عرض مشاركة واحدة

نبض الدعوة
الصورة الرمزية نبض الدعوة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 67
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 469
بمعدل : 0.08 يوميا

نبض الدعوة غير متواجد حالياً عرض البوم صور نبض الدعوة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الأنترنـت
افتراضي ما ردكم على من ينتقد فتاوى العلماء الثقات ويصحح ويخطئ فيها ؟
قديم بتاريخ : 27-09-2012 الساعة : 11:46 PM


السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يا شيخنا الفاضل الله يجزيك الخير و يوفقك لما يحب و يرضى
يحدث أحيانا أن أضع فتوى لشيخ من شيوخنا المشهورين الثقات فيأتي رد غريب من الأعضاء قد ينتقد الفتوى أو يتناقش فيها أو يقول أنا أخالف الشيخ فأنا أرى كذا و كذا و صدقا أنا أغضب لأن الشيخ يتحدث عن علم و هو إنسان دارس و أعلم مبلغ الدراسة التي يبلغها حتى يصل لمرحلة الفتوى بينما من يرد على الفتوى من العامة و يتحدث من غير علم
فيكون ردي هكذا أرى أننا حتى ننقد كلام شيخ أو نعقب على كلامه بأننا نخالفه و لنا رأي مختلف يجب أن نكون أكثر علما منه أو على الأقل نوازيه علماً . أو ، فالفتوى واضحة و إن كان هناك من يعقب على الفتوى فيجب أن يكون موازي للشيخ الفاضل علماً إن لم يكن أكثر علماً
فهل ردي هذا خطأ و خصوصا أن هناك من يرد فيقول لماذا أي تعقيب على كلام شيخ تعتبروه ذنب وجريمة أو أنا لا أقبل أو لم أقتنع بالفتوى مستشهد ب (استفت قلبك) أو أن هذا نوع من قداسة العلماء إلى آخره
استعجب من هذا لأننا من أهل السنة و الجماعة و نعلم أنه ليس هناك معصوم إلا الأنبياء عليهم السلام و غالب الفتاوى التي أضعها من موقع الإسلام سؤال و جواب و هو موقع رائع و ثقة
فما تعليقكم وفقكم الله




الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

كلامك صحيح لِعدة اعتبارات :

الأول : أننا أُمرنا أن نُجِلّ الكبير ونَعْرف للعَالِم حقّه ، وأن نُنْزِل الناس منازلهم .
قال عليه الصلاة والسلام : ليس مِن أمتي مَن لم يُجِلّ كبيرنا ، ويَرْحم صَغيرنا ، ويَعْرِف لِعَالِمِنا حَقَّه . رواه الإمام أحمد . وقال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناده حسن .
وقال الألباني : حسن .

والعلماء أعلم بِدِين الله وأعْرَف ، وقد اسْتَشْهَد الله بهم على أعظم مَشْهود ، وهو تَوحيده سبحانه وتعالى ، وقَرَن شَهادته بِشهادتهم ، فقال تبارك وتعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .
قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) : فأمَرَ تَعَالى بِرَدّ الْمُتَنَازَع فيه إلى كتاب الله وسُنة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء مَعرفة كَيفية الرَّدّ إلى الكتاب والسُّنة ، ويدل هذا على صحة كَون سؤال العلماء وَاجِبًا ، وامْتثال فَتْوَاهم لازِما . اهـ .

الثاني : أننا أُمِرنا بسؤال أهل العِلْم ، وبالرجوع إليهم فيما أشكل علينا ، ولم نُترَك لأهوائنا وآرائنا ، ولا لقناعاتنا ، ولا لِفتوى قلوبنا !
قال عَزّ وَجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

قال الإمام القرطبي في قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) : فأمَرَ تَعَالى بِرَدّ المتنازَع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الرَّدّ إلى الكتاب والسنة ، ويدل هذا على صحة كون سؤال العلماء واجبا ، وامتثال فتواهم لازِماً .
قال سهل بن عبد الله رحمه الله : لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم .

وفي تفسير قوله تعالى : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا ) .
قال رحمه الله : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) أي يستخرجونه ، أي لَعَلِمُوا ما ينبغي أن يُفْشَى منه ، وما ينبغي أن يُكْتَم . اهـ .

الثالث : أن الناس اليوم إذا نَزَلتْ بهم نازلة ، أو حَصَلَتْ لهم مشكلة بادروا بسؤال العلماء ، ولو كان ذلك في جوف الليل !فالذي يقع في مشكلة طلاق يُبادِر بالاتصال بأهل العلم ، يسألهم ويستفتيهم .

الرابع : لا يجوز الكلام في الكِتاب والسنة إلاَّ عَن عِلْم . قال الإمام الشاطبي : " فإن القرآن والسنة لَمَّا كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلاَّ عربي ، كما أن مَن لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نظر حتى يكون عالِمًا بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء من الشريعة " . اهـ .

الخامس : احترام أهل الاختصاص ، فإننا لا يُمكن أن نردّ قول طبيب حاذق لِمُجرّد الهوى ! أو أن الطبيب ليس معصوما !
وكذلك سائر أهل الاختصاص ، بل حتى في أبسط الأشياء ؛ فالإنسان لا يذهب لبائع الأحذية ليُصلح له سيارته !

وأما مسألة " استفت قلبك " فهي ليست في كل مسألة ، ثم إنها ليست للجهّال .
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح حديث " استفت قلبك " : وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان ، وكان الْمُفْتِي يُفْتِي له بِمُجَرَّد ظَن أو مَيل إلى هوى مِن غير دليل شرعي ، فأما ما كان مع الْمُفْتِي به دَليل شرعي فالواجب على الْمُستَفْتِى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره ، وهذا كالرخصة الشرعية ، مثل الفِطر في السفر والمرض ، وقصر الصلاة في السفر ، ونحو ذلك مما لا يَنْشَرِح به صُدور كثير مِن الْجُهَّال ، فهذا لا ِعبرة به .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يأمُر أصحابه بما لا تَنشرح به صُدور بعضهم ... وفي الجملة فما وَرد النص به فليس للمؤمن إلاَّ طاعة الله ورسوله ، كما قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)
وينبغي أن يُتَلَقّى ذلك بانشراح الصدر والرضا ، فإن ما شَرَعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له ، كما قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) . اهـ .

وعلى الإنسان أن يعرِف قَدْر نفسه .. ورحم الله امرءا عَرَف قَدْر نفسه



والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


التعديل الأخير تم بواسطة نبض الدعوة ; 23-10-2012 الساعة 04:30 AM.

رد مع اقتباس