عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.64 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي هل مقولة : (كذب المنجمون ولو صدقوا) حديث نبوي ؟
قديم بتاريخ : 02-10-2016 الساعة : 09:31 AM

هل مقولة : (كذب المنجمون ولو صدقوا) حديث نبوي ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم ووفقكم الله وسدد خطاكم
هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث : " كذب المنجمون ولو صدقوا " ؟
وجزاكم الله خيرا ونفعنا بعلمكم

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

هذا ليس بِحديث ، ومعناه صحيح ، فإن الْمُنجّمين إخوان الشياطين ! يَدّعون عِلْم الغيب .

وقد نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم ، فقال : مَن اقتبس عِلما مِن النجوم اقتبس شعبة مِن السحر ، زاد ما زاد . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : و " السحر " مُحرَّم بالكتاب والسنة والإجماع ، وذلك أن النجوم التي مِن السحر نوعان :
أحدهما : عِلمي ، وهو الاستدلال بحركات النجوم على الحوادث ، من جنس الاستقسام بالأزلام .
والثاني : عَملي ، وهو الذي يقولون إنه القُوى السماوية بالقُوى المنفعِلة الأرضية : كطلاسم ونحوها ، وهذا مِن أرفع أنواع السحر .
وكل ما حَرّمه الله ورسوله فَضَرَره أعظم مِن نَفعه . اهـ .

وكان سلفُ هذه الأمة ينهون عن تعلّم علم النجوم ؛ لأنه يدعوا إلى الكهانة والسحر والشعوذة ، وربما نُسب إليها شيء مِن الأفعال والتّصرّف ، والسعادة والشقاوة !

قال ابن عباس رضي الله عنهما لِمَوْلاه " كُريب " : يا غلام إياك والنظر في النجوم ، فإنه يدعو إلى الكِهانة .

وقال قتادة : إن الله تبارك وتعالى خَلَق هذه النجوم لثلاث خصال : جعلها زينة السماء ، وجعلها يُهتدى بها ، وجعلها رجوما للشياطين ، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلّف ما لا عِلم له به ، وإن ناسا جهلة بأمْرِ الله تعالى قد أحْدَثوا في هذه النجوم كِهانة مَنْ غرس بنجم كذا وكذا كان كذا ، و مَنْ وُلد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا . ولعمري ما مِن نَجم إلاّ يُولد به القصير والطويل ، والأحمر والأبيض ، والحسن والدميم ، وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذه الطير شيئا مِن الغيب ... ولَعمري لو أن أحدا عَلِم الغيب لَعَلِم آدم الذي خَلَقه الله بيده ، وأسجد له ملائكته ، وعلّمه أسماء كل شيء ، وأسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء ، ونُهيَ عن شجرة واحدة ، فلم يزل به البلاء حتى وقع بما نُهي عنه ، ولو كان أحد يعلم الغيب لَعَلِم الجن حيث مات سليمان بن داود عليهما السلام ، فلبثت تعمل حَوْلاً في أشد العذاب ، وأشد الهوان ، لا يشعرون بموته ، فما دلّهم على موته إلاّ دابة الأرض تأكل مِن مِنْسَأته ، أي : تأكل عصاه ، فلمّا خرّ تبينت الجن أن لو كانت الجن تعلم الغيب ما لَبِثوا في العذاب المهين ، وكانت الجن تقول مثل ذلك : إنها كانت تعلم الغيب ، وتعلم ما في غدٍ ، فابتلاهم الله عز وجل بذلك ، وجعل موت نبي الله عليه الصلاة والسلام للجن عِظة ، وللناس عِبرة . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : أخبر سبحانه في كتابه من منافع النجوم ؛ فإنه يُهتدَى بها في ظلمات البر والبحر ، وأخبر أنها زينة للسماء الدنيا ، وأخبر أن الشياطين تُرْجَم بالنجوم ، وإن كانت النجوم التي تُرْجَم بها الشياطين مِن نوع آخر غير النجوم الثابتة في السماء التي يُهْتدَى بها ؛ فإن هذه لا تزول عن مكانها بخلاف تلك ؛ ولهذه حقيقة مخالفة لتلك ، وإن كان اسم النجوم يجمعها .
وقال :
واعتقاد المعتَقِد أن نَجْما مِن النجوم السبعة هو المتولِّي لِسَعْده ونَحْسه ؛ اعتقاده فاسد . وأن اعتقد أنه هو المدَبِّر له ؛ فهو كافر . وكذلك إن انضمّ إلى ذلك دعاؤه والاستعانة به كان كفرا وشركا مَحضًا . اهـ .

وكان السَّلَف يُكذِّبون الْمُنجّمِين ، ويَردّون عليهم أقوالهم ثِقَة بالله عزَّ وجَلّ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لَمّا أراد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يُسافر لقتال الخوارج ، عَرَض له مُنَجِّم ، فقال : يا أمير المؤمنين لا تسافر ؛ فإن القمر في العقرب ؛ فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزم أصحابك - أو كما قال - ، فقال عليّ : بل أسافر ثِقة بالله ، وتوكّلا على الله ، وتكذيبا لك . فسافر ، فَبُورِك له في ذلك السَّفر حتى قُتل عامة الخوارج ، وكان ذلك من أعظم ما سُرّ به ؛ حيث كان قتاله لهم بأمْرِ النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ .
ولَمَّا خَرَجت الْحَرُورِيّة (الخوارج) على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا حُكم إلاّ لله ! قال عليّ : كلمة حق أُرِيد بها باطِل ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَصَف ناسًا ، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء ، يقولون الْحَقّ بألْسِنتهم لا يَجوز هذا منهم - وأشار إلى حَلْقه - مِنْ أبغض خلق الله إليه ، منهم أسْود إحدى يديه طُبْيُ شاة أو حَلَمة ثدي ، فلما قَتَلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : انظروا ، فنظروا فلم يَجِدوا شيئا ، فقال : ارجعوا فو الله ما كَذَبت ولا كُذِبت - مرتين أو ثلاثا - ثم وجدوه في خَربة ، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه . رواه مسلم .
(طُبْيُ شاة ) ضرع شاة .

وكثيرا ما تكون توقّعاتهم خِلاف الواقع !

قال ابن الجوزي في حوادث سنة 284 هـ :
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَعَدَ الْمُنَجِّمُونَ النَّاسَ أَنَّ أَكْثَرَ الأَقَالِيمِ سَتَغْرَقُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مِنْ كَثْرَةِ الأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ وَزِيَادَةِ الأَنْهَارِ ، فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا ، فَلَمْ تَكُنْ سَنَةٌ أَقَلَّ مَطَرًا مِنْها ، وَقَلَّتِ الْعُيُونُ جِدًّا ، وَقَحَطَ النَّاسُ فِي كُلِّ بُقْعَةٍ حَتَّى اسْتَسْقَى النَّاسُ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلادِ مِرَارًا كَثِيرَةً ، وَلِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ . اهـ .

وقبل عِدّة سنوات توقعوا أن تستمر الأمطار خمس سنوات على جزيرة العرب !
وتأتي السنة التي تَلَتْ توقّعاتهم ، ولم تَنْزِل فيها أمطار !

وقال شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله عن قول : (كَذَب المنجّمون ولو صَدقوا) : لا أعلم أصلاً لهذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وإنما الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد " .
فَتعلّم التنجيم لمعرفة الحوادث ودَعوى علم الغيب هذا مُنكر عظيم ، بل هو مِن الشرك الأكبر ؛ لأن ادِّعاء علم الغيب أو أن هذه النجوم لها تأثير في إيجاد الحوادث دون الله عز وجل هذا كفرٌ أكبر ، وإنما هي كَمَا قال الله جل وعلا زينةٌ للسماء ، ورجوم للشياطين ، وعلامات يُهتدى بها ، فمَن تعلّمها لمعرفة الطُّرق وأوقات الحراثة وأشباه ذلك مما هو معروف ؛ فهذا لا بأس به ، أما أن يَتعلّمها لاعتقاد أنه بهذا يَعلَم الغيب ، أو لأنها هي الْمُحدِثة للحوادث ؛ فهذا كله مِن الكفر الأكبر ، والواجب على المؤمن أن يتقيّد بالأمر الشرعي ، وأن يَحذَر ما نَهى الله عنه ، والله يقول سبحانه : (قُل لاَ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ) ، فالغيب عنده سبحانه وهو الذي يعلمه جل وعلا ، وليس عند المنجّمين والسحرة والكَهَنة ونحو ذلك ممن يَدّعون عِلم الغيب . اهـ .

وسبق الجواب عن :
هل استماع الجن لأخبار السماء انقطع بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=29013

ومُحاضرة بعنوان :
خَمسٌ لا يَعلمهن إلاَّ الله
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1706

ومقال بعنوان :
فو الله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=735

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس