عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.64 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : بحور حواء المنتدى : قسـم الأنترنـت
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2010 الساعة : 12:00 AM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

هذا انتقاد لاذِع وفَضْح للصوفية ، وهذا بعض ما تُصَدِّقه الصوفية !
وقديما قيل : حَدِّث العاقِل بِما لا يُعقَل ، فإن صَدَّق فلا عَقْل له .

وأفضل الْخَلْق هم الأنبياء ، ومع ذلك لم يُحَاوِلُوا التخلّص مِن بَشَرِيّتهم ، بل قال الله عنهم : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) .
قال الإمَام القُرطبي في تَفْسِير الآية : أي : جَعَلْنَاهُم بَشَرًا يَقْضُون مَا أحَلَّ الله مِن شَهَوات الدُّنْيَا ، وإنَّمَا التَّخْصِيص في الوَحْي . اهـ .

وقال الله عزّ وجلّ عن الرُّسُل ، وهم أفضل الْخَلْق : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ) .
ولَمّا ادَّعَت النصارى ألوهية عيسى عليه الصلاة والسلام ، قال الله عزّ وجلّ عنه وعن أمه عليها السلام : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ) .

وأضل الناس وخيرهم وأتقاهم لله عزّ وجلّ هو رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وقد نَهَى عن التبتّل وهو تَرْك الزواج ، ونَهَى عن الاختصاء .

ولَمّا جَاء ثَلاثة رَهْط إلى بُيُوت أزْوَاج النبي صلى الله عليه وسلم يَسْألُون عَن عِبَادَة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلمَّا أُخْبِرُوا كأنّهم تَقَالُّوهَا ، فقالوا : وأين نَحْن مِن النبي صلى الله عليه وسلم قد غَفَر الله لَه مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِه ومَا تَأخَّر ؟ قال أحَدُهم : أمَّا أنَا فإني أُصَلِّي الليل أبَدًا ، وقال آخَر : أنَا أصُوم الدَّهْر ولا أُفْطِر ، وقال آخَر : أنَا أعْتَزِل النِّسَاء فلا أتَزَوَّج أبْدًا . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال : أنتم الذين قُلْتُم كَذا وكَذا ؟ أمَا والله إني لأخْشَاكُم لله وأتْقَاكُم لَه لَكِنِّي أصُوم وأُفْطِر ، وأُصَلِّي وأرْقُد ، وأتَزَوَّج النِّسَاء ؛ فَمَن رَغِب عن سُنَّتِي فَلَيْس مِنِّي . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لِمُسْلِم : وقَال بَعْضُهم : لا آكُل اللَّحْم .

وقد نَقَل ابن بطّال عن الْمُهَلَّب قَوله : في هذا الحديث من الفقه أن النكاح مِن سُنن الإسلام ، وأنه لا رهبانية في شريعتنا ، وأنّ مَن ترك النكاح رَغبة عن سنة محمد ، عَلَيْهِ السَّلام ، فهو مَذموم مُبْتَدِع ، ومَن تَركه من أجل أنه أوْفَق له وأعْون على العبادة فلا مَلامة عليه ؛ لأنه لم يرغب عن سُنة نَبيه وطريقته . اهـ .
وقال النووي : وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " ، فَمَعْنَاهُ : مَنْ رَغِبَ عَنْهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْر مُعْتَقِد لَهَا عَلَى مَا هِيَ . اهـ .

وما حُفِظ عن النبي صلى الله عليه وسلم مع عِبادته وقيامه وتهجّده – أنه قام ليلة كاملة ولا صام شهرا كاملا في غير الفريضة .
قالت عائشة رضي الله عنها : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ ، وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إِلاَّ رَمَضَانَ . رواه مسلم .
وفي رواية : لا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَة ، وَلا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحَ ، وَلا صَامَ شَهْرًا كَامِلا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ . رواه الإمام أحمد والنسائي

وأكثر ما رُوي عن الصحابة رضي الله عنهم صَبْرهم عن الطعام والشراب مُدّة سبعة أيام ، كما جاء عن الزبير رضي الله عنه أنه كان يصوم ويُواصِل الصيام لمدة سبعة أيام .
قال القرطبي : كان ابن الزبير يُواصِل سَبْعًا ، فإذا أفطر شَرِب السَّمْن والصَّبِر حتى يَفْتق أمعاءه ، قال : وكانت تيبس أمعاؤه .
وكان أبو الجوزاء يُواصِل سَبعة أيام وسَبْع ليال ، ولو قَبَض على ذراع الرَّجُل الشَّديد لِحَطمها.

وقد نهى النبي عن الوصال
قال القرطبي : ورد الشرع بالنهي عن الوصال ؛ لأنه يضعف الجسد ويميت النفس ، ويضعف عن العبادة ، وذلك يمنع منه الشرع وتدفعه العقل. وليس لمن منع نفسه قدر الحاجة حظ من بر ولا نصيب من زهد ؛ لأن ما حرمها من فعل الطاعة بالعجز والضعف أكثر ثوابا وأعظم أجرا . اهـ .

