الموضوع:
الحديث الـ 225 باب ما يجوز قَتْلُه للمُحرِم وفي الْحَرَم
عرض مشاركة واحدة
راجية العفو
الهيئـة الإداريـة
رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.79 يوميا
مشاركة رقم :
1
المنتدى :
شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 225 باب ما يجوز قَتْلُه للمُحرِم وفي الْحَرَم
بتاريخ : 13-03-2010 الساعة : 06:26 PM
الحديث الـ 225 باب ما يجوز قَتْلُه للمُحرِم وفي الْحَرَم
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ : الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْفَأْرَةُ ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ .
وَلِمُسْلِمٍ : بِقَتْل خَمْس فَوَاسِق فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ .
الحِدَأَةُ : بكسر الحاء وفتح الدالِ مَهْموز .
فيه مسائل :
1=
لَمّا ذَكَر حُرمة مكة ، وأنه لا يُسفك فيها دَم ، ولا يُقطع فيها شجر ، ولا يُنفّر صيد الْحَرَم ، عَقَد هذا الباب ، وهو باب ما يجوز قَتْله ، وهو مُستثنى مما تقدّم من التحريم ، سواء كان ذلك في الْحَرَم ، أو كان في حقّ الْمُحْرِم .
2=
في رواية للبخاري : خمس فواسق يُقتلن في الحرم : الفأرة والعقرب والْحُدَيّا والغراب والكلب العقور .
وفي رواية له : خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ ...
وفي رواية لمسلم : خمس فواسق يُقتلن في الحلّ والحرم : الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور والحديا
وفي رواية له من طريق الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قال : سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ .
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ : فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ : أَفَرَأَيْتَ الْحَيَّةَ ؟ قَالَ : تُقْتَلُ بِصُغْرٍ لَهَا .
للبخاري :
3=
الرواية التي ذَكَرها المصنف مُركبة مِن روايتين عند مسلم :
الأولى : من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد .. قالت : أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقَتْل خمس فَواسِق في الْحِلّ والْحَرَم .
والثانية : مِن طريق يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس مِن الدّواب كلها فَواسِق تُقتل في الْحَرَم : الغُراب والحدأة والكلب العقور والعقرب والفارة .
4= قوله : " خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ "
لا يقتضي الحصر في هذه الخمس ، ففي صحيح مسلم من طريق زيد بن جبير قال : سأل رجلٌ ابنَ عُمر ما يَقْتُل الرجل من الدّواب وهو مُحْرِم ؟ قال : حدّثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمُر بِقَتْل الكَلْب العَقُور والفَأرَة والعَقْرَب والْحُدَيّا والغُرَاب والْحَيَّة . قال : وفي الصلاة أيضا. فَذَكَر سِتًّا . إلاّ أن يُقال : الحية في معنى العقرب لِجَامع السُّمِّـيَّة بينهما .
5=
ألْحَق بها العلماء ما اشترك معها في العِلّة ؛ لأن الْحُكم يدور مع عِلّته وُجودا وعَدَمًا .
والقاعدة عند أهل العِلْم : الْمُؤذي طَبعا يُقتَل شَرْعًا .
ولذلك قال الإمام مالك : وكل شيء لا يَعْدو مِن السباع ، مثل الْهِرّ والثعلب والضّبع وما أشبهها ، فلا يَقتُله الْمُحْرِم ، وإن قَتَله وَدَاه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَأذن في قَتْل السّبِاع ، وإنما أذِن في قَتْل الكَلْب العَقُور . قال : وصغار الذئاب لا أرى أن يَقْتُلها الْمُحْرِم ، فإن قَتَلها فَدَاها ، وهي مثل فِراخ الغِربان . أيذهب يَصيدها ؟!
قال الخطابي : وإنما أباح قَتْلهن دَفعًا لعاديتهن ؛ لأنهن كُلهن مِن بَين عادٍ قتّال ، أو مُؤذٍ ضَرّار .
وقال ابن بطال : فإذا أباح عليه السلام قَتل الكلب العَقور لِخَوف عَقره وضَرَره ، فالسّبع الذي يَفْتَرِس ويَقْتُل أعظم وأولى ؛ لأنه لا يجوز أن يمنع مِن قَتْله مع إباحة قَتْل ما هو دونه . اهـ .
قال ابن المنذر : أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم على أن السّبع إذا بَدأ الْمُحْرِم فَقَتَله لا شيء عليه . قال ابن قدامة : ويُحتمل أنه أراد ما كان طَبْعه الأذى والعدوان وإن لم يُوجد منه أذى في الحال .
وقال الْخِرَقِيّ : وله أن يَقْتل الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العَقُور ، وكل ما عَدَا عليه أو آذاه ، ولا فِداء عليه .
قال ابن قدامة : هذا قول أكثر أهل العِلْم .
وقال أيضا : يُباح لك ما فيه أذى للناس في أنفسهم أو في أموالهم مثل سباع البهائم كلها المحرَّم أكلها ، وجَوارِح الطير كالبَازِيّ والعقاب والصقر والشاهين ونحوها ، والحشرات المؤذِية والزُنْبُور والبَقّ والبَعوض والبراغيث والذباب ، وبهذا قال الشافعي ، وقال أصحاب الرأي : يَقْتُل ما جاء في الخبر والذئب قِياسًا عليه .
واختار ابن قدامة " أن الخبر نَصّ مِن كل جنس على صُورة مِن أدناه تنبيهًا على ما هو أعلى منها ودلالة على ما كان في معناها ، فَنَصّه على الحدأة والغراب تنبيه على البازي ونحوه ، وعلى الفأرة تنبيه على الحَشرات ، وعلى العقرب تنبيه على الْحَيَّات ، وعلى الكَلب العقور َتنبيه على السِّباع التي هي أعلى منه ؛ ولأن ما لا يُضْمَن بِمِثْلِه ولا بِقيمته لا يُضمَن كالحشَرات . اهـ .
وقال النووي عن هذه الفواسِق : وَاتَّفَقَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز قَتْلهنَّ فِي الْحِلّ وَالْحَرَم وَالإِحْرَام ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُل مَا فِي مَعْنَاهُنَّ . اهـ .
6= قوله : " كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ "
مِن الفِسْق اللغوي ، وهو الخروج .
قال الخطابي : أصل الفسق الخروج من الشيء ، ومنه قوله تعالى: (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) أي : خَرَج . وسُمِّي الرجل فاسقا لانْسِلاخِه من الخير . ورَجّح أن الْمُراد بالفِسْق هو الخروج مِن الْحُرْمَة .
وقال القاضي عِيَاض : أصل الفِسْق الخروج عن الشيء ، ومنه سُمِّي هؤلاء فواسِق لخروجهم عن الانتفاع بهم ، أو السلامة منهم إلى الإضرار والأذى .
وقال ابن بطال : سَمّاهن فَواسِق لِفِسْقِهنّ وخُرُوجهنّ لِمَا عليه سائر الحيوان، لِمَا فيهن من الضرر .
7= قوله : " يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ "
، تقدّم أن في بعض روايات الصحيح : " في الْحِلّ والْحَرَم " ، والتنصيص على الْحَرَم يَدلّ بِدلالة الأوْلَى أن يُقتَلْن في الْحِلّ ؛ لأن الْحَرَم أعظم حُرْمَة ، فإذا جاز قَتْلها في الْحَرَم فقَتْلُها في الْحِلّ أوْلى .
8=
لم يأت في حديث عائشة على أنه يَقتلهن الْمُحْرِم ، وإنما جاء فيه النصّ على أنهن يُقتَلْن في الْحَرَم ، وقد جاء صَريحا في حديث ابن عمر ، فقد رواه مسلم مِن طريق سالم عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خمس لا جُناح على مَن قَتَلَهن في الْحَرَم والإحرام : الفأرة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور .
وفي رواية له : خمس مَن قَتلهن وهو حَرَام فلا جُناح عليه ...
