عرض مشاركة واحدة

ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.58 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي ما هو مناط تكفير المحلل لما حرم الله ؟
قديم بتاريخ : 26-02-2010 الساعة : 09:37 PM

السلام عليكم:
ما هو مناط تكفير المحلل لما حرم الله ؟ أهو رده لأمر الله في الحرمة ؟ أم بتشرعيه لنفسه واتخاذ لنفسه إلها"؟
أم بقبوله لتشريع غيره وتحليله؟ وهل يختلف الحكم بحسب نوع المحرم وأدلته وقطعيتها؟
وهل يختلف الحكم أن كان التحريم نصا" كقوله تعالى(حرمت عليكم الميتة...) وبين التحريم مفهوما" كقوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب...) ففهم منها السلف تحريم ذبائح المشركين غير أهل الكتاب؟
أفيدونا بارك الله فيكم..




الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .

هذه الأمور بينها تداخل ؛ إلاّ أن ردّ الْمُحَلِّل لأمْر الله ، قد لا يكون كُفْرًا ، إذا كان الباعث عليه الهوى ، ولم يكن في كل مسألة ، وهذا يدخل في قول ابن عباس رضي الله عنهما : كُفْر دون كُفر .

وتحليل ما حرَّم الله يكون كُفرا مِن جهتين :
الأولى : منازعته لله في التشريع ، إذا كان ذلك مِن قِبَل نفسه .
والثانية : جَعْله لله نِدًّا في التشريع ، إذا قَبِل تحليل غيره وتحريمه .

ومِن النوع الأول : قوله عليه الصلاة والسلام : ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا ؛ كل مال نَحَلْتُه عَبْدًا حَلال ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرّمت عليهم ما أحللتُ لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا . رواه مسلم .

ومِن النوع الثاني ما وقع به أهل الكتاب ، كما قال الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .
قال عَدِيّ بن حَاتِم رضي الله عنه : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَب ، فَقَالَ : يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ . قال : وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ . رواه الترمذي . وحسّنه الألباني .

قال حذيفة : أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم أطاعوهم في المعاصي .

وكما قال عزّ وجلّ : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)

قال ابن جرير الطبري في تفسيره : وأما قوله : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا) ، فإنّ "اتخاذ بعضهم بعضًا "، ما كان بِطاعة الأتباع الرؤساءَ فيما أمروهم به من معاصي الله ، وتركِهم ما نهوهم عنه من طاعة الله، كما قال جل ثناؤه : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا) . اهـ .
وروى بإسناده إلى ابن جريج في قوله تعالى : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) ، يقول: لا يُطِع بعضُنا بعضًا في معصية الله .
قال : ويقال إنّ تلك الرُّبوبية : أن يطيعَ الناس سادَتهم وقادتهم في غير عبادة ، وإن لم يصلُّوا لهم . اهـ .

وسبق :
ما الدليل على أن المستحل للمعصية كافر؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2287


وجاء في الآيات إنكار وُجود مُشرِّع غير الله ، كقوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) .
وكَقَوله عزّ وجلّ : (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِير مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) .
وكَقَوْله تبارك وتعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ؟
وكَقَوله سبحانه وتعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


رد مع اقتباس