منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية - هل يجوز تشبيه الملكين بالكاميرا الخفية ؟

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل جزاكم ربي الجنة
أخت فاضلة نزلت هذا الموضوع حفظكم الله
كلنا لا يخفى علينا ذلك البرنامج (برنامج الكاميرا الخفية) حين تختفي الكاميرا عن الأنظار و تسجل لقطات لأشخاص لم يعلموا بها وقد يغضب أحدهم ويتلفظ بألفاظ بذيئة أو يقوم بأفعال غير مقبولة !! وبعد أن يعلم أنما هو مجرد مقلب وقد صور بالكاميرا الخفية وأن جميع مشاهدين هذا البرنامج سيرون ما قام به. وقتها يتمنى أن يعاد التسجيل لماذا؟! فقط لكي يحسن أفعاله وينتقي أفضل أقواله. لمَ كل هذا؟كان الوقت بيده لماذا لم يحسن التصرف من البداية! هذه الكاميرا في الدنيا فقط واعلموا أخوتي أن على كتفي كل واحد منا ملكين أشبه بهذه الكاميرا (ولله المثل الأعلى) نعم والله إنهم رقيب وعتيد يسجلون كل صغيرة وكبيرة حتى يأتي يوم القيامة يوم العرض
هناك يعرض كل ما سُجل جلساتنا وضحكاتنا وهفواتنا كل ذلك سنجده يوم تعرض أعمالنا وحتى أقوالنا لأن الكاميرا هنا تلاحقنا في كل مكان وفي كل وقت منذ أن خلقنا وحتى الممات
أخوتي لنضع مراقبة الله أمام أعيننا لنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب. اعلموا أن كل فعل وكل قول سيسجل في كتابك ويعرض يوم القيامة على الخلائق ويحاسبك يومها الله سبحانه وتعالى. أخوتي لنحسن التصرف قبل أن نتمنى العودة يا الله تب علينا وارحمنا واجعل ما نكتبه نورا لنا في قبورنا
شيخنا الكريم هل يجوز تشبيه الملكين بالكاميرا الخفية ؟
جزاكم ربي خير الجزاء

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وحَفِظَك الله ورَعَاك .

هذا مِن باب ضَرْب المثل ، ولو كان تشبيها لم يكن فيه بأس ؛ لأنه لا يلْزَم التطابق بين الْمُشَبَّه والْمُشبَّه به ، وقد مثّل النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المؤمنين لِربِّهم تبارك وتعالى برؤية الهلال ليلة البَدْر .
وشَبّه النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس بالنهر الجاري الذي يُغتسل منه في اليوم والليلة خَمْس مرّات .

وذُكِر في المقال أنه يُكتَب على الإنسان كل شيء ، وليس كلّ ما يصدر عن الإنسان يُعْرَض عليه يوم القيامة ؛ فقد ذَكر ابن أبي حاتم في تفسيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) الْآيَةَ، قَالَ : يُكْتَبُ كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكْتَبُ قَوْلُهُ أَكَلْتُ، شَرِبْتُ، ذَهَبْتُ، جِئْتُ، رَأَيْتُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ عُرِضَ قَوْلُهُ وَعَمَلُهُ، فَأَقَرَّ مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَأَلْقَى سَائِرَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ)

وكان عكرِمة يقول : إنما ذلك في الخير والشرّ يُكْتَبَان عليه . ذَكَره ابن جرير في تفسيره .

والقول بأن الْمَلَكين على الكتفين يحتاج إلى دليل ـ والذي جاءت به النصوص أنهما على اليمين وعلى الشمال ، كما قال تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) .
قال ابن عاشور في تفسير قوله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) : يُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يُحْصِيَانِ أَعْمَالَهُ ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهِ . وَوَرْدَ فِي السُّنَّةِ بِأَسَانِيدَ مَقْبُولَةٍ : أَنَّ الَّذِي يكون عَن الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ ، وَالَّذِي عَنِ الشِّمَالِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ ، وَوَرَدَ أَنَّهُمَا يُلَازِمَانِ الْإِنْسَانَ مِنْ وَقْتِ تَكْلِيفِهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد