الموضوع:
هـذا بِـذنْـبِـي ...
عرض مشاركة واحدة
محب السلف
الهيئـة الإداريـة
رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : بلاد الإسـلام
المشاركات : 2,131
بمعدل : 0.38 يوميا
مشاركة رقم :
1
المنتدى :
قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
هـذا بِـذنْـبِـي ...
بتاريخ : 16-02-2010 الساعة : 09:03 AM
..
كَانَتْ أَسْمَاءُ بنت أبي بكر رضي الله عنها تَصْدَعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَقُوْل : بِذَنْبِي ، وَمَا يَغْفِرُهُ اللهُ أَكْثَر . رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " .
أي أنها ما تُصاب إلا بسبب ذنبها .
وهي بذلك تُشير إلى قوله تعالى :
(
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ
)
وقالت فاطمةُ بنت المنذِر : كانت جَدّتي أسْمَاء تَمْرَضُ الْمَرْضَة فتُعتِقُ كُلّ مَمْلوك لها . رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " .
وحَـدّث عبيد الله بن السّرِى قال : قال ابن سيرين : إني لأعرف الذنب الذي حُمل به عليّ الدَّين ما هو . قلت : لرجل منذ أربعين سنة : يامفلس !
قال عبيد الله : فحدثتُ به أبا سليمان الداراني فقال :
قَـلّـت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندرى من أين نؤتى !
وكان الفضيل بن عياض يقول : إني لأعصِي الله فأعرف ذلك في خُلُق حِمَاري وخادِمي .
وفي ترجمة الإمام وَكِيع بن الجرّاح رحمه الله أن رجلاً أغْلَظَ لِوَكِيع ، فَدَخَل وَكِيع بَيْتًا فَعَفّر وَجْهه بِالتّراب ، وخَرجَ إلى الرّجُل فقال له : زِدْ وَكِيعًا بِِذَنْبِه ، فَلَوْلاَه ما سُلِّطتَ عَليَّ
.
رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " .
أي لولا ذنوبي لما سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول .
ولما استطال رجل على أبي معاوية الأسود فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية :
دعه يشتفي ، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سلّـطت عليّ به هذا .
(صفة الصفوة ، لابن الجوزي)
هذا من فقـه المصيبة ، وهو فِقـه دقيق لا يتأمله كل أحـد .
فمتى أُصيب العبد بمصيبة لم ينظر إلى أسبابها وإلى ما هو مُقيم عليه من ذنوب ، فقد نظر إلى ظاهر الأمر دون باطنه .
فينظر كثير من الناس إلى مَن أجرى الله على يديه تلك المصيبة التي ما هي إلاّ عقوبة لذلك الذّنب ، ولولا ذلك الذنب لما سُـلِّـط عليه .
كما تقدّم في الآثار السالفة .
ينظر كثير من الناس إلى من باشر المصيبة ، ومَن أجرى الله على يديه العقوبة ، فينظرون إلى الظالم فحسب ، فيلعنونه ، ونحو ذلك .
وينظرون إلى من تسبب في حادث سير على أنه سائق غشيم ! لا يُحسن التصرّف ، ولكن الناظر هذه النظرة يفتقر إلى تلك الشفافية التي نظر بها السلف أبعد مما هو ظاهر للعيان .
وينظر الزوج إلى زوجته على أنها تغيّـرت طباعها أو ساءت أخلاقها ، دون التأمل في الذّّنب الذي تسبب في ذلك .
كما تنظر الزوجة إلى زوجها على أنه تغيّر طبعه أو ساء خُلُقـه ، دون النظر في الذنوب التي هي السبب في ذلك .
فكم نحن بحاجة إلى تلك النظرة الفاحصة التي ننظر بها إلى ذنوبنا قبل كل شيء .
فإذا وقعت مصيبة أو نزلت نازلة أو ساءت أخلاق من يتعامل معنا من أهلٍ وأصحاب وجيران فلننظر في ذنوبنا الكثيرة :
من أيها أُصبنا ؟
أمِنْ ارتكاب ما حرّم الله ؟
أم مِن تضييع فرائض الله ؟
أم مِن تخلّفنا عن صلاة الفجر ؟
أم مِن السهر المُحـرّم ؟
أم مِن إدخال ما حرم الله إلى البيوت من صور ومعازف ، وغيرها من وسائل تجلب الشياطين ، وتتسبب في خروج الملائكة ؟
أم مِن الأسفار المُحرّمـة . سعيا في الأرض فسادا ؟
أم مِن ضعف مراقبتنا لله عز وجل ؟
أم ... أم ...
وتعـدّ وتغلـط في العدّ ... مِن كثرة الذنوب العامة والخاصة .
أحببت تذكير نفسي وإخواني وأخواتي .
(
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
)
فرُحماك ربنا رُحماك
وعاملنا ربنا بلطفك الخفيّ
وعاملنا بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين .
محب السلف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محب السلف
البحث عن المشاركات التي كتبها محب السلف
البحث عن جميع مواضيع محب السلف