عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.64 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : مُسلم المنتدى : قسم القـرآن وعلـومه
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-03-2016 الساعة : 02:49 PM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

فوائد وأسرار القرآن لا انتهاء لها ، كما قال عَزّ وَجَلّ : (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) .

قال ابن العربي : اعلموا وَفّقكم الله أن علماءنا قالوا : إن هذه السورة [سورة البقرة] مِن أعظم سور القرآن . سمعت بعض أشياخي يقول : فيها ألف أمْر ، وألف نَهي، وألف حُكم ، وألف خَبَر ، ولعظيم فقهها أقام عبد الله بن عمر ثماني سنين في تعلمها . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له : فمَن تدبّر هذه المعاني اللطيفة تَبيَّن له بعض حكم القرآن وأسراره ؛ فتبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ، فإنه كتاب مبارك ، تَنْزِيل مِن حكيم حميد ، لا تنقضي عجائبه ، ولا يَشبع منه العلماء .
وقال : والقرآن لا تنقضي عجائبه . والله سبحانه بَيَّن مراده بيانًا أحكمه ، لكن الاشتباه يقع على مَن لم يَرسَخ في علم الدلائل الدالة . اهـ .

وأما قوله تبارك وتعالى : (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) ، فهو مثل قوله عَزّ وَجَلّ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

قال الإمام السمعاني : (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) أي : كَلام الله وَعِلْمه .
وقال الإمام البغوي : أَيْ : عِلْمُه وَحُكْمُه .
وقال الحافظ ابن كثير : يقول تعالى مُخبِرا عن عظَمته وكِبريائه وجَلاله وأسمائه الحسنى وصفاته العُلا ، وكلماته التامّة التي لا يُحيط بها أحد ، ولا اطلاع لِبَشر على كُنْهها وإحصائها ، كما قال سيّد البشر وخاتم الرُّسل : " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ، فقال تعالى : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) ، أي : ولو أن جميع أشجار الأرض جُعِلت أقلاما ، وجُعل البحر مدادا ، وأمدّه سبعة أبْحر معه ، فكُتِبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتَكَسّرت الأقلام ونَفِد ماء البحر ، ولو جاء أمثالها مِددا . اهـ .

وكلمات الله نوعان :
كلمات كَونِيّة ، وكلمات شَرعية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : كلمات الله تعالى نوعان : كلمات كَونِية ، وكلمات دينية .
وقال أيضا :
قال في الكلمات الكَونِيَّة : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ) ، وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " أعوذ بكلمات الله التامة كلها مِن شرّ ما خلق ومِن غضبه وعقابه وشر عباده ، ومِن هَمَزات الشياطين وأن يَحضرون " وقال صلى الله عليه وسلم " مَن نَزَل مَنْزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات مِن شرّ ما خَلق؛لم يَضره شيء حتى يَرتَحل مِن مَنْزِله ذلك " ...
و" كلمات الله التامات التي لا يُجاوزهن برّ ولا فاجر " هي التي كَوَّن بها الكائنات ، فلا يخرج برّ ولا فاجر عن تكوينه ومشيئته وقدرته . وأما " كلماته الدينية " وهي كُتُبه الْمُنَزّلة وما فيها مِن أمْره ونَهيه ، فأطاعها الأبرار ، وعصاها الفجار . وأولياء الله الْمُتَّقون هم المطِيعُون لكلماته الدينية ، وجَعْله الديني ، وإذنه الديني ، وإرادته الدينية .
وأما كلماته الكَونِية التي لا يجاوزها برّ ولا فاجر ؛ فإنه يدخل تحتها جميع الخلق حتى إبليس وجنوده وجميع الكفار وسائر مَن يدخل النار ، فالْخَلْق وإن اجتمعوا في شمول الخلق والمشيئة والقدرة والقَدَر لهم ، فقد افترقوا في الأمر والنهي والمحبة والرضا والغضب .
وأولياء الله المتقُون هم الذين فَعلوا المأمور ، وتركوا المحظور ، وصبروا على المقدور ؛ فأحبهم وأحبوه ، ورضي عنهم ورضوا عنه .
وأعداؤه أولياء الشياطين ، وإن كانوا تحت قُدرته ، فهو يبغضهم ويغضب عليهم ويَلعنهم ويُعاديهم . اهـ .

وسبق الجواب عن :
ما حكم نشر مواضيع مجالس المتدبرين لأشخاص لا نعرفهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14303

هل يجوز للعاميّ فَهم واستنباط الفوائد من القرآن ونشر ذلك بين الناس ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=115950

مَن الذي يحقّ له تفسير القرآن الكريم ؟ وهل يمكن لعامة الناس تفسيره ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15339

كيف نردّ على مَن يقول أنه يحقّ لكلِّ أحد أن يفهَم النُّصوص دون التقيّد بفَهم السَّلف ؟
http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/255.htm

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس