الموضوع:
خُطبة جُمعة عن (تَعْظِيم المُصْحَفِ)
عرض مشاركة واحدة
نسمات الفجر
الهيئـة الإداريـة
رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.60 يوميا
مشاركة رقم :
1
المنتدى :
قسم الخُطب المنبرية
خُطبة جُمعة عن (تَعْظِيم المُصْحَفِ)
بتاريخ : 13-12-2015 الساعة : 07:28 PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ صُدُورَنَا أَوْعِيَةَ كِتَابِهِ، وَآذَانَنَا مَوَارِدَ سُنَنِ نَبِيِّهِ، وَهِمَمَنَا مَصْرُوفَةً إِلَى تَعَلُّمِهِمَا وَالْبَحْثِ عَنْ مَعَانِيهِمَا وَغَرَائِبِهِمَا، طَالِبِينَ بِذَلِكَ رِضَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمُتَدَرِّجِينَ بِهِ إِلَى عِلْمِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ .
عِبادَ اللهِ :
مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ أحَبَّهُ ، ومَنْ أحبَّ ربَّهُ تباركَ وتَعالَى أكثَرَ مِنْ قِراءةِ كَلامِهِ ، وتأمُّلِ آياتِ كِتابِهِ ، إلاّ أنَّ تلاوةَ كلامِ اللهِ تستلزِمُ العنايةَ بِما يُحْفَظُ به القرآنُ مِنْ أوْعِيَةٍ كالمَصاحِفِ والأشْرِطَةِ المسموعةِ ، بل والصُّدورِ التي وَعَتِ القرآن الكريم
القرآنُ هوَ كلامُ اللهِ ، مِنه بَدأَ ، وإليهِ يَعودُ .
وهوَ أعْظَمُ مَا في الوجودِ .
وكثيرٌ مِنَ النَّاسِ يتعاملونَ معَ القرآنِ مُعاملةً جافةً ، مِلْؤهَا الجفاءُ .. زيادةً على هَجْرِ القُرآنِ .
وتعظيمُ المُصحفِ مِنْ تعظيمِ اللهِ .
قالَ النوويُّ : أجْمَعَ المسلمونَ على وُجوبِ تعظيمِ القرآنِ العزيزِ على الإطلاقِ ، وتَنْزِيهِهِ وصِيَانَتِهِ .
ومِنَ الأدَبِ معَ القُرآنِ :
1 - أنْ لا يُهْجَرَ ،
وَمِنْ عَدَمِ هُجرانِهِ : قِرَاءتُه آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ ، والعَملُ به ، وتَحْكِيمُه في دُنيا الناسِ أفرادًا وجماعاتٍ .
قالَ ابنُ القيِّمِ :
هَجْرُ القرآنِ أنواعٌ :
أحَدُهَا : هَجْرُ سَمَاعِهِ والإيمانِ به والإصْغَاءِ إليهِ .
والثانيِ : هَجْرُ العَمَلِ به والوقوفِ عندَ حلالِه وحرامِه ، وإنْ قرأَهُ وآمَنَ به
والثالثُ : هَجْرُ تَحْكيمِهِ والتَّحاكُمِ إليهِ في أصولِ الدِّينِ وفُروعِهِ .
والرابعُ : هَجْرُ تَدَبُّرِهِ وتَفَهُّمِهِ ومَعْرفَـةِ ما أرادَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ منْهُ .
والخامسُ : هَجْرُ الاستشفاءِ والتداوي بِهِ في جميعِ أمراضِ القَلْبِ وأدوائها ، فيَطلبُ شِفاءَ دائِهِ مِنْ غَيرِهِ ويَهْجُرُ التداوي به .
وإنْ كانَ بعضُ الهجْرِ أهْونَ مِنْ بعْضٍ .
وقالَ النوويُ : ينبغي أنْ يُحَافِظَ على تلاوتِهِ ويُكْثِرَ منها ، وكانَ السَّلفُ رضيَ اللهُ عنهُم لهُمْ عاداتٌ مختلفةٌ في قَدْرِ ما يختمونَ فيهِ ؛ فَرَوى ابنُ أبي داودَ عنْ بعضِ السلفِ رضي الله عنهم أنهُم كانوا يختِمُونَ في كُلِّ شهرين ختمةً واحدةً ، وعَنْ بعضِهِم في كُلِّ شهرٍ خَتمةً ، وعنْ بعضِهِم في كُلِّ عَشْرِ ليالٍ ختمةً ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ ثمانِ لَيالٍ ، وعنِ الأكثرين في كلِّ سَبْعِ ليالٍ ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ ستٍّ ، وعنْ بعْضِهِم في كلِّ خَمْسٍ ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ أرْبَعٍ ، وعنْ كثيرين في كُلِّ ثلاثٍ .
قالَ : والاختيارُ أنَّ ذلك يختلِفُ باختلافِ الأشخاصِ ؛ فمَنْ كانَ يَظْهَرُ لَهُ بِدَقِيقِ الفِكْرِ لَطائفُ ومَعَارِفُ فليَقْتَصِرْ على قَدْرِ ما يَحصُلُ لَهُ كَمَالُ فَهْمِ ما يقرؤهُ ، وكَذا مَنْ كانَ مشغولا بِنَشْرِ العِلْمِ أو غيرِهِ مِن مُهِمّاتِ الدِّينِ ومَصالِحِ المسلمين العامةِ فليَقْتَصِرْ على قَدْرٍ لا يَحصلُ بِسبَبِه إخلالٌ بِمَا هوَ مُرْصَدٌ له ، وإنْ لم يكُنْ مِنْ هؤلاءِ المذكورين فليَسْتَكثِرْ ما أمْكَنَهُ مِن غَيرِ خُروجٍ إلى حدِّ المَلَلِ والْهَذْرَمَةِ . وقد كَـرِهَ جَماعةٌ مِنَ المتقدمينَ الْخَتْمَ في يومٍ وليلةٍ .
وأنْ يَقرأَ في المُصْحَفِ ؛ لقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ :
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَقْرَأْ فِي الْمُصْحَفِ .
رواه ابنُ شاهين في " الترغيب " والبيهقي في شُعبِ الإيمان ، وصحَّحَهُ الألبانيُ
2 - احترامُ المُصْحَفِ .
ويندَرِجُ تحتَهُ :
أ– أن لا يُوضَعَ شيءٌ على المصحفِ ، فإنَّهُ يَعْلوُ ولا يُعْلَى علَيْهِ .
ونَقَل البيهقيُ عن الْحَلِيمي قولَهُ : لا يُحْمَلُ عَلَى الْمُصْحَفِ كِتَابٌ آخَرٌ وَلا ثَوْبٌ وَلا شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُصْحَفَانِ فَيُوضَعُ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الآخَرِ فَيَجُوز .
وقالَ ابنُ قُدامةَ : وَلا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلا مِنْ الْكَلامِ ؛ لأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ ، فَأَشْبَهَ اسْتِعْمَالَ الْمُصْحَفِ فِي التَّوَسُّدِ وَنَحْوِهِ .
وقالَ النوويُ : ويَحْرُمُ تَوَسُّدُهُ ، بل تَوَسُّدُ آحادِ كُتُبِ العِلْمِ حَرامٌ .
ب – أن لا يُتَنَاوَلَ باليَدِ اليُسْرى تكريما للمُصْحفِ ، فقد
كان النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُعجِبُه التيمنَّ في تَنَعّلِهِ ، وترجّلِهِ ، وطُهورِهِ ، وفي شأنِهِ كلِّهِ .
رواه البخاريُ ومسلم .
قالتْ حَفصةُ رضي اللهُ عنها :
كان النبيُّ صلى الله عليه يَجْعَلُ يَمِينَهُ لأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ ، وَوُضُوئِهِ وَثِيَابِهِ ، وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ ، وَكان يَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ .
رواه أحمد وأبو داود . وصححه الألباني والأرنؤوط .
ج- أن لا تُمَدَّ الأقدامُ تِجَاهَ المَصَاحِفِ ، وأن لا يُتَخطَّى ، ولا يُجْتَازَ مِن فوقِه .
قال ابنُ نُجَيْم : يُكْرَهُ أَنْ يَمُدَّ رِجْلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ كُتُبِ الْفِقْهِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ الْمُحَاذَاةِ.
وقال الحجاوي : ويُكْرَه مَدَّ الرِّجْلَين إلى جِهَتِه أَيْ : الْمُصْحَفِ . وَفِي مَعْنَاهُ: اسْتِدْبَارُهُ وَتَخَطِّيهِ وَرَمْيِهِ إلَى الأَرْضِ بِلا وَضْعٍ وَلا حَاجَةٍ ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّدِ أَشْبَهُ .
وقالَ شيخُنا العثيمينُ رحمَهُ اللهُ :
لا شـكَّ أنَّ تعظيمَ كتابِ اللهِ عزَّ وجلّ مِنْ كمالِ الإيمانِ ، وكَمالِ تعظيمِ الإنسانِ لِربِّـهِ تباركَ وتعالى .
ومَـدُّ الرِّجْلِ إلى المُصحفِ أوْ إلى الحوامِلِ التي فيها المصاحفُ أو الجلوسُ على كُرسي أو مَاصَّةٍ تحتُها مُصْحَفٍ يُنافي كَمَالَ التعظيمِ لكلامِ اللهِ عزَّ وجلّ ، ولِهَذا قالَ أهلُ العِلمِ : إنَّهُ يُكرَهُ للإنسانِ أن يَمُدَّ رِجْلَهُ إلى المصحفِ ، هذا مع سلامةِ النيةِ والقصدِ .
أما لو أرادَ الإنسانُ إهانةَ كلامَ اللهِ فإنَّه يَكْفُرُ ؛ لأنَّ القرآنَ الكريمَ كلامُ اللهِ تعالى .
وإذا رأيتم أحدًا قَدْ مَـدَّ رِجْليهِ إلى المصحفِ سواءً كان على حَامِلٍ أو على الأرضِ ، أو رأيتم أحدًا جالسًا على شيءٍ وتحتُه مصحفٌ ، فأزيلوا المصحفَ عن أمامِ رِجْليه أوْ عنِ الكُرسي الذي هُوَ جَالِسٌ عَليهِ ، أو قولوا له : لا تمـدّ رجليكَ إلى المصحفِ . احْتَرِمْ كلامَ اللهِ عزَّ وجلّ .
والدليلُ ما ذكرتُه لك مِن أنَّ ذلك يُنافي كَمالَ التعظيمِ لِكلامِ الله ، ولهذا لو أنَّ رَجُلاً مُحتَرمًا عندكَ أمامكَ ما استطعتَ أن تمـدَّ رجليك إليهِ تعظيماً له ، فكتابُ اللهِ أوْلى بالتَّعظيمِ .
د – أن لا يُنظِّفَ أنفَهُ حالَ القراءةِ مِنْ المصحفِ ، خشيةَ أن يُصيبَ المصحفَ شيءٌ منْهُ ، ولو لم يُخْشَ مِن ذلكَ فإنَّهُ يجِبُ احترامُ المصحفِ ، فإنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَضَعُ المُصحفَ بينَ يديْه مفتوحًا ، ثمَّ يأخذُ المناديلَ ويُنظِّفُ أنْفَهُ فَوقَ المصحفِ ، وهذا في حقيقتهِ سُوءُ أدبٍ مع كتابِ اللهِ .
هـ - أنْ لا يضَعَ الْمُصحفَ مقلوبًا عند السجودِ ، فإنَّ ذلكَ مِن عدمِ تعظيمِ شعائرِ اللهِ .
قالَ اللهُ عَزّ وَجَلّ :
(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
والمصحفُ مِنْ أعظمِ شعائرِ اللهِ .
وبعضُ النَّاسِ إذا انتهى مِنْ القراءةِ ألقى بِالْمُصحفِ على الرَّفِّ إلْقاءً ، وربما أحْدَثَ صوتًا ، وهذا خِلافُ الأدَبِ مع كتابِ رَبِّنا تباركَ وتعالى .
3 – تَعاهُدُ الفَمِ بالسِّوَاكِ عِندَ قراءةِ القرآنِ
، لقولِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ :
طَهِّرُوا أفْوَاهَكم للقرآنِ .
رواه البزارُ ، وقال الهيثمي : رجالُه ثِقَاتٌ ، ورواه ابنُ المُباركِ في الزُّهدِ . والحديثُ أوردَهُ الألبانيُ في الصحيحة .
قالَ البيهقيُ في تعظيمِ القرآنِ : تَنْظِيفُ الْفَمِ لأَجْلِ الْقِرآنِ بِالسِّوَاكِ وَالْمَضْمَضَةِ ، وَمِنْهَا تَحْسِينُ اللِّبَاسِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ ، وَالتَّطَيُّبُ .
وكان الإمامُ مالكٌ يَتَطَيَّبُ ويتجمّلُ عندَ التَحديثِ بِحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فالقرآنُ مِن بابِ أوْلَى .
4 - أنْ لا تُقْطَعَ القراءةُ ، ولا يَتَشَاغَلَ القارئُ بِغيرِ التلاوة .
ومِن هَديِ السَّلَفِ عَدَمُ قَطْعِ قِراءةِ القرآنِ .
روى البخاريُ مِنْ طَريقِ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ ، قَالَ : تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟ قُلْتُ : لا . قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ مَضَى .
وفي غَزوةِ ذاتِ الرِّقَاعِ قالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِهِ :
مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤنا ؟ فانتدبَ رجلٌ مِن المهاجرين ورَجلٌ مِن الأنصار ، فقال : كُونا بِفَمِ الشِّعْب . قال : فلما خَرَجَ الرَّجُلان إلى فَمِ الشِّعبِ اضطجعَ المهاجريُّ ، وقامَ الأنصاريُّ يُصَلِّي ، وأتى الرجلُ فلمَّا رأى شَخْصَهُ عَرفَ أنُّه رَبيئةٌ للقَومِ ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ ، فَوَضَعَهُ فِيهِ ، فَنَزَعَهُ ، حتى رمَاهُ بثلاثةِ أسْهُمٍ ، ثمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ، ثمَّ انْتَبَهَ صاحِبُهُ ، فلمَّا عَرَفَ أنَّهُم قَدْ نَذَرُوا به هَرَبَ ، وَلَمَّا رَأَى المهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدمِ قالَ : سبحانَ اللهِ ألا أَنبَهَْتَنِي أوّلَ مَا رَمى ؟ قالَ : كنتُ في سورةٍ أقرأُها فلمْ أحِبّ أنْ أقطَعَها.
رواه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ . وحسّنه الألبانيُّ والأرنؤوط .
وفي روايةٍ لأحمدٍ : فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللهِ ، أَلاَ أَهْبَبْتَنِي ؟ قَالَ : كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا ، فَلَمَّا تَابَعَ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَأُرِيتُكَ ، وَأيْمُ اللهِ ، لَوْلاَ أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِهِ ، لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا .
قالَ البيهقيُ في " شُعبِ الإيمانِ " : فَصْلٌ فِي كَرَاهِيَةِ قَطْعِ الْقُرْآنِ بِمُكَالَمَةِ النَّاسِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى آيَةٍ ، وَحَضَرَ كَلامٌ فَقَدِ اسْتَقبَلَتْهُ الآيَةُ الَّتِي بَلَغَهَا وَالْكَلامُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ كَلامَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ .
وقالَ النوويُ : ومما يُعْتَنَى به ويَتَأكَدُ الأمْرُ بِه : احترامُ القرآنِ مِن أمورٍ قَدْ يَتساهَلُ فيها بعضُ الغافلينَ القارئينَ مُجْتَمِعينَ ؛ فَمِنْ ذلك : اجتنابُ الضحكِ واللغَطِ والحَديثِ في خلالِ القراءةِ إلاَّ كلامًا يُضْطَرُّ إليه ، ولْيِمْتَثِلْ قول الله تعالى :
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
... ومِنْ ذلكَ العبثُ بِاليَدِ وغيرِها ، فإنَّه يُناجِي ربَّه سُبحانَهُ وتعالى ، فلا يَعبثُ بِيديهِ ، ومِنْ ذلكَ النَّظَرُ إلى ما يُلْهِي ويُبَدِّدُ الذِّهْنَ .
5 - احترامُ أهْلِ القرآنِ
نَقَل البيهقيُ عن الْحَلِيميِّ قولَهُ : تَعْظِيمُ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَتَوْقِيرُهُمْ كتَعْظِيمِ الْعُلَمَاءِ بِالأَحْكَامِ وَأَكْثَرُ .
6 – أن يُعَظَّم القرآنُ ، فلا يُصَغَّر حتى في لَفْظِه ووصْفِه .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَخَعيُّ:كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُصَغِّرُوا الْمُصْحَفَ . قَالَ : وَكَانَ يُقَالَ: عَظِّمُوا كِتَابَ اللهِ .
ونَهَى السلفُ عن تصغيرِ حَجْمِ المصحف ، بحيث يُتّخذُ بأحجامٍ صغيرةٍ ، لا تُتّخذُ للقراءة ، وإنما للتعليقِ أوْ للزينة .
الثانية :
عبادَ الله
ثَمّةَ آدابٌ مُتَفَرِّقَةٌ تَنْبَغي مُراعاتُها :
قال البيهقيُ في تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : ذَلِكَ يَنْقَسِمُ إِلَى وُجُوهٍ مِنْهَا : تَعَلُّمُهُ .
وَمِنْهَا : إِدْمَانُ تِلاوَتِهِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ .
وَمِنْهَا : إِحْضَارُ الْقَلْبِ إِيَّاهُ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ وَتَكْرِيرُ آيَاتِهِ وَتَرْدِيدُهَا ، وَاسْتِشْعَارُ مَا يُهَيِّجُ الْبُكَاءَ مِنْ مَوَاعِظِ اللهِ وَوَعِيدِهِ فِيهَا .
وَمِنْهَا : افْتِتَاحُ الْقِرَاءَةِ بِالاسْتِعَاذَةِ ...
وَمِنْهَا : أَنْ لا يَقْطَعَ السُّورَةَ لِمُكَالَمَةِ النَّاسِ ، وَيُقْبِلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا .
وَمِنْهَا : أَنْ يُحَسِّنَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ أَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
وَمِنْهَا : أَنْ يُرَتِّلَ الْقِرَاءَةَ ، وَلا يَهُذَّهُ هَذًّا .
وَمِنْهَا : أَنْ يَزْدَادَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى مَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِهِ .
جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَيَتَدَبَّرُهُ حقَّ تَدَبُّرِه، ويقومُ بِقِسْطِهِ، ويَفِي بِشَرْطِهِ ، وَلا يَلْتَمِسُ الْهُدَى فِي غَيْرِهِ، وَهَدَانَا لأَعْلَامِهِ الظَّاهِرَةِ، وَأَحْكَامِهِ الْقَاطِعَةِ الْبَاهِرَةِ، وَجَمَعَ لَنَا بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَإِنَّهُ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ .
نسمات الفجر
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نسمات الفجر
البحث عن المشاركات التي كتبها نسمات الفجر
البحث عن جميع مواضيع نسمات الفجر