|
|
المنتدى :
قسـم المحرمـات والمنهيات
هل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟
بتاريخ : 20-02-2010 الساعة : 01:19 AM
فضيلة الشيخ حفظه الله
هل الكذب كله في درجة واحدة من ناحية الإثم ؟ وهل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟
أم أن هناك ما لا يأثم فيه ؟
وجزاكم الله خير .

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الراغب الأصفهاني في المفردات : الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعداً كان أو غيره ، ولا يكونان بالقصد الأول إلا في القول ، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ، وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام ، كالاستفهام والأمر والدعاء وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار فإن في ضمنه إخباراً بكونه جاهلا بحال زيد وكذا إذا قال : واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ، وإذا قال : لا تؤذ ففي ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه مما ، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاماً ، بل إما أن لا يوصف بالصدق ، وإما أن يوصف تارة بالصدق ، وتارة بالكذب على نظرين مختلفين ، كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد : محمد رسول الله ، فإن هذا يصح أن يقال : صَدَقَ لكون المخبَر عنه كذلك ، ويصح أن يقال : كَذَبَ لمخالفة قوله ضميره .
وبالوجه الثاني : إكذاب الله تعالى المنافقين حيث قالوا : ( نشهد إنك لرسول الله) الآية .
والصدِّيق مَنْ كثُر منه الصدق ، وقيل : بل يقال لمن لا يكذب قط . وقيل : بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوّده الصدق . وقيل : بل لمن صَدَقَ بقوله واعتقاده ، وحقّق صدقه بفعله . اهـ .
فعلى هذا لا يكون الكذب في الجملة الإنشائية ، وإنما يكون في الجملة الخبرية .
فالطّلب ، والسؤال ، والتوقّع ، لا يكون كذبا إلا باعتبار ما قاله الراغب الأصفهاني ، من تضمين معنى آخر .
وليس كل الكذب في درجة واحدة
وإنما يحرُم الكذب بحسب متعلّقه ، ويعظم بحسب الضرر الناتج عنه .
فمن أخبر أن فلانا فعل كذا أو قال كذا ، وهو كاذب فهو أخطر لما يتعلق بذلك من مفاسد متعلقة بالآخرين .
ومن قال لشخص : اذهب إلى مكان كذا ، فإن فيه كذا وكذا ، فذهب ولم يجد ما قيل له ، وتبين له كذب القائل لم يكن مثل حال الأول ، وإن كان يُعدّ كذباً .
وقد يكون الخبر على خلاف الواقع مع عِلم المُخبَـر بذلك ، وهذا على أقسام :
الأول : أن يُخبر بذلك على سبيل المزاح ، ويُعلم أنه كذب .
وهذا وإن لم يكن كذِباً صريحا إلا أن تركه أفضل ، لقوله عليه الصلاة والسلام : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحقّـاً ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه . رواه أبو داود .
والثاني : أن يُخبر بذلك على سبيل الإصلاح ، وهذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس ويقول خيرا ويُنمى خيرا . قال ابن شهاب : ولم أسمع يّرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها . رواه البخاري ومسلم واللفظ له .
الثالث : أن يُخبر بذلك ، وهو يقصد الحكاية
ويدخل تحت هذا النوع المقامات والحوارات التي يعقدها بعض العلماء بين العلوم ، فيعقدون حوارات ومناظرات على ألسنة العلوم المختلفة ، وتفضيل بعضها على بعض .
ومثله ما يكون من قصص خيالية تُحكى على ألسنة الحيوان أو الطير .
أو ما يكون من المقامات ، كما يقول الحريري في مقاماته : قال الحارث بن همام !
زسمعت شيخنا الشيخ د . عبد الكريم الخضير يقول : ولا حارث ولا همام !
وهو لا يرى بأسا بمثل هذا .
أي أن هذا يُتجاوز عن مثله لأنه لا يترتب عليه ضرر ، وهو على سبيل الحكاية .
فليس كل خبر أو كلام يكون خلاف الواقع يكون كذباً مُحرّماً يأثم فيه صاحبه .
وهنا :
ما هي الحالات التي يُباح فيها الكذب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9706
والله تعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|