عرض مشاركة واحدة

محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : بلاد الإسـلام
المشاركات : 2,131
بمعدل : 0.38 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الأنترنـت
افتراضي ما قيل في الذي حاول تفجير قبة مسجد الرسول
قديم بتاريخ : 18-02-2010 الساعة : 10:22 PM

فضيلة الشيخ

هل تصح هذه القصـة التي انتشرت في المنتديات ، وهي أن شخصا أراد هدم القبة التي على القبر الشريف فصعق وترك هناك ، مرفق صورة الخبر ، أحسن الله إليك .




الـجـواب/

أولاً: إزالـة ما بُني على القبور من سُـنَّـتِه صلى الله عليه وسلم، وتَسوية مـا ارتفع منها كذلك.

فإن النبي صلـى الله عليه وسلم بَعَث عليّ بـن أبي طالب رضي الله عنه فقال لـه: لا تَدَع صورة إلاَّ طَمَسـْتَها، ولا قَبْرا مُشْرِفًا إلاَّ سَـوّيته. رواه مسلـم.

ثانـيا: القُـبّة إنـما بُنِيتْ فـي أزمنة مُتأخِّرة، فليـس من فِعل النبي صـلى الله عليه وسلم ولا مِن فِعـل أصحابـه. وقد ذَكَر شيخ الإسلام ابـن تيمية أن حُجرته صـلى الله عليه وسلـم لَمَّا بُنِيَت وأُعيد بِناؤهـا في عهد التابعين تَركـوا في سَقْف الْحُجْرَة كُوّة إلى السمـاء .

قـال: كان السَّقف بَارِزا إلى السـماء، وبُني ذلك لَمَّا احْـتَرق الْمَسْجِد والمنـبر سنة بضع وخمسين وستمـائة، وظَهرت النَّار بأرْض الحجـاز التي أضاءت لها أعْناق الإبِـل بِبُصْرَى، وجرتْ بعدها فتنة التـتر ببغداد وغيرها، ثـم عُمِّر المسجد والسَّقف كما كـان، وأُحْدِث حَول الْحُـجْرَة الحائط الخشبي ثـم بعد ذلك بِسِنِين مُتَعَدِّدة بُنِيَت الـقُـبَّـة على السـقف، وأنكرها من أن أنْكَـرها. اهـ .

فعلـى هذا القُـبّة لا قِيمة لها في ميزان الشَّرْع. ومـثلها أيضا ما يُعرَف بِقُـبَّـة الصَّخْرَة في فلسطين، إنّمـا بُنِيَت في زمان عبد الملك بـن مروان، كما ذَكَر ذلك شـيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله. وقد تعرّض قبـر أشْرف الْخَلْق هو محمد صـلى الله عليه وسلم لِمحاولات نَـبْش، ومَا سُمِع أنّ مَن حَـاول نَبْش قبره صلى الله علـيه وسلم تَعَرّض لِمثل ذلـك. والقَبَر فيه جسَـد اشْرَف الْخَلْق صلى الله عليه وسلـم.

ولعـل ما يُروّج له في مثل هـذا الْخَبَر – الذي لم نَسْمَع بـه إلاَّ الآن – يُراد به تَهـويل شأن القُـبّة! وهي ليسـت مِن دِين الله في شـيء حتى تُعظِّم. وهذا شـأن دراويش الصوفية قديـما وحديثا! وقد ذَكَـر شيخ الإسلام ابن تيمـية عن بعض الصوفية نحو ذلـك!

قـال شيخ الإسلام ابن تيمية: عُمَّار مَسـاجد الله لا يَخشون إلا الله، وعمـار مساجد الْمَقَابِر يخشون غيـر الله! ويَرْجُون غيـر الله! حتى إن طائفة من أصـحاب الكبائر الذين لا يَتَحَاشَون فـيما يفعلونه من القبائح كان إذا رأى قُـبَّـة الميت أو الهـلال الذي على رأس الـقُـبَّة خَشِي مِن فعل الفواحـش! ويقول أحدهم لصاحـبه: ويحك هذا هلال الـقُـبَّة! فَيَخْشَون الْمَدْفُون تَحـْت الْهِلال ولا يَخْشَون الـذي خَلَق السماوات والأرض وجَعـل أهِلّة السماء مواقيت للناس والحـج!. اهـ .

والتَّشْـرِيف إنـما يَكون بِدليل، فأين هـو الدليل على تشريف القُـبَّة لتوصف بالقُـبَّة الشريفة؟ وكذلك قُبور الصحابـة رضي الله عنهم، لا يُقـال عنها القُبور الشريفة. وإنـما يُقال هذا عن قبره صلى الله عليـه وسلم لِكونه صلى الله علـيه وسلم أشرْف الْخَلْـق .

قـال ابن القيم في بدائع الفـوائد:
فائدة: هل حجرة النبي صـلى الله عليه وسلم أفضل أم الكعـبة ؟ قال ابن عـقيل: سألني سائل: أيـما أفضل حجرة النبي صلـى الله عليه وسلم أو الكعبة ؟ فقلـت: إن أرَدْتَ مُجَرَّد الْحُـجْرة فالكعبة أفضل، وإن أرَدْتَ وهـو فِيها فَلا والله ولا العرش وحملتـه، ولا جَنة عَدن، ولا الأفـلاك الدائرة؛ لأن بالحجـرة جَسَدًا لو وُزِن بِالكَوْنين لَرَجَـح. اهـ.

ولذلـك من الخطأ أن يُقال مثـلا: الأزهر الشريف ! أو يُقال: الْـحَرَم الإبراهيمي، أو الْحَرَم الجامعـي، ونحو ذلك. لأن التشريـف والْحُرُمات لا يَكون إلا بِدليـل .

ثالـثا: لو كان النبي صلـى الله عليه وسلم حيا لم يَرضَ بِتِلك القُـبَّـة أن تَكون على قبْرِه صلى الله علـيه وسلم ، وذلك لِعدّة اعتبـارات:

الأوّل: كونه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بِهَدْم ما يُبنى على القبور ، ويأمُر بِتَسوية القُبور ، كما تقدّم .

الثانـي : أنه صلى الله عليه وسلم أعْرض عن صَاحِب القُـبَّـة . روى الإمام أحمد وأبو داود من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِك أَنَّ رَسُـولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَرَأَى قُبَّةً مُشْرِفَةً ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ ؟ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: هَذِهِ لِفُلان - رَجُل مِنْ الأَنْصَارِ - قَالَ فَسَكَـتَ وَحَمَلَهَا فِي نَفْسِهِ حَتَّى إِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فِي النَّاسِ أَعْرَضَ عَنْهُ ، صَنَعَ ذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى عَرَفَ الرَّجُلُ الْغَضَبَ فِيهِ وَالإِعـْرَاضَ عَنْهُ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّـي لأُنْكِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قَالُوا : خَـرَجَ فَرَأَى قُبَّتَكَ . قَالَ : فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى قُبَّتِهِ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالأَرْضِ ، فَخَـرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْم فَلَمْ يَـرَهَا قَالَ : مَا فَعَلَتْ الْقُبَّةُ ؟ قَالُوا : شَكَا إِلَيْنَا صَاحِبُـهَا إِعْرَاضَكَ عَنْهُ فَأَخْبَرْنَاهُ فَهَدَمَهَا ، فَقَـالَ : أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاء وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلاَّ مَـا لا إِلاَّ مَا لا . يَعْنِي مَا لا بُدَّ مِـنْهُ. قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث محتمل للتحسين لِطُرُقِه وشواهـده .

الثالـث: أنه صلى الله عليه وسـلم حَمَى جَناب التوحيد، وسدّ ذرائع الشـِّرْك، وهَدْم القُـبَّـة مِن هذا البـاب.

رابـعا: تعرَّضَتِ الكَعبة الشَّريفة للـهجُوم مِن قِبَل القرامطة ( مِن فِرَق الرَّافضـة ) ، فقد قَتَل أبو طاهر القرْمُطي الحجاج وروّعهـم على مدى ثلاث سنوات، ثـم كان آخِر أمرِه أن قَتَل الحجيج في المسجد الحـرام ورَدَم بهم بئر زمزم .

ثـم لم يكتَفِ بذلك بل سَرَق ما في الكعبة وأقتلَع بَابـها، ثـم ضَرَب الحجر الأسود بِدبّوس ثـم اقتلعه هو وأتباعه، وبقيَت الكعـبة يَحُجّ إليها الناس أكثر من عشرين عـاما، والحجر الأسود لدى القرامطة في الإحساء ثـم في العِراق، ثـم أُعيد إليها بعد أكثر مـن عشرين عاما! وهذا فِعْل مـن يدَعون الإسلام!

وما أكثر أفعال الرافضة المشابِهـة لهذا الفِعْل قديـما وحديثا! ومن أرَاد العـِبْرَة فليقرأ التاريخ.. اقرأ إن شئـت في البداية والنهاية في أحـداث سنة 317 هـ وما بعدهـا.

خامسـا: أين هو الإسناد الصحيح، والْخَبَر الصَّـادِق أن النبي صلى الله عليه وسـلم نَادَى أحدًا أو هَتَف بِه بعد مـماته صلى الله عليه وسلم؟

ولو سَمِع الإنسـان هاتِفًا فمِن أين له أن يُثبِت أن ذلك الْمُنَادي هـو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإما أن يُثبـت ذلك بِمَعْرِفَة صَوته صلى الله علـيه وسلم ، أو يَكون مِمَّن كَـذَب على رسول الله صلى الله عليه وسـلم. ولو قال : إنّ الصَّوت هو صُوت رسـول الله صلى الله عليه وسلم لطُولِـب بالدَّليل على إثبات ذلـك ؟ ودون إثبات ذلك خَرْط القَتَـاد، كما يُقال .

وكثيـرا ما يَدّعي دراويش الصوفـية ويَزْعُمون أن النبي صلى الله علـيه وسلم يحضر مجالسهـم! بل يُوسِّعون له فـي الْمَجْلِس بِزعمهم! وهذه دروشة وتـخريف! فلم يَكن هذا من هَـدي أفضل الناس بعد النبي صلى الله علـيه وسلم ، وهم أصحابه رضي الله عنهـم ، ولا كان في خَير القُـرون ، ولا كان من الأتقيـاء.

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


رد مع اقتباس