عرض مشاركة واحدة

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.64 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1666  
كاتب الموضوع : عبد الرحمن السحيم المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-06-2020 الساعة : 07:42 AM

مِن أسْرَار التّكرَار في القُرآن

💎 قال العلاّمة القاسِمِيّ : مَطْلَب في سِرّ التّكْرِير :
فتَكْرِير صِفات الله دالّ على الاعتناء بِمَعرِفَتِها ، والعَمَلِ بِمُوجِبها .
وتَكْرِير القَصص دالّ على الاهتمام بالوعظ للإيقاظ والاعتبار .
وفائدة تكرير القصص : تَطْرئة المواعِظ وتشديدها ؛ لأن منها : ما يحث على الطاعة والإيمان ، ومِنها ما يَزجُر عن الكُفر والعصيان .
وكذلك تكرير الوَعْد والوَعِيد ، وكذلك تَكرِير ذِكْر الأحكام ، وكذلك تَكرِير المدح والذمّ ، وما يترتب على المأمورات والمنهيات مِن المؤكّدَات المذكورات .
فتَكرِير الوَعْد يَدلّ على الاهتمام بِفعل الطاعات ترغيبا في ثوابها .
وتكرِير الوَعيد يَدلّ على الاهتمام بِتَرك الْمُخَالَفَات تَرْهِيبًا مِن عِقَابِها .
وتكرِير القرآن بين الوَعْد والوَعِيد يَدلّ على الاهتمام بِوُقُوف العباد بَيْن الْخَوْف والرجاء ؛ فلا يقنطوا من رحمة الله وأفضاله، ولا يَغْتَرّوا بِحِلْمِه وإمْهَالِه .
وتكرِير الأحكام يَدلّ على الاعتناء بِفِعل الطاعات ، واجتناب الْمُخَالَفَات .
وتكرِير الأمثال يدلّ على الإيضاح والبيان .
وتكرير تَذكِير النّعَم يَدلّ على الاعتناء بِشُكْرِها ...

💎 وأما قوله : (فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فيَجُوز أن تكون مُكَرّرَة على جَمِيع أنْعُمِه ، ويَجُوز أن يُراد بِكُلّ واحِدة مِنْهنّ ما وَقَع بينها وبَيْن التي قَبْلَها مِن نِعْمَة ، ويَجُوز أن يُراد بِالأُولى ما تَقَدّمَها مِن النّعَم ، وبِالثّانِية ما تَقَدّمَها ، وبِالثالثة ما تَقَدّم على الأولى والثانية ، وبِالرّابِعة ما تَقَدّم على الأولى والثانية والثالثة ...
وهكذا إلى آخر السورة .

🔻 فإن قيل : كيف يكون قوله : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ) [الرحمن: 31] نِعْمَة ؟
وقوله : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ) [الرحمن: 41] نِعْمَة ؟
وكذلك قوله : (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) [الرحمن: 43] ؟
وقوله : (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ) [الرحمن: 35] ؟
وقوله : (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ) [الرحمن: 44] ؟
✅ قُلْنا : هذه كُلّها نِعَم جِسَام ؛ لأن الله هَدّد العباد بها استِصْلاحا لهم ليَخْرُجُوا مِن حَيّز الكُفر والطغيان والفُسُوق والعِصْيان إلى حَيّز الطاعة والإيمان والانقياد والإذعان ، فإنّ مَن حَذّر مِن طُرُق الرّدَى وبَيَّن ماَ فيها مِن الأذَى ، وحَثّ على طُرُق السلامة الْمُوصِلة إلى الْمَثُوبَة والكَرَامَة : كان مُنْعِمًا غَايَة الإنعام ، ومُحْسِنًا غَايَة الإحسان .
(محاسِن التأويل)

🔶 وَيُرْوَى أَنَّ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ سُئِلَ : مَا مَعْنَى تَكْرِيرِ الْقَصَصِ فِي الْقُرْآنِ ؟
فقال : عَلِمَ اللَّهُ أنَّ كُلَّ النَّاسِ لا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ ، فَلَو لَم تَكُنِ الْقِصَّةُ مُكَرَّرَةً لَجَازَ أن تَكُونَ عِنْد بَعْضِ النَّاسِ وَلا تَكُونُ عِنْدَ بَعْضٍ ، فَكُرِّرَتْ لِتَكُونَ عِنْد مَن حَفِظَ الْبَعْض .
(الجامع لأحكام القرآن : تفسير القرطبي)

رد مع اقتباس