|
|
كاتب الموضوع :
ناصرة السنة
المنتدى :
قسـم العقـيدة والـتوحيد
بتاريخ : 08-03-2010 الساعة : 06:19 PM
جزاك الله خيرا
ونفع بك يا شيخ عبدالرحمن ..
أستسمحك أن أسترسل قليلا في السؤال لأهمية الموضوع عندي ..
أليس في قولنا أن في الأثر الأخير استغاثة بالملائكة وهم أحياء ذريعة لمن يقيس على هذا ويقول: يا ملائكة الله أغيثوني، أو يا جبريل أنقذني أو دلني على الطريق ؟ كما قد يأتي قائل ويقول إن الجن أحياء وأنا أستغيث بصالحي الجن الأحياء (فيما يقدرون عليه) ليدلوني على الطريق أو ينقذوني من ورطة معينة.
وهل يا شيخ تتكرم علي وتوضح لي لم ضعف الشيخ الألباني الحديث الذي رواه النووي رحمه الله والنووي قد صححه أو حسنه ونحن نعرف من هو النووي في أئمة أهل الحديث.
بارك الله فيك وأحسن إليك على حسن التعليم

الجواب
بارك الله فيك أقول – حفظك الله - :
ليس كل حديث أورده الإمام النووي في كُتبه يعني تصحيحه للحديث
فالإمام النووي رحمه الله قد اشترط أن لا يُورد في الأربعين ( النووية ) إلا ما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد انتُقِد الإمام النووي رحمه الله في بعض تصحيحاته ، ولا يُنقص هذا من قدره .
فقد اشترط أن لا يُورد في الأربعين إلا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فيها بعض الأحاديث الضعيفة .
وقد يرجع العالِم الواحد عن حُكم حكم به لتغيّر اجتهاده أو وقوفه على كتاب أو على حال راو لم يقف عليه ونحو ذلك .
وهناك من أئمة الحديث من اشترط الصحة فيما يورد في كتابه كابن خزيمة وابن حبان وغيرهما ، إلا أنهم لم يَفُوا بهذا الشرط ، فيوجد في كتبهم الصحيح والضعيف .
وهذا بخلاف من اشترط الصحّة فوفّى بشرطه كالبخاري ومسلم
وأما كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله فلم يشترط فيه أن لا يُورد إلا ما صحّ .
بل أورد فيه الصحيح والضعيف .
وأما الحديث فإن الإمام النووي لم يحكم بصحّته ، وإنما قال :
روينا في كتاب ابن السني عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " اذَا انْفَلَتَتْ دابَّةُ احَدِكُمْ بارْضِ فَلاة فَلْيُنادِ: يا عِبادَ اللّه! احْبِسُوا ، يا عِبادَ اللَّهِ احْبِسُوا ، فانَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ في الأرْضِ حاصِراً سَيَحْبِسُهُ" . قلت : حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه افلتت له دابّة أظنُّها بغلة ، وكان يَعرفُ هذا الحديث ، فقاله ، فحبسَها اللّه عليهم في الحال . وكنتُ أنا مرّةً مع جماعة ، فانفلتت منها بهيمةٌ وعجزوا عنها ، فقلته ، فوقفت في الحال بغيرِ سبب سوى هذا الكلام . انتهى كلامه رحمه الله .
وقد تعقّب الإمام النووي رحمه الله غير واحد من أهل العلم في كلامه هذا .
ولعلي أنقل لك ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج هذا الحديث فقد وفّى وكفى .
قال رحمه الله :
رواه الطبراني وأبو يعلى في مسنده وعنه ابن السّني في عمل اليوم والليلة كلاهما من طريق معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً .
قلت : وهذا سند ضعيف ، وفيه علّتان :
الأولى : معروف هذا ؛ غير معروف ! قال ابن أبي حاتم عن أبيه : " مجهول " ، وأما ابن عدي فقال : إنه " منكر الحديث " ، وبهذا أعلّه الهيثمي فقال بعد أن عزاه لأبي يعلى والطبراني : فيه معروف بن حسان ، وهو ضعيف .
الثانية : الانقطاع ، وبه أعلّه الحافظ ابن حجر فقال : حديث غريب ، أخرجه ابن السني والطبراني ، وفي السند انقطاع بين ابن بريدة وابن مسعود . نقله ابن علان في شرح الأذكار .
وقال الحافظ السخاوي في الابتهاج بأذكار المسافر والحاجّ : سنده ضعيف ، لكن قال النووي : إنه جرّبه هو وبعض أكابر شيوخه .
قلت : العبادات لا تؤخذ من التجارب ، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث ، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة ! كيف وقد تمسّك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد ، وهو شرك خالص ، والله المستعان .
وما أحسن ما روى الهروي في ذمّ الكلام
أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق ، وكان قد بلغه أن من ضل في مفازة فنادى : عباد الله أعينوني ! أُعِين ، قال : فجعلت أطلب الجزء أنظر في إسناده . قال الهروي : فلم يستجِز أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده .
قلت : فهكذا فليكن الاتِّباع .
ومثله في الحُسن ما قاله العلامة الشوكاني في تحفة الذاكرين بمثل هذه المناسبة :
وأقول : السنة لا تثبت بمجرّد التجربة ، ولا يخرج الفاعل للشيء مُعتقداً أنه سُنّة عن كونه مُبتدِعاً ، وقبول الدعاء لا يدلّ على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يُجيب الله الدعاء من غير توسّل بِسُنّـة وهو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجاً .
انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله .
وأقول أيضا : إن أفعال الصحابة قد اختلف العلماء في حجيّتها ، والصحيح أن أفعال الصحابة وأقوالهم حجة إذا لم تُخالف النصّ ولم يُخالِف الصحابي غيره – على تفصيل في المسألة –
فإذا كان هذا في أقوال الصحابة فأفعال غيرهم ليست بحجة يُحتج بها على ثبوت الأخبار أو فعل العبادات والقُرُبات .
إذ قد تقرر أن العبادات توقيفية ، فيُتوقّف فيها ، ولا يُعمل شيء إلا بدليل .
والله أعلم
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|