الموضوع:
خُطبة جُمعة .. عن (الإحسان)
عرض مشاركة واحدة
نسمات الفجر
الهيئـة الإداريـة
رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.60 يوميا
مشاركة رقم :
1
المنتدى :
قسم الخُطب المنبرية
خُطبة جُمعة .. عن (الإحسان)
بتاريخ : 03-01-2015 الساعة : 08:22 AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الأَحْكَامَ لإِمْضَاءِ عِلْمِهِ الْقَدِيمِ ، وَأَجْزَلَ الإِنْعَامَ لِشَاكِرِ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالدَّيْنِ الْقَوِيمِ، الْمَنْعُوتُ بِالْخُلُقِ الْعَظِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الصَّلاةِ وَأتَمَّ التَّسْلِيمِ .
أمَّا بعدُ :
فإنَّ اللهَ مُحْسِنٌ يُحبُّ الْمحسنينَ ، واللهُ هُوَ (الْبَرُّ الرَّحِيمُ)
والبَرُّ : هُوَ الذي يَـبَرُّ عِبادَهُ ويُحسِنُ إليهِمْ.
والبَرُّ الذي شَمِلَ الكائناتِ بأسْرِها بِبِرِّهِ وهباتِهِ وكَرَمِهِ، فهُوَ مَوْلَى الجميلِ ، ودائمُ الإحسانِ ، وواسِعُ المواهِبِ .
وَصْفُهُ البَرُّ ، وآثارُ هذا الوصْفِ جَمِيعُ النِّعَمِ الظاهرةِ والباطنةِ، فلا يَسْتغْنِي مخلوقٌ عنْ إحسانِهِ وبِرِّه طَرْفَةَ عينٍ .
وإحسانُهُ عَامٌّ وخَاصٌّ :
فَالعامُّ ؛ كَقولِهِ تَعَالى :
(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا)
والخاصُّ بالمؤمنينَ ؛ كَقولِهِ تَعَالَى :
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)
.
وفي دعاءِ نبيِ اللهِ سليمانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ :
(وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)
.
ولَمّا كان اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُحسِنٌ يُحِبَّ الْمُحْسِنِينَ ، جَازَى الْمُحْسِنِينَ إحسانا :
(هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)
.
قَالَ قتادةُ : عَمِلُوا خَيرًا ، فَجُوزُوا خَيرا .
ولَمّا كَانَ الجزاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ ، وَكَانَ جَزاءُ الإحسانِ إحسانًا ؛ كَانَ أقربُ النَّاسِ إلى رَحْمَةِ اللهِ الذين يَرْحَمونَ الْخَلْقَ ، والْمُحْسِنونَ الذين يُحسِنونَ إلى النِّاسِ .
قَالَ تَعَالَى :
(إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
قَالَ مَطَرُ الوَرَّاقُ : تَنَجَّزُوا مَوعُودَ اللهِ بطاعتِهِ فإنَّهُ قَضَى أنَّ رحمتَهُ قَريبٌ مِنَ المحسنينَ .
فَمَتى مَا استقامَ الإنسانُ على طاعَةِ اللهِ ، بِفِعْلِ أوامِرِهِ وتَرْكِ نَواهِيهِ ؛ فهُوَ مِنَ المحسنينَ.
قَالَ ابنُ كَثيرٍ في تفسيرِ الآيةِ : أيْ: إنَّ رَحْمتَهُ مُرْصَدَةٌ للمُحْسِنينَ ، الذينَ يَتَّبِعُونَ أوَامِرَهُ ويَتْرُكُونَ زَوَاجِرَهُ . اهـ .
ولَمّا ذَكَرَ اللهُ صفاتِ المتّقينَ خَتَمَ الآيةَ بِمَدْحِ الْمُحسنينَ .
فقَالَ عزَّ وَجَلَّ :
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
) .
رُوِيَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ جَارِيَتَهُ جَاءَتْ ذَاتَ يَوْمٍ بِصَحْفَةٍ فِيهَا مَرَقَةٌ حَارَّةٌ ، وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ فَعَثَرَتْ فَصَبَّتِ الْمَرَقَةَ عَلَيْهِ ، فَأَرَادَ مَيْمُونٌ أَنْ يَضْرِبَها، فقالتْ الجاريةُ: يا مولاي اسْتَعْمِلْ قولَ اللهِ تَعَالَى:
(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)
. قَالَ لَهَا: قَدْ فَعَلْتُ . فَقَالَتْ: اعْمَلْ بِمَا بَعْدَهُ
(وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)
. فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ . فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ:
(وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
. قَالَ مَيْمُونٌ: قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكِ ، فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى .
قال القرطبيُّ في تفسيرِه : وَرُوِيَ عَنِ الأحنفِ بنِ قيسٍ مِثْلُه . اهـ .
وَعِندما ذَكَرَ تَبَارك وتَعَالى أخبارَ المجاهدينَ الصابرينَ الماضينَ ، قَالَ بَعْدَ ذلِكَ :
(فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
.
وفي ذِكْرِ الصحابَةِ الأخيارِ :
(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)
.
وحِينمَا ذَكَرَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ رَفْعَ الْحَرَجِ عنِ السابقينَ مِنَ المؤمنينَ ، قَالَ :
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
، فأثْبَتَ لَهُمُ الْمَحَبَّةَ ، جزاءَ إحسانِهِمْ .
وعندَ الأمْرِ بالإنفاقِ قَالَ :
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
) .
قَالَ عِكْرِمَةُ : أَحْسِنُوُا الظَّنَّ بِاللَّهِ يَبَرَّكُمْ .
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ : عُودُوا عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ .
وقَالَ غيرُهُ : أَحْسَنُوا بِالْعَوْدِ عَلَى الْمُحْتَاجِ .
والْمُحْسِنونَ لَهُمْ جزاءُ الضِّعْفِ ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى :
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
، والزيادةُ هِيَ لذَّةُ النَّظَرِ إلى وَجْهِ اللهِ سُبحانَهُ .
وقَالَ عزَّ وَجَلَّ :
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)
، وقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
(وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)
، وقَالَ سُبْحانَهُ وبِحَمدِهِ :
(لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى)
.
والإحسانُ يكونُ في عبادةِ اللهِ ، ويَكونُ في مُعاملةِ الْخَلْقِ ؛ فيكونُ بالقولِ وبالفِعْل .
قَالَ الشيخُ السَّعديُّ في قولِهِ تَعَالَى :
(إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ)
قَالَ : وهَذَا شَامِلٌ لإحْسَانِهمْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِم ، بِأنْ يَعْبُدُوه كَأنَّهُمْ يَرَوْنَهُ ، فإنْ لَم يَكُونوا يَرَوْنَه فإنَّهُ يَرَاهُم ، وللإحسانِ إلى عبادِ الله ِبِبَذلِ النّفْعِ والإحسانِ ، مِنْ مالٍ ، أوْ عِلْمٍ ، أوْ جَاهٍ ، أوْ نصيحةٍ ، أوْ أمْرٍ بِمَعْرُوفٍ ، أوْ نَهْيٍ عنْ مُنْكَرٍ، أوْ غِيرِ ذلِكَ مِنْ وُجوهِ الإحسانِ وطُرُقِ الخيراتِ .
حتى إنَّهُ يَدْخُلُ في ذلِكَ : الإحسانُ بالقولِ ، والكلامُ اللَّينِ ، والإحسانُ إلى المماليكِ ، والبهائمِ المملوكةِ وغيرِ المملوكةِ .
ومِنْ أفضلِ أنواعِ الإحسانِ في عبادةِ الخالقِ
: صلاةُ الليلِ، الدالةُ على الإخلاصِ، وتواطُؤِ القلبِ واللسانِ ، ولهذا قَالَ:
(كَانُوا)
أيْ: الْمُحْسِنونَ
(قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)
أيْ: كَانَ هُجُوعُهُمْ أيْ: نَوْمُهُم بالليلِ قَليلا ، وأمَّا أكثرُ الليلِ، فإنَّهُم قَانِتُونَ لِرَبِّهم ، ما بَين صلاةٍ ، وقراءةٍ ، وذِكْرٍ ، ودعاءٍ ، وتَضَرُّعٍ . اهـ .
وأوْلَى النَّاسِ بالإحسانِ هُمْ الوالِدانِ ثمَّ الأقُرَبونَ ، كما قال الله عزَّ وَجَلّ :
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)
.
أيُّهَا المؤمنونَ
الإحسانُ في كلِّ شيءٍ ، وإلى كُلِّ مخلوقٍ .
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ :
إنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبحَ، ولْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، ولْيُرِحْ ذَبِيحتَهُ
. رَوَاهُ مُسلِمٌ
وَأَخْبَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رَجُلا سَقَى كَلْبَا يَلْهَثُ مِنَ الْعَطَشِ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ . قَالَوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ
. والحديثُ مُخرَّجٌ في الصحيحينِ .
وَأَخْبَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رَجُلا كَانَ يَمْشِي بِطَرِيقٍ فَوَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ على الطريقِ فَأَخَّرَهُ ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ
. كَمَا فِي الصحيحينِ .
ومِن هُنَا : كانتْ إزالةُ غُصْنِ شَوْكٍ مِنْ طريقِ النَّاسِ سَبَبًا للمَغْفِرةِ ودُخُولِ الْجَنَّةِ : لِمَا قَامَ بِقَلْبِ المؤمنِ الذي أزالَ الأذَى مِنْ طَريقِ النِّاسِ مِنْ تعظيمِ الخالقِ ، والرَّحْمَةِ بِالْمَخلوقينَ ، والإحسانِ إلى الْخَلْقِ
قَالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ : الإِعْلامُ بِأَنَّ نَزْعَ الأَذَى مِنَ الطَّرِيقِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ ، وَتُوجِبُ الْغُفْرَانَ ، وَتُكْسِبُ الْحَسَنَاتِ . اهـ
أيُّها المؤمنونَ :
الإحسانُ في الشريعةِ شَمِلَ حَتَى الأباعِدَ ، فيجوزُ الإحسانُ إلى الكفّارِ غيرِ الْمُحَارِبينَ مِنْ غيرِ تأثُّرِ القلبِ بِذَلَكَ ؛ لقولِهِ تَعَالَى :
(لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
.
وفَرْقٌ كبيرٌ بينَ أنْ يُحسَنَ إلى الكافرِ وتُحسَنَ مُعامَلَتُه ، وبَين أنْ يُحبَّ ويكونَ لَهُ منْزِلةٌ في القلْبِ .
فالأولُّ مشروعٌ في حقِّ الكافرِ غَيرِ الْمُحَارِبِ والثاني مَمنوعٌ شَرْعًا .
وقَدِ اتّسَعتْ دائرةُ الإحسانِ في الإسلامِ حتى شَمِلَتْ أَسْرَى الْحَربِ
ففي صِفاتِ الأبرارِ
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
.
قَالَ ابنُ جَريرٍ : كَانَ هؤلاءِ الأبرارِ يُطعمونَ الطعامَ على حُبِّهم إياهُ ، وشهوتِهِمْ لَهُ . اهـ
وعُقْبَى الإحسانِ سعادَةُ الدُّنْيَا والآخِرَةِ .
قَالَ ابنُ عَطِيَّةَ : الإحسانُ مِنَ الْعَبْدِ ، والْجَرْيُ عَلَى طريقِ الحقِّ ، لا يَضيعُ عِنْدَ اللهِ، وَلا بُدَّ مِنْ حُسْنِ عاقِبتِهِ في الدُّنيا . اهـ .
وقَالَ ابنُ القيِّمِ : وكَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو إلى الإحسانِ والصدقةِ والمعروفِ، ولذلِكِ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَحَ الخلقِ صَدْرًا، وأَطيَبَهُم نَفْسًا ، وأنعمَهُمْ قَلْبا؛ فإنَّ لِلصَّدَقةِ وَفِعلِ المعروفِ تأثيرًا عجيبًا في شَرْحِ الصَّدْر . اهـ .
وقَالَ الشيخُ السَّعديُّ : فالْمُحْسِنونَ لَهُمْ البِشارةُ مِنَ اللهِ ، بِسَعَادةِ الدُّنيا والآخِرَةِ ، وسَيُحْسِنُ اللهُ إليهِمْ ، كَمَا أحْسَنوا في عبادَتِهِ ولِعِبَادِهِ . اهـ .
وقَالَ أيضا : أيْ : هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَحْسَنَ في عِبادةِ الخالِقِ وَنَفَعَ عَبيدَهُ ، إلاَّ أن يُحْسِنَ إليه بالثوابِ الجزيلِ، والفوزِ الكبيرِ، والنعيمِ المقيمِ، والعيشِ السليمِ . اهـ .
الثانية :
الْحَمْدُ للهِ العَلِيِّ الأَعْلَى ، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ بَعْدَ الْخُضْرَةِ غُثاءً هَشِيمًا . وجَعَل ذلك مَثَلاً للحياةِ الدُّنيا ، فقال عزَّ وَجَلّ :
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ)
هكذا هي الدُّنيا ، فاتَّقُوا الله واتَّقُوا الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ .
أيها الكرام :
مِنْ أعظمِ الإحسانِ إطعامُ الطَّعَامِ
وإطْعامُ الطعامِ دَفْعٌ للـنِّقَمِ والانتقامِ ..
وجزاءُ إطعامِ الطعامِ بَحْبُوحَةُ الجِنانِ ..
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ :
يا أيُّها الناسُ أفْشُوا السلامَ ، وأطْعِمُوا الطعامَ ، وصَلُّوا بالليلِ والنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجنةَ بِسَلامٍ
. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ وابنُ مَاجَه ، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ والأرنؤوطُ .
وقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ :
إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ
. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ . وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ والأرنؤوطُ .
وخَيْرُ النَّاسِ مَنْ أطْعَمَ الطعامَ .
فَقَدْ سُئلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ
. رَوَاهُ البخاريُّ ومسلِمٌ .
قَالَ ابنُ رَجَبٍ : وجَمَعَ في الحديثِ بَيْن إطعامِ الطعامِ وإفشاءِ السلامِ ؛ لأنَّهُ بِهِ يَجْتمِعُ الإحسانُ بالقَولِ والفِعلِ ، وهُوَ أكْمَلُ الإحسانِ ، وإنَّمَا كَانَ هذا خيرُ الإسلامِ بَعْدَ الإتيانِ بفرائضِ الإسلامِ وواجباتِهِ ، فَمَنْ أتَى بفرائضِ الإسلامِ ثم ارتَقَى إلى درجةِ الإحسانِ إلى النَّاسِ كَانَ خيرا مِمَنْ لَمْ يَرْتَقِ إلى هَذِهِ الدَّرَجَةِ . اهـ .
وفي الْمُسْنَدِ : خَيْرُكُمْ مَنْ أطْعَمَ الطَّعَامَ .
وأدْرَكَ السَّلَفُ هَذَا، فبَذَلُوا بِقَدْرِ استطاعَتِهِم
كَانَ صُهَيْبٌ رَضِيَ الله عَنْهُ يُطعِمُ الطَّعَامَ الكثيرَ، فقَالَ لَهُ عُمَرُ : يا صُهَيبٌ ، إنَّكَ تُطْعِمُ الطعامَ الكثيرَ ، وذلِكَ سَرَفٌ في المالِ ، فقَالَ صهيبٌ : إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ : خِيارُكُمْ مَنْ أطْعَمَ الطعامَ ، وَرَدَّ السلامَ . فذلِكَ الذي يَحْمِلُنُي على أنْ أُطْعِمَ الطَّعَامَ .
وقَالَ نافِعٌ : مَرِضَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَاشْتَهَى عِنَبًا أوَّلَ مَا جَاءَ العِنبُ ، فأرسلتْ صَفِيَّةُ - زوجتُهُ - بِدِرْهَمٍ فاشترتْ عُنقودا بِدِرْهَمٍ ، فاتَّبَعَ الرسولَ سَائلٌ ، فَلَمَا أتَى البابَ دَخَلَ ، قَالَ : السائلُ السائل ، قَالَ ابنُ عُمَرَ : أعْطُوه إيَّاهُ ، فأعْطَوه إيَّاه ، ثمَّ أرْسَلتْ بِدِرْهَمٍ آَخَرَ فَاشْتَرَتْ بِهِ عُنْقُودًا ، فاتَّبَعَ الرسولَ سَائلٌ ، فَلمَّا انتهى إلى البابِ وَدَخَلَ، قَالَ : السائلُ السائل ! قَالَ ابنُ عُمَرَ : أَعْطُوهُ إيَّاه ، فأعْطَوْهُ إيَّاهُ ، وأرْسَلَتْ صَفِيَّةُ إلى السائلِ فقَالَتْ : واللهِ لَئنْ عُدْتَ لا تُصِيبنَّ مِنِّي خَيْرًا أبَدًا ! ثمَّ أرسْلَتْ بِدِرْهَمٍ آخَرَ فاشْتَرَتْ بِهِ . رَوَاهُ البيهقيُّ .
وكَانَ السَّلَفُ يُؤثِرُونَ على أنْفُسِهِمْ .
رُويَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ قَالَ : أُهْدِيَ لِرَجُلٍ مِنْ أصحابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسُ شاةٍ ، فقَالَ : إنَّ أَخِي فُلانا وعِيالَهُ أحْوَجُ إلى هذا مِـنَّا ؛ فَبَعَثَهُ إليهم ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ واحِدٌ إلى آخَرَ حَتَى تَدَاولَها سبعةُ أبياتٍ ، حَتَى رَجَعَتْ إلى أولئك .
وَجَاءَ مِسْكِينٌ إلى عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَسَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ رَغِيفٌ ، فَقَالَتْ لِمَوْلاةٍ لَهَا : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ ! فَقَالَتْ : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ . فَفَعَلَتْ . قَالَتْ : فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ - أَوْ إِنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا - شَاةً وَكَفَنَهَا ، فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ : كُلِي مِنْ هَذَا ، هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ ! رواهُ الإمامُ مالِكُ بَلاغًا .
وقولها :" شَاةً وَكَفَنَهَا" قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ مَلْفُوفَةً بِالرُّغُفِ .
قال ابنُ عبدِ البر : هَذَا مِنَ الْمَالِ الرَّابِحِ وَالْفِعْلِ الزَّاكِي عِنْدَ اللَّهِ ، يُعَجِّلُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ ... مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ لَمْ يَجِدْ فَقْرَهُ .
وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي فِعْلِهَا هَذَا مِنَ الَّذِينَ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَصَاصَةِ ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ وَأَفْلَحَ ، فَلا حَاجَةَ لإِحْسَانٍ بَعْدَهُ . اهـ .
وكان الربيعُ بنُ خُثيمٍ إذا جَاءهُ السائلُ قَالَ : أَطْعِموه سُكَّرًا ، فإنَّ الرَّبيعَ يُحِبُّ السُّكَّرَ .
أيها الكرام :
اليسيرُ مِنَ الصَّدَقةِ يَدْفعُ البلاءَ .
قَالَ مالِكُ بنُ دينارٍ رَحِمَهُ اللهُ : أَخَذَ السَّـبُعُ صَبِيًّا لامْرأةٍ فتصدَّقَتْ بِلُقْمَةٍ ، فَألْقَاهُ ، فَنُودِيَتْ : لُقْمَةٌ بِلُقْمَة !
وبِبذْلِ المعروفِ تَدَاوى الأخيارُ
سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ الْمُبَارَكِ ، فقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قُرْحَةٌ خَرَجَتْ فِي رُكْبَتِي مُنْذُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَقَدْ عَالَجْتُ بِأَنْواعِ الْعِلاجِ ، وَسَأَلْتُ الأَطِبَّاءَ فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَوْضِعًا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى الْمَاءِ فاحْفُرْ هُنَاكَ بِئْرًا ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَنْبُعَ هُنَاكَ عَيْنٌ ، وَيُمْسِكُ عَنْكَ الدَّمُ ؛ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ، فَبَرِئَ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَفِي هَذَا الْمَعْنَى حِكَايَةُ قُرْحَةِ شَيْخِنَا الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللهِ رَحِمَهُ اللهُ ، فَإِنَّهُ قَرِحَ وَجْهُهُ وَعَالَجَهُ بِأَنْواعِ الْمُعَالَجَةِ فَلَمْ يَذْهَبْ وَبَقِيَ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ ، فَسَأَلَ الأُسْتاذَ الإِمَامَ أَبَا عُثْمَانَ الصَّابُونِيَّ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِي مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَعَا لَهُ ، وَأَكْثَرَ النَّاسُ في التَّأْمِينِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى أَلْقَتِ امْرَأَةٌ فِي الْمَجْلِسِ رُقْعَةً بِأَنَّهَا عَادَتْ إِلَى بَيْتِهَا ، وَاجْتَهَدَتْ فِي الدُّعَاءِ لِلْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَرَأَتْ فِي مَنَامِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهَا : قُولُوا لأَبِي عَبْدِ اللهِ : يُوسِّعُ الْمَاءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَجِئْتُ بالرُّقْعَةِ إِلَى الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، فَأَمَرَ بِسِقَايَةِ الْمَاءِ فبُنِيَتْ عَلَى بَابِ دَارِهِ ، وَحِينَ فَرَغُوا مِنَ الْبِنَاءِ أَمَرَ بِصَبِّ الْمَاءِ فِيهَا ، وَطُرِحَ الْجَمَدَ فِي الْمَاءِ ، وَأَخَذَ النَّاسُ فِي الشُّرْبِ فَمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُسْبُوعٌ حَتَّى ظَهَرَ الشِّفَاءُ ، وَزَالَتْ تِلْكَ الْقُرُوحُ ، وَعَادَ وَجْهُهُ إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ . رَوَاهُ البيهقيُّ في " شُعبِ الإيمانِ " .
ومِنَ الإحسانِ : بذْلُ اللباسِ والكِسْوَةِ للمَحَاويجِ .
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، فَإِنِّي رَأَيْتُهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ . قِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ: بِقَمِيصٍ كَسَاهُ إِنْسَانًا، فَسَأَلَ بَعْضُ إِخْوَانِ صَفْوَانَ صَفْوَانَ عَنْ قِصَّةِ الْقَمِيصِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، وَإِذَا بِرَجُلٍ عَارٍ، فَنَزَعْتُ قَمِيصِي فَكَسَوْتُهُ .
أيُّها المؤمنونَ :
لا تَحْقِرُوا شيئا مِنَ الْمَعروفِ أنْ تَبْذلوهُ .
اسْتَطْعَمَ مِسْكِينٌ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِنَبٌ ، فَقَالَتْ لإِنْسَانٍ : خُذْ حَبَّةً فَأَعْطِهِ إِيَّاهَا ! فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَعْجَبُ ! فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَتَعْجَبُ ؟ كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ ؟!
قَالَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ : كَانَ المسلمونَ يَرَونَ أنَّهُم لا يُؤجَرونَ عَلَى الشيءِ القليلِ الذِيْ أَعْطَوْهُ، فَيَجِيءُ المسكينُ إلى أبوابِهِم فَيَسْتَقِلُّونَ أَنْ يُعطُوهُ التمرةَ والكِسْرَةَ والجَوْزةَ وَنَحْوَ ذلِكَ ، فَيردُّونَهُ وَيقولونَ : مَا هَذَا بشيءٍ . إنَّمَا نُؤجَرُ عَلَى ما نُعْطِي وَنَحْنُ نُحِبُّهُ .
فَنَزَل قولُهُ تَعَالَى :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)
.. فرَغَّبَهُمْ في القليلِ مِنَ الْخَيرِ أن يَعملُوه ، فإنَّهُ يُوشِكُ أنْ يَكْثُرَ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : يَنْبَغِي لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْمَعْرُوفِ أَنْ يُعَجِّلَهُ حَذَرَ فَوَاتِهِ ، وَيُبَادِرَ بِهِ خِيفَةَ عَجْزِهِ . وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ فُرَصِ زَمَانِهِ ، وَغَنَائِمِ إمْكَانِهِ ، وَلا يُهْمِلُهُ ثِقَةً بِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ، فَكَمْ وَاثِقٍ بِقُدْرَةٍ فَاتَتْ فَأَعْقَبَتْ نَدَمًا ، وَمُعَوِّلٍ عَلَى مُكْنَةٍ زَالَتْ فَأَوْرَثَتْ خَجَلا . اهـ .
نسمات الفجر
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نسمات الفجر
البحث عن المشاركات التي كتبها نسمات الفجر
البحث عن جميع مواضيع نسمات الفجر