أما بقاء الإنسان شهرا أو أشهرا من غير طعام ولا شراب ، فهذا لا يُصدِّقه عاقِل ، فَضْلاً عن تصديق بقاء الإنسان من غير طعام ولا شراب لِسنوات !

وأما التعبّد بالجوع ، أو كَتْم الجوع ، فهذا مِن مُخترعات الصوفية !
فَنَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أفضل الْخَلْق ، ومع ذلك أخبر عن جُوعِه ، وأخبر أصحابه رضي الله عنهم عن جوعهم .
وقال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْم أَوْ لَيْلَة ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْر وَعُمَرَ ، فَقَالَ : مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا . رواه مسلم .

وقال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ، فَيَجِيءُ الْجَائِي فَيَضَعْ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ ، وَمَا بِي مِنْ جُنُون ، مَا بِي إِلاّ الْجُوعُ . رواه البخاري .

وما تَرَك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا مِن الطيبات تَزَهّدا فيه ، إلاّ أن تعافه نفسه ؛ فقد أكَل النبي صلى الله عليه وسلم الطيبات ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلّف ضِدّ حَالِه ، فلا يَطْلُب مَعدوما ، ولا يَرُدّ موجودًا إلاَّ أن يكون لا يَشتهيه أصلا .
قال ابن القيم رحمه الله : كان هديُه صلى الله عليه وسلم، وسيرتُه في الطعام ، لا يردُّ موجودًا ، ولا يَتَكَلَّف مَفقودًا ، فما قُرِّبَ إليه شيءٌ مِن الطيبات إلاّ أكله ، إلاَّ أن تَعافَه نفسُه ، فيتركَه من غير تحريم ، وما عاب طعاماً قطُّ ، إن اشتهاه أكله ، وإلاَّ تَرَكه ، كما تَرَك أكل الضَّبِّ لَمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ ، ولم يُحَرِّمه على الأُمَّة ، بل أُكِلَ على مائدته وهو ينظر .
وأكل الحلوى والعسل ، وكان يُحبهما ، وأكل لحم الجزور ، والضأن ، والدجاج ، ولحم الْحُبارى ، ولحم حِمار الوحش ، والأرنب ، وطعام البحر ، وأكل الشِّواء ، وأكل الرُّطبَ والتمرَ ، وشَرِب اللبنَ خالصًا ومَشُوبًا ، والسَّويق ، والعَسل بالماء ، وشَرِب نَقيع التمر ، وأكل الخَزِيرَة ، وهي حَسَاء يُتَّخَذ مِن اللبن والدقيق ، وأكل القِثَّاء بالرُّطَبِ ، وأكل الأَقِطَ ، وأكل التمر بالخبز ، وأكل الخبز بالْخَلّ ، وأكل الثريد ، وهو الخبز باللحم ، وأكل الخبز بالإِهالة ، وهى الوَدَك ، وهو الشحم الْمُذَاب ، وأكل مِن الكَبِدِ المَشوِيَّةِ ، وأكل القَدِيد ، وأكلَ الدُّبَّاء المطبوخةَ ، وكان يُحبُّها ، وأكلَ المسلُوقةَ ، وأكلَ الثريدَ بالسَّمْن ، وأكلَ الجُبنَ ، وأكلَ الخبز بالزيت ، وأكل البطيخ بالرُّطَبِ ، وأكل التمر بِالزُّبْدِ ، وكان يُحِبه ، ولم يكن يَردُّ طَيِّبًا ، ولا يتكلفه . اهـ .

فكل ما قيل في انتقاد الصوفية صحيح ، وأفعالهم المذكورة خِلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي يأكل الطيبات ، ويقوم وينام ، ويصوم ويُفطِر ، ويتزوّج النساء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : رَوَى أَبُو الشَّيْخِ الأصبهاني بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا يُفَضِّلُونَ لِبَاسَ الصُّوفِ فَقَالَ : إنَّ قَوْمًا يَتَخَيَّرُونَ الصُّوفَ يَقُولُونَ : إنَّهُمْ مُتَشَبِّهُونَ بِالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ ، وَهَدْيُ نَبِيِّنَا أَحَبُّ إلَيْنَا ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ الْقُطْنَ وَغَيْرَهُ أَوْ كَلامًا نَحْوًا مِنْ هَذَا . وَلِهَذَا غَالِبُ مَا يُحْكَى مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي هَذَا الْبَابِ إنَّمَا هُوَ عَنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِثْلُ حِكَايَةِ مَنْ مَاتَ أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ ... وَكَانَ فِيهِمْ طَوَائِفُ يُصْعَقُونَ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ هَذَا حَالُهُ ؛ فَلَمَّا ظَهَرَ ذَلِكَ أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ . اهـ .

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس