|
رحمه الله وغفر الله له
|
|
|
|
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
|
|
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابو إلياس
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
بتاريخ : 05-04-2010 الساعة : 03:49 PM
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كثير من الناس يجدون حساسية مُفرِطة مِن النقد والانتقاد !
والخطأ لا يكاد يخلو مِنه عَمل بشري ، وليست العصمة لأحد بعد الأنبياء والرُّسُل .
والظهور الإعلامي له بَريق يأخذ بالأبصار بل بالألباب ! وربما حَمَل صاحبه على فِعْل ما يُستقبَح ، أو ما لا يليق بالرجال .
وهذا كثير في الذين يظهرون في الإعلام ، وأعني به الإعلام الْمُنْضَبِط ، أما الإعلام الفاسِد فليس الحديث عنه هنا !
وبعض مَن يظهر في بعض القنوات المنضبِطة عليه مآخِذ وانتقادات ، مثل : لبس الضيِّق ، ولبس الأحمر ، ولبس ما لا يليق بمسلم فضلا عن إنسان ينتمي إلى الخير والصلاح ، ناهِيك عن قصّات الشعر التي هي قَصَّات الْمُخنّثين !
ورأيت أحدهم مرة ينتقد الملابس التي عليها رسوم وكتابات وذات ألوان زاهية ! ثم ما لبِث أن لبس مثل تلك الملابس ! وأخشى أن ينطبق عليه قول الله عزّ وجلّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) .
وذلك اللبس وتلك القَصَّات منهي عنها شَرْعًا ، فكيف إذا كانت مما نُهي عنه مع ما فيها مِن التشبّه بالكُفّار ؟
وقد أمَر النبي صلى الله عليه وسلم أمَر بإحراق الثياب الْمُعَصْفَرَة ( المصبوغة ) .
قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين مُعَصْفَرَين ، فقال : أأمُّك أمَرَتك بهذا ؟ قلت : أغسِلهما ؟ قال : بل أحرقهما . رواه مسلم .
وقَالَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما : رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا .
وسبق :
ما حكم ارتداء الملابس الحمراء للرجال ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4909
ومِن قواعد الشريعة : ما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم .
وما أدّى إلى فِتنة ، فإنه فِتنة ، ويُمنَع مِنه مِن باب سدّ الذرائع .
ورَحِم الله سلف هذه الأمة ما أبعدهم عن الشُّهْرَة وحُبّ الظهور .
ورَحِم الله أويس القرني ، فإن عمر رضي الله عنه قال له : أين تريد ؟
قال : الكوفة .
قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟
قال : أكون في غبراء الناس أحبُّ إليّ !
قال : فلما كان من العام المقبل حجّ رجل من أشرافهم فوافق عمر ، فسأله عن أويس .
قال : تركته رثَّ البيت ، قليل المتاع .
قال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبَرأ منه إلا موضعَ درهم ، له والدةٌ هو بها برٌّ ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل .
فأتى أويسا فقال : استغفر لي .
قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي .
قال : استغفر لي .
قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي .
قال : لقيتَ عمر ؟
قال : نعم .
فاستغفر له ، ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه . رواه مسلم .
لقد هَرب أويس رحمه الله عن الشهرة حتى هام على وجهه !
فَلَيْتَ مَن يُسارِع فيها وإليها يَفْقَه هذا المعنى !
يُضَاف إلى ذلك ما في ذلك العمل مِن الرياء والسمعة والتصنّع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مَن سَمَّع سَمَّع الله به ، ومَن رَاءَى رَاءَى الله بِه . رواه البخاري ومسلم .
قال العِزّ بنُ عبدِ السَّلام : الرِّياء أن يَعْمَل لِغَيْر الله ، والسُّمْعَة أن يُخْفِي عَمَلَه لله ، ثم يُحَدِّث بِه الناس .
قال القرطبي :
وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة ، وأصله طلب الْمَنْزِلة في قلوب الناس .
وأولها : تحسين السمت ، وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء .
وثانيها : الرياء بالثياب القصار والخشنة ، ليأخذ بذلك هيئة
الزهد في الدنيا.
وثالثها : الرياء بالقول ، بإظهار التسخّط على أهل الدنيا ، وإظهار الوعظ والتأسّف على ما يَفوت من الخير والطاعة .
ورابعها : الرياء بإظهار الصلاة والصدقة، أو بتحسين الصلاة ؛ لأجل رؤية الناس ، وذلك يطول ، وهذا دليله . قاله ابن العربي .
ثم قال القرطبي : ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ، فمن حقّ الفرائض الإعلان بها وتشهيرها ؛ لأنها أعلام الإسلام ، وشعائر الدِّين ، ولأن تاركها يستحق الذمّ والمقت ، فوجب إماطة التهمة بالإظهار ، وإن كان تطوعا فَحَقّه أن يُخْفَى ، لأنه لا يلام تركه ولا تهمة فيه ، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا .
وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين ، فَتُثْنِي عليه بالصلاح . اهـ .
ولَقِي رَجُلٌ يحيى بن أكثم وهو يومئذ على قضاء القضاة فقال له : أصلح الله القاضي كم آكل ؟ قال : فوق الجوع ، ودون الشبع . قال : فكم أضحك ؟ قال : حتى يُسْفِر وَجهك ، ولا يعلوا صوتك . قال : فكم أبكي ؟قال : لا تمل البكاء مِن خشية الله . قال : فكم أُخْفِي مِن عَملي ؟ قال : ما استطعت . قال : فكم أظهر منه ؟ قال : ما يَقْتَدِي بك الحريص على الخير ، ويُؤمَن عليك قول الناس .
والله تعالى أعلم .
|
|
|
|
|