عرض مشاركة واحدة

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.79 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي هل يجوز أن يُقال أنّ الإنسان أحقْر مخلوقات الله ؟
قديم بتاريخ : 05-11-2012 الساعة : 09:28 PM


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ
سائل يسأل ويقول : في يوم الجمعة حضرت لأداء فريضة الجمعة وبينما الإمام يخطب وهو يقرأ من ورقة أمامه فقد شدني قوله بأن الإنسان أحقر مخلوقات الله !
أتمنى أن تفيدونني بالجواب الشافي عن إطلاق هذه العبارة على الإنسان
وجزاكم الله خيرا




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

لا يجوز إطلاق هذا القول على إطلاقه ؛ لأن الله كرَّم بني آدم ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) .

وأما على التفصيل فيجوز أن يُقال : إن الإنسان إذا كَفَر بالله وبارَز ربّه بالْمُحَارَبَة فهو أحقر وأغبى المخلوقات ، لقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ما تستقل الشمس فيبقى شيء مِن خَلق الله إلاَّ سَبَّح الله إلاَّ ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم . قال الوليد – أحد رُواتِه - : فسألت صفوان بن عمرو : ما أغبياء ؟ فقال : الغَباء شِرَار خَلْق الله . رواه الطبراني في مسند الشاميين . وقال الألباني : حسن .

والكافِر أضَلّ مِن البهائم .
قال الله عزّ وَجَلّ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) .
وقال الله جَلَّ جَلاله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) .

والكافر أضَلّ مِن البهائم لِعِدّة أسباب ، منها :
الأول : أن الكافر أعطاه الله عَقْلا يُفكِّر به ، فألغَى عقله ، وصار بِمنزلة البهيمة التي لا تعقِل . بل قد يكون أضَلّ منها ؛ لأن البهيمة تعرِف ما يضرّها وما ينفعها بِما ركّب الله بها مِن قوّة إدراك وفِطرة ، والكافر ربما كان أضلّ منها بِتناول ما يَضرّه في دِينه ودُنياه !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وليس المراد بالشرع التمييز بين الضار والنافع بالحس ، فإن ذلك يحصل للحيوانات العُجم ، فإن الْحِمَار والْجَمَل يُمَيِّز بين الشعير والتراب ، بل التمييز بين الأفعال التي تضر فاعلها في معاشه ومعاده … ولولا الرسالة لم يَهْتَد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد ، فمن أعظم نعم الله على عباده وأشرْف مِنّة عليهم أن أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وبيّن لهم الصراط المستقيم ولولا ذلك لكانوا بمنزلة الأنعام والبهائم بل أشر حالاً منها ، فَمَنْ قَبِلَ رسالة الله واستقام عليها فهو من خير البرية ، ومن ردّها وخرج عنها فهو من شر البرية ، وأسوأ حالا من الكلب والخنزير والحيوان البهيم . اهـ .

الثاني : أن الله ركّب في الحيوان شهوة بلا عقل ، وركّب في الإنسان شهوة وعقل ، فَمَن غَلَبَتْ شَهوتُه عقلَه ، كان أضلّ من الحيوان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : البهائم لها أهواء وشهوات بحسب إحساسها وشعورها ، ولم تؤت تمييزا وفرقانا بين ما ينفعها ويضرها ، والإنسان قد أوتيَ ذلك ، ولهذا يُقال : الملائكة لهم عقول بلا شهوات ، والبهائم لها شهوات بلا عقول ، والإنسان له شهوات وعقل ، فمن غلب عقلُه شهوته فهو أفضل من الملائكة أو مثل الملائكة ، ومن غلبت شهوتُه عقله فالبهائم خير منه . اهـ .
الثالث : أنه ما مِن مخلوق إلاّ ويُسبِّح بِحمْد ربّه ، كما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) .
وأما الكافِر فإنه زاد على نسيانه لِربِّه بأن بارَز ربّه بالعداوة ، كما قال تعالى : (وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا) .
قال البغوي في تفسير الآية : أي : مُعِينا للشيطان على ربه بالمعاصي . وقال الزجاج : أي : يُعَاوِن الشيطان على معصية اللّه ؛ لأن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان .

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد



رد مع اقتباس