|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
الفَرْق بين العَرَب العَارِبَة والمُسْتَعْربَة
بتاريخ : 24-10-2012 الساعة : 10:34 PM
السؤال
شيخنا الفاضل قرأت هذا الموضوع في أحد المنتديات وأريد أن أعرف صحته (الفَرْق بين العَرَب العَارِبَة والمُسْتَعْربَة)
جاء في كتاب الطبقات الكبرى بأنّ ذُرِّيَّة أبناء نوح عليه السلام (وذراريهم) استمرّوا على الإسلام (حوالي 300 سنة) ، حتى ملك (نمروذ ، وهو ليس النمروذ الذي كان في زمن النبي إبراهيم عليه السلام) ، فهذا الملك هو ابن كوش بن كنعان بن حام بن النبي نوح عليه السلام (وهو الذي غيّر وبدّل دين ربّ العالمين) ودعا الناس إلى عبادة الأوثان ففعلوا .
ـ فأمسوا وكلامهم <السريانية> ، ثم أصبحوا وقد بَلْبَلَ الله ألسنتهم ، فجعل لا يعرف بعضهم كلام بعض (بالرغم من أنهم كانوا أهل وإخوة وأقارب).
ـ ففهّم الله <اللُغة لعَرَبَيَة> إلى أربعة إخوة من أولاد سام بن نوح ، وهم : -1- <طَسَمْ> ، -2- و<عِمْليقْ> (وهو أبو العماليق كلّهم) ، -3- و<إرَمْ> وأبنائه وأحفاده -4- و<ارفخشد>.
ـ وإنّ العرب متنوّعين إلى نوعَيْن ، هما: <عَارِبَة> و<مُسْتَعْربَة>.
ـ فذهب بعض كبار المؤرّخين كابن إسحاق والطبري إلى أنّ <العَرَب العَارِبَة> هم: عاد وثمود وطسم وجديس واميم وعبيل والعمالقة وجرهم وحضرموت وحضوراء وبنو ثابر وغيرهم.
ـ وكانت العرب تُسمّي هذه الأمم <العَرَب العَارِبَة> لأنّ لسانهم الذي جُبِلوا عليه من البداية هو العربيّة .
ـ وتقول لبني النبيّ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، ولبني قحطان بن عابِر <العَرَب المُسْتَعْربَة> .لأنهم كانوا لا يتكلّمون بلِسان هذه الأمُم العربيّة حتى سكنوا بين أظهُرِهم.
ـ فقد كانت لُغة <عابِر> و<إسماعيل> عَجَمِيّة ، إمّا سِرْيانِيّة، وإمّا عِبْرانيّة.
فتعلّم بنو قحطان العربية من العاربة ممن كانوا في زمانهم ، وممّن كان قبلهم من عاد وثمود ومعاصريهم . وتعلّم إسماعيل عليه السلام وذُرِّيّته اللغة العربية من قبيلة جرْهمْ حين نزلوا بمكّة ضيوفا عليه وعلى أمّه السيّدة العظيمة هاجَر رضي الله عنها.
ـ وكان نبيّنا محمدِ صلى الله عليه وسلّم من <العَرَب المُسْتَعْربَة> لأنه من ولد إسماعيل عليه السلام ..
ـ ورد في صحيح مسلم عن وَاثِلَةَ بْنَ الاَسْقَعِ أنه قال: كان رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: < إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل . واصطفى قريشا من كنانة . واصطفى من قريش بني هاشم . واصطفاني من بني هاشم >

الجواب :
هذه مَحلّ نِزاع بين العلماء ، ولا ينبني على الخلاف كبير فائدة !
وفي الحديث في قصة أم إسماعيل حينما وضعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام في مكة : حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ ، فَأَقْبَلُوا ، وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ ، فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ ، قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ . رواه البخاري .
أي أن إسماعيل عليه الصلاة والسلام تعلّم العربية من صِغره .
قال ابن حجر في " الفتح " : قَوْلُهُ : " وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّة مِنْهُمْ "
فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ لِسَان أُمّه وَأَبِيهِ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا ، وَفِيهِ تَضْعِيف لِقَوْلِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَوَّل مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرَك " بِلَفْظِ " أَوَّل مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيل " وَرَوَى الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ فِي النَّسَب مِنْ حَدِيث عَلِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ : " أَوَّل مَنْ فَتَقَ اللَّه لِسَانه بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَة إِسْمَاعِيل " ، وَبِهَذَا الْقَيْد يُجْمَع بَيْن الْخَبَرَيْنِ ؛ فَتَكُون أَوَّلِيَّته فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَة فِي الْبَيَان لَا الْأَوَّلِيَّة الْمُطْلَقَة ، فَيَكُون بَعْد تَعَلُّمه أَصْل الْعَرَبِيَّة مِنْ جُرْهُم أَلْهَمَهُ اللَّه الْعَرَبِيَّة الْفَصِيحَة الْمُبِينَة فَنَطَقَ بِهَا ، وَيَشْهَد لِهَذَا مَا حَكَاهُ اِبْن هِشَام عَنْ الشَّرْقِيّ بْن قَطَامِيّ " إِنَّ عَرَبِيَّة إِسْمَاعِيل كَانَتْ أَفْصَح مِنْ عَرَبِيَّة يَعْرُب بْن قَحْطَان وَبَقَايَا حِمْيَر وَجُرْهُم " وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون الْأَوَّلِيَّة فِي الْحَدِيث مُقَيَّدَة بِإِسْمَاعِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّة إِخْوَته مِنْ وَلَد إِبْرَاهِيم فَإِسْمَاعِيل أَوَّل مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ وَلَد إِبْرَاهِيم ، وَقَالَ اِبْن دُرَيْدٍ فِي " كِتَاب الْوِشَاح " أَوَّل مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَعْرُب بْن قَحْطَان ثُمَّ إِسْمَاعِيل . قُلْت : وَهَذَا لَا يُوَافِق مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَرَب كُلّهَا مِنْ وَلَد إِسْمَاعِيل .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|