![]() |
هل الأحاديث التي في البخاري ومسلم كلها صحيحة ؟
الشيخ الكريم : عبدالرحمن السحيم حفظكم الله
استفسر عن صحيح مسلم والبخاري ، هل الأحاديث جميعها صحيحة؟ لأني كأني سمعت بأن صحيح البخاري ومسلم ليس كل الأحاديث فيهما صحيحة والله أعلم فهل لك أن توضح لي ؟ بارك الله فيكم وشكرا الجواب/ وحفظك الله ورعاك . أحاديث الصحيحين ( صحيح البخاري ومسلم ) كلها صحيحة ، وقد تلقّتها الأمة بالقبول . والمقصود ما رواه أصحاب الصحيح بأسانيدهما . والبخاري ومسلم قد انتقيا أحاديث كتابيهما من أحاديث صحيحة كثيرة . حتى قال الإمام البخاري رحمه الله : ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلاَّ اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين . وقال : صَنَّفت الجامع من ستمائة ألف حديث في ست عشرة سنة ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله . وقال : صنفت كتابي الجامع في المسجد الحرام ، وما أدخلت فيه حديثا حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقَّنت صِحَّـته . اهـ . ويقصد بِكتابه الجامع : الصحيح ، المشهور بصحيح البخاري ، فإن الإمام البخاري سمى كتابه : الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه . وشَهِد للإمام البخاري أئمة عصره بإمامته وتقدُّمه وصِحّة أحاديث صحيحه .. قال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي : لَمَّا ألف البخاري كتاب الصحيح عَرَضَه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المديني وغيرهم فاستحسنوه ، وشَهِدوا له بالصِّحَّة إلاَّ في أربعة أحاديث . قال العقيلي : والقول فيها قول البخاري ، وهي صحيحة . وقد تلقّت الأمة أحاديث الصحيحين بالقبول ،وأجْمَع المسلمون على ذلك ، بل وغيرها من الأحاديث الصحيحة التي تلقّاها العلماء بالقبول . حتى قال الحافظ أبو نصر السجزي : أجمع الفقهاء وغيرهم أن رَجلا لو حَلف بالطلاق أن جميع البخاري صحيح قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك فيه ، لم يَحْنَث . وقال أبو أسحاق الإسفراييني : أهل الصنعة مُجْمِعُون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بصحة أصولها ومتونها ، ولا يحصل الخلاف فيها بحال ، وإن حصل فذاك اختلاف في طُرُقها ورواتها . قال : فمن خالف حُكمه خبراً منها وليس له تأويل سائغ للخبر نقضنا حُكمه ؛ لأن هذه الأخبار تلقّتها الأمة بالقبول . وقال أبو عبد الله الْحُمَيدي في كتابه الجمع بين الصحيحين : لم نَجد مِن الأئمة الماضين - رضي الله عنهم - أجمعين مَن أفصح لنا في جميع ما جَمَعه بِالصِّحة إلاَّ هذين الإمامين . (يعني : البخاري ومُسلما) وقال الجويني إمام الحرمين : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في الصحيحين مما حَكَما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لَمَا ألزمته الطلاق ، لإجماع المسلمين على صِحَّته . وذَكَر ابن عبد البر حديث : لا صدقة في شيء من الزرع والنخل والكرم حتى يكون خمسة أوسق ، ولا في الرقة حتى تبلغ مائتي درهم . ثم قال : وهذا أعم فائدة ولا خلاف فيه ، وإن كان إسناده فيه لِين ، فإن إجماع العلماء على القول به تصحيح له . اهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : جُمْهُورَ مُتُونِ الصَّحِيحَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، تَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا . اهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ " خَبَرَ الْوَاحِدِ " إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلا بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ . وقال في أقسام الْخَبَر : وَمِنْهُ مَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ أَوْ اسْتَنَدُوا إلَيْهِ فِي الْعَمَلِ ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاطِلا لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ ، لامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْخَطَأ . وقال في موضع آخر : وَقَوْلُهُ : " إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" هُوَ مِمَّا تَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَلَيْسَ هُوَ فِي أَصْلِهِ مُتَوَاتِرًا ؛ بَلْ هُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ ، لَكِنْ لَمَّا تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ صَارَ مَقْطُوعًا بِصِحَّتِهِ . وَفِي السُّنَنِ أَحَادِيثُ تَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا وَصِيَّةَ لِوَارِثِ " ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ ، وَالْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ . اهـ . وقد جعل الله في صدور أهل العلم هيبة للصحيحين . ولم يطعن أحد في شيء من أحاديث الصحيحين حتى ظهرت بدعة المعتزلة في تقديس العقل وتقديمه على النقل ! ومن سار على ذلك النهج من المعاصرين ! الذين تجرّءوا على أحاديث الصحيحين فأخذوا يُضعّفون بعضها بِحجّة أن منها ما يُخالِف العقل ! وكأن الأمة منذ أكثر من ألف سنة تعيش بلا عقول ! حتى جاء هؤلاء فأعْمَلًوا عقولهم في نصوص الوحيين ! وأعلى درجات الـصِّحَّـة ما اتفق عليه البخاري ومسلم على إخراجه ، ثم ما انفرد به البخاري ، ثم ما انفرد به مسلم ، ثم ما كان على شرطهما ، ثم ما كان على شرط البخاري ، ثم ما كان على شرط مسلم . وهنا : ما الذي يضمنُ أن كتب الأحاديث كالبخاري ومسلم والسنن لم تُحرّف على مر العصور ؟ https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1789 كيف نردّ على مَن يدّعي أن أحاديث صحيح البخاري مكذوبة ؟ https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12098 طعن في صحة حديث صحيح في سحر النبي صلى الله عليه وسلم بِزعم أنه مُعارِض للقرآن https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9666 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن السحيم |
الساعة الآن 02:50 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى