عرض مشاركة واحدة

ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.58 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
افتراضي شبهة حول مخالفة المشركين فى مسألة اعفاء اللحية..
قديم بتاريخ : 16-02-2010 الساعة : 04:15 AM


كيف نرد على من قال أن حديث اللحية (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى) لا يُحمل على الوجوب, لأنه ظهر دليل يرد وجوب المسألة وهو في صبغ الشيب, فقد جاء في الحديث (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)

ومعلوم أن ليس كل الصحابة قد صبغوا الشيب, وبما أن الحديثين فيهما الأمر بالمخالفة, ولم يصبغ جميع الصحابة فدّل على أنهم لم يحملوا الحديث الثاني على الوجوب و بالتالي لا يحمل الأول أيضاً على الوجوب إذ أن العلة فيهم المخالفة.

ما صحة هذا الكلام بنظر فضيلتكم.




الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا يُمكن حمْل الأمر في الحديثين على الاستحباب ، وذلك لِعدّة أسباب :

الأول : أن الأصوليين اتفقوا في مبحث " الْمُطْلق والْمُقيَّد " على أنه إذا اختلف السبب واختلف الحكم لم يُحْمَل أحدهما على الآخر ، بل يُعتبر كل واحد منهما بنفسه ؛ لأنهما لا يشتركان في لفظ ولا في معنى ، كما ذَكَره الإمام السمعاني ، وكما في " المسودة " لآل تيمية .

الثاني : أن بين الـنَّصّين فَرْق ، وذلك أن تغيير الشيب يشمل الرأس واللحية ، ويدلّ عليه صراحة قصة أبي قحافة رضي الله عنه .
ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال : أُتِي بأبي قحافة - أو جاء عام الفتح - أو يوم الفتح ، ورأسه ولحيته مثل الثغام - أو الثغامة - فأمر أو فأمر به إلى نسائه قال : غَيِّرُوا هذا بشيء .
فهذا في الرأس واللحية .
بينما إعفاء اللحية مُختصّ باللحية دون شعر الرأس .

الثالث : - وهو ما تضمّنه السؤال – من أنه (ليس كل الصحابة قد صبغوا الشيب) ، ومعلوم أنه لم يَحْلِق أحد من الصحابة لحيته ، ولا قصّها كفعل المجوس والمشركين ، وغاية ما جاء عن بعضهم – كابْنِ عُمر – أن قصّ ما زاد عن القبضة في الـنُّسُك ( حج أو عُمرة ) .

فالصحابة رضي الله عنهم فهموا الَفَرْق بين النَّصّين .

الرابع : أن الأمر في إعفاء اللحية جاء مُؤكَّدا بِعدّة صِيَغ .
قال الإمام النووي : فَحَصَل خمس روايات : " أعْفُوا " و " أوْفُوا " و " أرْخُوا " و" ارْجُوا " و"وَفِّرُوا " ومعناها كلها تركها على حالها ، هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه ، وهو الذي قاله جماعة من أصحابنا وغيرهم من العلماء . اهـ .

فهذه الألفاظ تأكيد للأمر ، والأمر يقتضي الوجوب ، بينما لم يَرِد مثل هذا التأكيد في مسألة تغيير الشَّيب .

الخامس : أن قائل هذا القول يحتاج فيه إلى سَلَف له ، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : إياك أن تتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمام .

ولا أعلم سَلَفًا له في عدم القول بِوُجوب إعفاء اللحية .
ولم ينتشر حَلْق اللحى إلاّ بعد دخول الاحتلال الكافر إلى بلاد المسلمين !

السادس : أن من ترك صبغ الشيب من الصحابة رضي الله عنهم فلأجل أن شَيْبَه غير كثير ، ومَن صَبَغ كان قد فَعَل اللائق به .
قال ابن حجر : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْخَضْب وَتَرْكه ؛ فَخَضَّبَ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَغَيْرهمَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَتَرَكَ الْخِضَاب عَلِيّ وَأُبَيّ بْن كَعْب وَسَلَمَة بْن الأَكْوَع وَأَنَس وَجَمَاعَة ، وَجَمَعَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ مَنْ صَبَغَ مِنْهُمْ كَانَ اللائِق بِهِ كَمَنْ يُسْتَشْنَع شَيْبه ، وَمَنْ تَرَكَ كَانَ اللائِق بِهِ كَمَنْ لا يُسْتَشْنَع شَيْبه .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


رد مع اقتباس