عرض مشاركة واحدة

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.79 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي يقول كيف يحدث القتل و السرقة و الاختطاف في مكة ، وقد جعله الله بلدا آمِنا ؟
قديم بتاريخ : 04-09-2014 الساعة : 06:27 PM


السؤال
السلام عليكم

مع حادثة قتل معتمرة في مكة و حالات السرقة الكثيرة التي تحدث دائما لزوار بيت الله و أيضا قصص اختطاف أطفال و نساء .. منهم مرأة اختطفت من سنوات نعرفها ..
المهم .. يسأل زوجي كيف يحدث كل هذا في " البلد الأمين" أليس البلد آمنا على من يدخله ؟
و علق زوجي تعليقا آخر لا أريد وضعه لما فيه من سوء ظن ..... أعاذنا الله من وسوسة الشياطين

جزاكم الله خيرا



الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

مكة – شرّفها الله – هي البلد الأمين ، الذي أقسَم الله به .
وقد عظَّم الله أمرها ، وحرّم الله صيدها أن يُصاد ، وشَجَرها أن يُقطَع ، ولكن مِن الناس لم يَلتزم بذلك .
وهذا التحريم أمْر شرعي ، وليس مِن شَرْط الأمر الشرعي أن لا يقع أحد في مخالفته ، بِخلاف الأمر الكوني القَدَريّ ، فإنه لا يقع أحد بِخلافه .

روى البخاري ومسلم من حديث أَبِي شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه : أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ ، وَوَعَاهُ قَلْبِي ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ , حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ : أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى , وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ ، فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَما , وَلا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً ، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا : إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ , وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ ، وَإِنَّمَا أُذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ .
وسبق شرحه هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/217.htm

ومِن هنا جاء التشديد على مُجرّد إرادة الذنب والْهَمّ به في الْحَرَم ، كما في قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
قال القرطبي في التفسير :
والإلحاد في اللغة الْمَيل ، إلاَّ أن الله تعالى بَيَّن أن الْمَيل بِالظُّلْم هو المراد .
واخْتُلِف في الظُّلْم ؛ فَرَوى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال : الشرك .
وقال عطاء : الشرك والقَتْل .
وقيل : معناه صيد حَمَامه ، وقطع شَجَرِه ، ودخول غير مُحْرِم .
وقال ابن عمر : كُنا نَتَحَدَّث أن الإلحاد فيه أن يقول الإنسان : لا والله ، وبلى والله ، وكَلاّ والله . ولذلك كان له فُسطاطان أحدهما في الْحِلّ والآخَر في الْحَرَم ، فكان إذا أراد الصلاة دخل فسطاط الْحَرَم ، وإذا أراد بعض شأنه دخل فسطاط الْحِلّ ، صيانة للحَرَم عن قولهم : كَلاّ والله ، وبلى والله ، حين عَظَّم الله الذَّنْب فيه .
وكذلك كان لِعبد الله بن عمرو بن العاص فسطاطان أحدهما في الْحِلّ والآخَر في الْحَرَم ، فإذا أراد أن يُعَاتِبَ أهله عاتبهم في الْحِلّ ، وإذا أراد أن يُصلي صَلّى في الْحَرَم . فقيل له في ذلك ، فقال : إنْ كُنا لنتحدث إن من الإلحاد في الْحَرَم أن نقول : كلاّ والله ، وبلى والله .
والمعاصي تُضَاعَف بمكة كما تضاعف الحسنات ، فتكون المعصية معصيتين :
إحداهما : بِنَفْس المخالفة .
والثانية : بإسقاط حُرمة البلد الحرام . وهكذا الأشهر الحرم سواء ..
وقال : ذَهَبَ قوم من أهل التأويل منهم الضحاك وابن زيد إلى أن هذه الآية تدل على أن الإنسان يُعَاقَب على ما يَنويه من المعاصي بمكة ، وإن لم يَعمله ، وقد ُروي نحو ذلك عن ابن مسعود وابن عمر قالوا : لو هَمَّ رجل بِقَتْلِ رجل بهذا البيت وهو بِعَدَنِ أبْيَن لَعَذَّبَه الله . قلت : هذا صحيح . اهـ .

وقال القرطبي في قوله تعالى : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) قال أيضا : في هذه الآية دليل على أن العَزْم مما يُؤاخَذ به الإنسان ، لأنهم عَزَمُوا على أن يَفْعَلُوا فَعُوقِبوا قبل فِعلهم ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) . اهـ .

وتَسَاهُل كثير مِن الناس في تعظيم الحرم واضِح ، وكونهم لا يُعظِّمونه هو مثل عدم تعظيم حدود الله .
فَكَم مِن الناس يقع في الزنا ؟
وكَم مِن الناس يتعامَل بالربا ؟
وكَم مِن الناس يتعاطَى الخمر والمخدِّرات ؟

ومثله التهاون في شأن شعائر الله .
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) قال القاسمي في تفسيره : أي : مَعَالِم دِينه . وهي المَنَاسِك . وإحلالها أن يَتَهَاون بِحُرْمَتِها . اهـ .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية



رد مع اقتباس