[عبق]

السلام عليكم فضيلة الشيخ .
أنا شاب ابلغ من العمر 17 عاما .
في صغري كان أبواي يظلمانني ظلما لا يضاهيه ظلم بحيث كنت أنا من يقوم بكل الأعمال في المنزل :
الغسل والتنظيف وكل شي مجبور على فعله ، وعلاوة على ذالك كانا يضربانني لأتفه الأسباب ضرباً مبرحا مع العلم أنني ومع كل هذا كنت بارا بهما ولا أعصي لهما أمرا . وكان أبي يمنعنا من الصلاة في المسجد ، والآن ولما كبرت فأنني لا أطيعهما على كل شيء .
فأنا اعلم بمستقبلي ودائما ما تحدث مشاكل بيني وبين أبي وأقوم أنا بالصياح ، وهو يحاول ضربي وعندما يضربني أمنعه .
فهل أنا آثم على عملي ؟ وما هو الحل معهم ؟
مع العلم أن بقية إخواني الصغار يواجهون نفس الذي كنت أواجهه في صغري




الجواب/
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أعانك الله .

لا يجوز رفع الصوت على الوالد .

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
قال عروة بن الزبير في قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال : لا تمتنع من شيء أحبّـاه .
وقال أيضا : ما بـرَّ والده من شدَّ الطرف إليه . رواه ابن أبي شيبة .
وفي قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ)
قال مجاهد : حين ترى الأذى وتميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيرا ولا تؤذهما .
وقال مجاهد أيضا : إذا بلغا من الكبر ما كان يليان منك في الصغر فلا تقل لهما أف . رواه ابن أبي شيبة .
قال القرطبي في التفسير : قال علماؤنا : وإنما صارت قولةُ " أف " للأبوين أردأ شيء لأنه رَفَضَهما رفض كفر النعمة وجَحَد التربية ، وردَّ الوصية التي أوصاه في التنْزِيل . و " أف " كلمةٌ مقولة لكل شيء مرفوض . اهـ .

قد تقول : إنه هو السبب ، وإنه ظلمني .
فأقول : وإن كان هو السبب ، فأنت مأمور ببرِّ والدك ، وأنت مسؤول ومُحاسب عن فِعلك أنت وليس عن فِعله هو .
فأدِّ الذي عليك واسأل الله الذي لك .
قال عليه الصلاة والسلام : إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها . قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدُّوا إليهم حقّهم ، وسلوا الله حقكم . رواه البخاري .

والوصية أن لا ترفع صوتك على والدك ، ولك أن تمنعه من ضربك .

ونُذكِّر الآباء هنا بأن هذا الظلم يعود عليهم بالويل والعاقبة السيئة في الدنيا والآخرة .
فهو لا يَزرع حُبـّـاً ، ولا يُربِّي جيلا صالحاً ، ولا يُخلِّف ولدا صالحا يدعو لوالده بعد موته .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد