23 / الآية 68 قال تعالى : (( ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أ ( فـ )لا يشكرون )) ؟ من سورة ياسين : 36 / الآية 35 قال تعالى : (( ولهم فيها منافع ومشارب أ ( فـ ) لا يشكرون )) ؟ من سورة ياسين : 36 / الآية 73 قال تعالى : (( أ ( فـ ) لا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )) ؟ من سورة محمد : 47 / الآية 82 فاء التزيين : حرف يؤتى به في مواضع غير معينة لتزيين ( تحميل الكلام ) ليكون هذا الحرف رابط بين الشدة وطلب أمر ما ، وفي القرآن الكريم جاء مع أربعة أفعال ؛ هي : ( يشكرون ) ، و : ( يتدبرون ) ، و : ( يعقلون ) ، و : ( حسبتم ) ولو لحظنا جيدا لوجدنا أن هذه الأفعال فيها دعوة حتمية من اللـه تعالى إلى مخلوقيه لالتزام جوانب الشكر والتدبر والتعقل والتحسب ( وهي أمور منبتها العقل ) وقد اختلف النحويون في إعراب هذا الحرف ، وهم في ذلك على ثلاثة آراء : ( 1 ) : منهم من أعربه حرف عطف . ( 2 ) : ومنهم من أعربه حرف استئناف . ( 3 ) : ومنهم من أعربه حرف زيادة بغير توكيد . والصواب ـ واللـه أعلم ـ أنه حرف تزيين ، وهذا الإعراب بلاغي وليس نحويا لأن النحو ابن البلاغة ، ولذلك يقال في البلاغة النحو العالي . ودلل على بطلان الإعرابات الثلاثة بالأدلة المبينة في أدناه : ( 1 ) : لا يكون حرف عطف ؛ لأن العطف يقتضي أموراً ؛ هي : أ / التشريك في الحكم الإعرابي . ب / ووجود جملتين متكافئتين . ج / وأن اللـه لم يرد منهم : ( الشكر ) ، و : ( التدبر ) ، و : ( التعقل ) ، و : ( التحسب ) بعد ذكر النص وإنما صيغة النصوص تشير إلى أنهم لم يشكروا ، ولم يتدبروا ، ولم يتعقلوا ولم يتحسبوا في الماضي وإن كانت صيغة الأفعال مضارعة .فأين هذا ؟ ( 2 ) : لا يكون حرف استئناف ؛ لأن الاستئناف يقتضي انتهاء معنى الجملة الأولى تماما ثم البدء بجملة جديدة ، والجملة الأولى في النصوص الكريمة كلها لم ينته معناها . ( 3 ) : لا يكون حرفا زائدا ؛ لأن النحويين اتفقوا على أنه لا يجوز أن تكون هناك زيادة في الكلام بلا أن يكون معها غرض التوكيد ، والمواضع التي وردت في القرآن الكريم كانت الزيادة لإفادة التوكيد وهنا لا موجب لعده حرفا زائداً؛ لعدم حاجة الموضع إلى هذا فليس في ما قيل أي احتمالية للشك ها هنا . لذا فإنه هنا حرف يفيد تزيين الكلام ـ واللـه أعلم ـ . --------------- واو الثمانية : قال تعالى : (( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة ( و ) ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحداً )) من سورة الكهف : 18 / الآية 22 وقع الخلاف بين النحويين في إعراب حرف الـ ( واو ) الواقع بين قوسين في النص الكريم ما بين أن يكون حرف عطف ، أو استئناف . ولما كان للعطف ضوابط ، وللاستئناف قواعد ، والوا هنا لا يدخل ضمن هذه الضوابط والقواعد صمت النحويون في وجه النص الكريم وسبحان اللـه . وقد ( تملص ) النحويون من الاستشهاد بهذا النص الكريم في أي موضع من مواضع النحو العربي على إطلاقها ولم يذكروها في مصنفاتهم ، حتى جاء ابن هشام الأنصاري ( 761 هج ) في كتابه : ( مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ) الذي سمى هذا الحرف في إعرابه ( واو ) الثمانية ؟؟ . سبحان اللـه حرف يعجز فرقة كاملة من العلماء النحويين بمدارسهم الخمس البصرية ، والكوفية ، والبغدادية ، والمصرية ، والأندلسية وإذا كان حرف واحد أعجز فرقة علمية كاملة فكيف لا يعجز القرآن الكريم الأمم كلها بآية من آياته . وعذراً للإطالة دمتم في حفظ الرحمن http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . مِن الْخُذلان أن يظنّ الإنسان أنه أتَى بِما لم يأتِ به الأوائل ، فيظنّ أنه أتى بِما لم يأتِ به أساطين الدِّين المتين وأئمة العلْم الغزير ، وربما حَمَله هذا على تخطئة سلف هذه الأمة وأئمتها ! قال إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين ولم يسبقه إليه أحد منهم فانه يكون خطأ . اهـ . وما زعمه مِن " فاء التزيين " لا يُسَلَّم له . وعلى سبيل المثال : قال الألوسي في قوله تعالى : (قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) : والفاء - لإفادة ترتب عدم عقلهم على تحديثهم ، وإما على مُقَدَّر ، أي : ألا تتأملون فلا تعقلون . وقال أبو حيان في قوله تعالى : (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) : والفاء في (أفلا) للعطف ، حَجَزت بين الاستفهام ولا النافية ، والتقدير : فألا . وعلى طريقة الزمخشري تكون قد عَطَفَت فِعْلا على فعل ، كأن التقدير : أيثبتون على الكفر فلا يتوبون ؟ والمعنى على التعجب مِن انتفاء توبتهم وعدم استغفارهم ، وهم أجْدر الناس بذلك ، لأن كُفرهم أقْبَح الكفر ، وأفْضَح في سوء الاعتقاد ، فتعجب مِن كونهم لا يتوبون مِن هذا الْجُرْم العظيم. وقال الفراء : هو استفهام معناه الأمر ، كقوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) . اهـ . وقال الألوسي في قوله تعالى : (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ) : والفاء للعطف على مُقَدَّر ، أي : تلاحظون ذلك فلا تتذكرون بُطْلانه . اهـ . وقد ضعّف غير واحد من العلماء دعوى " واو الثمانية " . قال أبو حيان الأندلسي في آية " التوبة " : ولَمّا كان الأمر مُبَايِنًا للنهي ، إذْ الأمر طَلب فعل والنهي تَرك فعل ، حَسُن العطف في قوله : (والناهون) ، ودعوى الزيادة ، أو واو الثمانية ضعيف . وفي قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) قال ابن عطية : واو الثمانية قد ذكرها ابن خالويه ، في مناظرته لأبي علي الفارسي في معنى قوله : (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) وأنكرها أبو علي . اهـ . وقال ابن القيم في " واو الثمانية " : قولهم : إن الواو تأتي للثمانية ، ليس عليه دليل مستقيم ، وقد ذكروا ذلك في مواضع ، فلنتكلم عليها واحدا واحدا . ثم ذَكَر المواضع ، فالأول في قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والموضع الثاني في قوله تعالى : (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) الموضع الثالث في قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) الموضع الرابع في قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) ثم أجاب عنها ، وساق أقوال أئمة اللغة ، وبيّن أوجه الواو في هذه الآيات . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 06:42 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى