عرض مشاركة واحدة

ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.58 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي كيف خلقنا الله من لا شيء ؟
قديم بتاريخ : 07-11-2012 الساعة : 10:33 PM


السؤال
السلام عليكم .

شيخنا الفاضل عبد الرحمن السُحيم حفظك الله وجزاك الله خيراً وبارك الله بعلمك ووقتك .

بعض الأسئلة من الغير مسلمين .

وهنا السؤال الثاني :كيف خلقنا الله من لا شيء ؟

حفظك الله يا شيخ وزادك الله فقهاً وعلماً .



الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

الله عَزّ وَجَلّ قادِر على كل شيء ، وهو سبحانه وتعالى قادِر على أن يَخْلُق الأشياء مِن عَدَم ، وأما البَشَر فلا يستطيعون صناعة شيء إلاّ على مثال سابق ، فهم لا يُوجِدون معدوما ، وإنما يصنعون مِن الموجود .

والله عَزّ وَجَلّ هو صانِع كل صانِع وصْنعتِه ، ومُوجِد كل موجود وما عَمِلته أيدي الناس .

ونحن ننبَهر في حال أحرَز الناس شيئا جميلا ، أو صَنعوا شيئا دقيقا ، وهم لم يأتوا بِمادة جديدة بحيث يكون اسْتِحداث تلك المادّة مِن قِبَلِهم ، بل استغلّوا موجودات في الطبيعة .

وتبَهْرَنا صناعة سفينة بحرية أو مَرْكَبَة فضائية كانت يوما من الأيام مُجرَّد حُلُم !

فالسفينة – مثلا - عبارة عن أخشاب ومواد أخرى قابلة للتصنيع ، ثم جَمَعتها أيدي الصُّـنَّاع حتى صارت سفينة ضخمة تَمْخَر عُباب البحر !

أفلا نتصوّر أن الخالِق القادِر على كل شيء قادِر على إيجاد كل هذه الموجودات مِن عَدَم ؟

كانت السماوات عبارة عن مادة غازية ، وهذا ما أثبَته العِلْم التجريبي الحديث .

وهذا ما أخبرنا به القرآن الكريم الذي نَزَل على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أكثر مِن ألف عام ، حيث قال الله عَزّ وَجَلّ : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) .

إن أحدنا قادِر على صناعة مُجسّم لإنسان ، ولكن غير قادِر على جَعْله كائنا حيًّا ، له خصائص وصِفات الأحياء .

والعالَم المتطوّر مادِّيًّا قادِر على صناعة أدقّ الأجهزة مِن أجل الأغراض الحربية ، أو التجسس أو غير ذلك من الأغراض ، ولكنه لا يستطيع صناعة أصغر المخلوقات ( ذُبابَة – بعوضة ) لها صِفات الأحياء ، بل ولها القُدْرَة على التناسل والتكاثُر .

والله عَزّ وَجَلّ خَلَق آدم مِن طين ، ثم نَفَخ فيه مِن رُوحه ، فكان كائنا حيًّا .

والله سبحانه وتعالى يُخْلُق الإنسان مِن نُطْفَة ثم من عَلَقَة ثم مِن مُضْغَة ثم يُنشئ العِظام فَيَكْسُو العِظام لَحْمًا ، ثم يُنشئه خَلْقًا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين .

وهذا ما جاء في القرآن قبل أكثر مِن ألف عام : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) .

وقد مكَّن الله عزّ وَجَلّ نبيّـه عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام مِن بعض ذلك ، فكان عيسى عليه الصلاة والسلام يصنع مِن الطين مثل هيأة الطائر ، ثم ينفخ فيه مِن روحه ، فيكون طائرا بإذن الله ، وذلك لأن الناس بَرَعَت في الطبّ في زَمن عيسى عليه الصلاة والسلام وقبله ، فكانت معجزته مِن جِنْس ما بَرَع به قومه ، ليكون أدعى لإقامة الحجة عليهم .

وفي القرآن الكريم : (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي) .

وهذا يُعرَّفنا بالله عَزّ وَجَلّ القادِر على كل شيء .

ويُعرّفنا في الوقت ذاته بِمَقْدِرة الإنسان وضَعْفِه وعَجْزِه .

وهذا ما جاء في القرآن الكريم : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) .

وفي القرآن الكريم أيضا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) .

ومِن هنا كان الاحتجاج على الأمم التي تُنكِر وُجود الله ، أو تُنكِر قُدْرَة الله ، كما في قوله تعالى في القرآن : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ؟

وفي القرآن الكريم : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) .

والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد



رد مع اقتباس