عرض مشاركة واحدة

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.60 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي ما حكم العبادة من أجل تحقيق آمال وأهداف دنيوية ؟
قديم بتاريخ : 30-05-2016 الساعة : 11:32 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله وجزاكم الله كل خير فضيلة الشيخ
ما حكم العبادة من أجل تحقيق آمال وأهداف دنيوية ؟
أي أن يريد الإنسان بعمله الخيري أو الدعوي مثلا الدنيا ؟
هل هذا ينقص الاأجر والثواب أو يحبط العمل كله ؟
بارك الله فيكم



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

لا يجوز فِعل العبادة من أجل تحقيق آمال وأهداف دنيوية ؛ لأن هذا تشريك في العبادة ، والله تبارك وتعالى يقول في الحديث القدسي : أَنَا أَغْنَىَ الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْكِ ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ . رواه مسلم .

فإذا أراد الإنسان بِعمله الخيري أو الدعوي تحصيل أمور دنيوية ؛ فليس له إلاّ ما نوى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : مَن غزا ولا يَنوي في غَزَاته إلاّ عِقالا ؛ فَلَه ما نَوى . رواه الإمام أحمد والنسائي ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرَّجُل يُقَاتِل للمَغْنَم ، والرَّجُل يُقِاتِل للذِّكْر ، والرَّجُل يُقَاتِل ليُرَى مكانه . فمن في سبيل الله ؟ قال : مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . رواه البخاري ومسلم .

بل إن مَن الْتَمَس الدنيا بالدِّين على خطر عظيم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بَشِّر هذه الأمة بالنصر والسَّناء والتمكين ، فمن عَمِل منهم عَمَل الآخرة للدنيا لم يَكن له في الآخرة نَصيب . رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ، وهو صحيح .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ . رواه الترمذي من حديث كَعْبِ بْنِ مَالِك رضي الله عنه ، وقال الألباني : حَسَن .
ورواه ابن ماجه من حديث ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما .

والأصل في الأعمال الصالحة التي تُقرّب إلى الله أن تُعمَل لله ابتداء ، ولو لَحِق بها نيّة أخرى مِن غير رياء ولا طلب سُمعة ؛ فإنها لا تضرّ ، فإن الله عزَّ وجَلّ قال في شأن الحج : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) .
وكَالذي يستغفر لتحصل له أمور دنيوية .
أو يترك الذنوب لتتيسّر أموره .

ولا شكّ أن خلوص العَمَل الصالِح مِن أغراض أخرى أزكى وأطيب وأكثر أجرا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلاَّ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الآخِرَةِ ، وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ . رواه مسلم .

وقد فرَّق العلماء بين أن تكون النية في العمل الصالح ابتداء لتحصيل أمْر دنيوي ، وبين أن تكون النية لله ، ويلتحق بها مقصد دنيوي .

قال القرافي في الفرق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات :

اعلم أن الرياء في العبادات شِرك وتشريك مع الله تعالى في طاعته ، وهو موجب للمعصية والإثم والبطلان في تلك العبادة ، كما نص عليه الإمام المحاسبي وغيره ، ويَعضده ما في الحديث الصحيح أخرجه مسلم وغيره : إن الله تعالى يقول : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عَمِل عملا أشرك فيه غيري تَركته له أو تَركته لِشَرِيكي " فهذا ظاهر في عدم الاعتداد بذلك العمل عند الله تعالى ، وكذلك قوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) يَدلّ على أن غير المخلِصين لله تعالى ليسوا مأمورين به ، وما هو غير مأمور به لا يُجزَى عن المأمور به ، فلا يُعتَدّ بهذه العبادة وهو المطلوب ، وتحقيق هذه القاعدة وسِرّها وضابطها : أن يَعمل العمل المأمور به والْمُتقَرّب به إلى الله تعالى ويقصد به وجه الله تعالى ، وأن يُعظّمه الناس أو يَعظُم في قلوبهم فيَصِل إليه نفعهم ، أو يندفع عنه ضررهم ؛ فهذا هو قاعدة أحد قسمي الرياء .
والقسم الآخر أن يَعمل العمل لا يُريد به وجه الله تعالى ألبتة ، بل الناس فقط ، ويُسمّى هذا القسم : رياء الإخلاص ، والقسم الأول : رياء الشرك ؛ لأن هذا لا تشريك فيه بل خالص للخَلق ، والأول للخَلق ولله تعالى .
وأغراض الرياء ثلاثة : التعظيم ، وجلب المصالح الدنيوية ، ودفع المضار الدنيوية . والأخيران يَتفرّعان عن الأول ، فإنه إذا عُظِّم انْجَلَبت إليه المصالح ، واندفعت عنه المفاسد ، فهو الغرض الكلي في الحقيقة . فهذه قاعدة الرياء الْمُبْطِلة للأعمال الْمُحَرَّمة بالإجماع .
وأما مُطلق التشريك ؛ كمن جاهَد ليُحصّل طاعة الله بالجهاد وليُحصّل المال مِن الغنيمة ؛ فهذا لا يَضره ، ولا يحرم عليه بالإجماع ؛ لأن الله تعالى جَعَل له هذا في هذه العبادة . فَفَرْق بين جهاده ليقول الناس : إنه شجاع ، أو ليُعظّمه الإمام فيَكثُر عطاؤه مِن بيت المال ؛ فهذا ونحوه رياء حرام ، وبين أن يُجاهد ليُحصِّل السبايا والكُراع والسلاح مِن جهة أموال العدو ؛ فهذا لا يَضرّه ...
وكذلك مَن حَجّ وشَرّك في حَجّه غَرَض الْمَتْجَر ، بأن يكون جُلّ مقصوده أو كله السفر للتجارة خاصة ، ويكون الحج إما مقصودا مع ذلك ، أو غير مقصود ويَقع تابِعا اتفاقا ؛ فهذا أيضا لا يَقدح في صِحة الحج ، ولا يوجب إثما ولا مَعصية .
وكذلك مَن صام ليَصِحّ جسده ، أو ليَحصل له زَوال مَرض مِن الأمراض التي يُنافيها الصيام ، ويكون التداوي هو مقصوده أو بعض مقصوده ، والصوم مقصوده مع ذلك ، وأوْقَع الصوم مع هذه المقاصد - لا تَقدَح هذه المقاصد في صومه ، بل أمَر بها صاحب الشرع في قوله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ، أي : قاطِع ، فأمَر بِالصوم لهذا الغرض ، فلو كان ذلك قادحا لم يأمر به عليه الصلاة والسلام في العبادات وما معها .
ومن ذلك : أن يُجدِّد وضوءه ويَنوي التبَرّد ، أو التنظيف ، وجميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الْخَلْق ، بل هي تشريك أمور مِن المصالح ليس لها إدراك ولا تَصلح للإدراك ولا للتعظيم ؛ فلا تقدح في العبادات .
فَظَهَر الفَرْق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات غَرضا آخر غير الْخَلق ، مع أن الجميع تشريك ، نعم ، لا يمنع أن هذه الأغراض المخالطة للعبادة قد تُنقِص الأجر ، وأن العبادة إذا تجردت عنها زاد الأجر وعظُم الثواب ، أما الإثم والبطلان فلا سَبيل إليه ، ومن جهته حَصل الفَرق لا مِن جِهة كثرة الثواب وقِلّته . اهـ .

قال ابن حجر في شرح حديث " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " :
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُظُوظَ النُّفُوسِ وَالشَّهَوَاتِ لا تَتَقَدَّمُ عَلَى أَحْكَامِ الشَّرْعِ ، بَلْ هِيَ دَائِرَةٌ مَعَهَا .
وَاسْتَنْبَطَ الْقَرَافِيُّ مِنْ قَوْلِهِ " فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي الْعِبَادَةِ لا يَقْدَحُ فِيهَا بِخِلافِ الرِّيَاءِ ، لأَنَّهُ أَمر بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ ، وَهُوَ بِهَذَا الْقَصْدِ صَحِيحٌ مُثَابٌ عَلَيْهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَأَرْشَدَ إِلَيْهِ لِتَحْصِيلِ غَضِّ الْبَصَرِ ، وَكَفِّ الْفَرْجِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ . اهـ .

وسبق الجواب عن :
ما حكم من يترك الذنوب لتتيسر أموره وتتحقق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14507

قد يعمل المسلم نافلة ويجتهد فيها ليتيسر أمره ويكثر رزقه ببركة العمل الصالح ,كيف ترى هذا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8217

هل حب المنصب و ثناء الناس تُحبط العمل وتنافي الإخلاص ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17629

لن تَنَالُوا هَذا الأمْر بِالْمُغَالَبَة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9259

أرجو شرح حديث : مَن تَعلّم العلم ليُباهِي به العلماء ، أو يُمارِي به السفهاء ...
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9423

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


رد مع اقتباس