فقوله : وهو حَرام : يعني وهو مُحرِم . ففي رواية للبخاري : خمس مِن الدواب مَن قَتلهن وهو مُحْرِم فلا جناح عليه ...
قوله : " الْغُرَابُ "
في رواية لمسلم : والغراب الأبْقَع .
قال القاضي عياض : وقوله : " الغراب الأبْقَع " كل ما فيه بياض وسَواد فهو أبقع ، وأصله لون يُخَالِف بعضه بعضا . اهـ .
وفي الْمُحْكَم : وغراب أبْقَع : في صَدره بياض ... وغراب أبقع : يُخالط سَواده بياض ، وهو أخبثها، وبه يُضْرب المثل لكل خَبيث .
قال ابن قدامة : والمراد بالغراب : الأبقع وغُراب البَيْن .
وقال ابن قدامة عن هذه الرواية : وهذا يُقيد المطلق في الحديث الآخر ، ولا يمكن حَمْله على العموم بدليل أن الْمُبَاح مِن الغربان لا يَحِلّ قَتْله .
وقال العيني : الروايات الْمُطْلَقة محمولة على هذه الرواية الْمُقَيَّدة التي رواها مسلم ، وذلك لأن الغراب إنما أُبيح قَتله لِكونه يَبتدئ بالأذى ، ولا يَبتدئ بالأذى إلاّ الغُراب الأبقع ، وأما الغراب غير الأبقع فلا يَبتدئ بالأذى ، فلا يُبَاح قَتْله ، كَالْعُقْعقق وغُراب الزّرع ، ويقال له الزّاغ ، وأفتوا بجواز أكله ، فَبَقِي ما عَداه مِن الغِربان مُلْتَحِقًا بالأبقع . اهـ .
وفي معنى " الأبقع " الغراب الأسود الكبير .
وفي " المجموع وتكملته ": ويَحْرم الغُراب الأسود الكبير ؛ لأنه مُسْتَخْبَث يَأكُل الْجِيَف ، فهو كالأبقع
وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن ماجه : " ويَرمِي الغُراب ولا يَقتله " . قال الألباني : وقوله : " يَرمِي الغراب و لا يقتله " مُنْكَر . اهـ . والحديث المْنَكر مِن أقسام الحديث الضعيف .
9= الحِدَأَةُ :
- كما قال المصنف رحمه الله - : بكسر الحاء وفتح الدالِ مَهْموز .
وتقدّم في بعض الروايات تسميتها : الْحُديّا . وفي حديث آخر جاء تسميتها بـ " الْحُدَيَّاة "
وهي تنقضّ مِن السماء وتلتقط الطيور والأشياء الحمراء تحسبها لَحْمًا !
وفي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ ، قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ ، قَالَتْ : فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا ، فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقًى فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ ! رواه البخاري .
10= قوله : " وَالْعَقْرَبُ "
تقدّم أن في بعض الروايات جاء ذِكر الحيات ، وتقدّم قول ابن قدامة : وعلى العقرب تنبيه على الْحَيَّات ..
11= قوله : " وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ "
قال الإمام مالك : الكلب العقور: ما عَقَر الناس وعدا عليهم ، مثل الأسد والنمر والفهد والذئب.
وقال الإمام أحمد بن حنبل : تَقْتُل كل ما عَدا عليك وعَقَرك وآذاك ، ولا فِدْية عليك .
وتقدّم أن العلماء ألْحَقُوا به كل ما في حُكمه ومعناه .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِالْكَلْبِ الْعَقُور ؛ فَقِيلَ : هُوَ الْكَلْب الْمَعْرُوف . وَقِيلَ : كُلّ مَا يَفْتَرِس ؛ لأَنَّ كُلّ مُفْتَرِس مِنْ السِّبَاع يُسَمَّى كَلْبًا عَقُورًا فِي اللُّغَة .
والله أعلم .
شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
راجية العفو
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى راجية العفو
البحث عن المشاركات التي كتبها راجية العفو
البحث عن جميع مواضيع راجية العفو