|
|
المنتدى :
إرشـاد القـصــص
ما صحة قِـصة زواج والد الإمام مالك مِن امرأة قبيحة ؟
بتاريخ : 08-10-2012 الساعة : 06:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
ما صحة هذه القصة ؟
وجزيتم خيرا
وضع أحلامه في امرأة شقراء بيضاء تسر الناظرين ! ولكن عندما تزوجها وكشف عن وجهها وجدها ليست جميلة ! فهجرها في ليلة الزفاف واستمر الهجران فلما استشعرت زوجته ذلك .
ذهبت إليه وقالت يا أنس {لعل الخير يكمن في الشر} وأتم زواجه ولكن في قلبه ذلك الشعور بعدم الرضا عن شكلها. فهجرها مره ثانية ! ولكن هذه المرة هجرها عشرين سنة ولم يرَ إن كانت زوجته حملت منه. وبعد عشرين عاماً رجع إلى المدينة حيث يوجد بيته ، وأراد أن يصلي فسمع إماما يلقي درسا فجلس وسمع حديثه فأعجب به وانبهر منه فسأل عن اسمه فقالوا: هو الإمام مالك فقال : ابن من هو ؟
فقالوا ابن رجل هجر المدينة من عشرين عاما اسمه أنس فذهب إليه أنس وقال له سوف أذهب إلى منزلك وسأقف على الباب وقل لأمك رجل أمام البيت يقول {لعل الخير يكمن في الشر}. فلما ذهب وقال لأمه قالت أسرع وافتح الباب إنه والدك أتى بعد غياب
لم تذكر أباه طول فترة غيابه بالسوء فكان اللقاء حارا وكان ابنه هو مالك بن أنس رضي الله عنه خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وراوي أحاديث الرسول الصحيحة وكان يفخر بذلك.
شكرا لكي يا أم مالك على الدرس الجميل {لعل الخير يكمن في الشر}

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .
لا تُعْرَف هذه القصة عن والِد الإمام مالك بن أنس رحمه الله .
والإمام مالك ، هو : مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِر الأصبحي . وليس له علاقة بالصحابي أنس بن مالك رضيَ اللّهُ عنه ، وأنس بن مالك رضيَ اللّهُ عنه هو خادم النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام الذهبي عن الإمام مالك : مَوْلِدُ مَالِكٍ عَلَى الأَصَحِّ : فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ ، عَامَ مَوْتِ أَنَسٍ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَشَأَ فِي صَوْنٍ وَرَفَاهِيَةٍ وَتَجمُّلٍ .
ثم إن الإمام مالك لم يجلس للفُتيا والتدريس إلا بعد أن تجاوز العشرين مِن عمره .
قال الإمام الذهبي : وَطَلبَ مَالِكٌ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَتَأَهَّل لِلْفُتْيَا ، وَجَلَسَ لِلإِفَادَةِ ، وَلَهُ إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سَنَةً . اهـ .
وتشتهر مثل هذه القصة عن والِد ربيعة الرأي ، وهو فَرّوخ .
قال الإمام الذهبي : ذِكْرُ حِكَايَةٍ بَاطِلَةٍ قَدْ رُوِيَتْ : ثم روى بإسناده إلى مَشْيَخَةُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ:
أَنَّ فَرُّوْخَ وَالِدَ رَبِيْعَةَ، خَرَجَ فِي البُعوثِ إِلَى خُرَاسَانَ، أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ غَازِياً، وَرَبِيْعَةُ حِملٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَخلَّفَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ رَبِيْعَةَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْد سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ رَاكِبُ فَرسٍ، فِي يَدِهِ رُمْحٌ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، ثُمَّ دَفعَ البَابَ بِرُمْحِهِ، فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ! أَتَهجمُ عَلَى مَنْزِلِي؟
فَقَالَ: لاَ.
وَقَالَ فَرُّوْخ : يَا عَدُوَّ اللهِ ! أَنْتَ رَجُلٌ دَخَلتَ عَلَى حُرمَتِي .
فَتَوَاثبَا، وَتَلبَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ، حَتَّى اجْتَمَعَ الجِيْرَانُ.
فَبَلَغَ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ وَالمَشْيَخَةَ، فَأَتَوْا يُعِيْنُوْنَ رَبِيْعَةَ، فَجَعَلَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ فَارقتُكَ إِلاَّ عِنْدَ السُّلْطَانِ.
وَجَعَلَ فَرُّوْخٌ يَقُوْلُ كَذَلِكَ، وَيَقُوْلُ: وَأَنْتَ مَعَ امْرَأَتِي.
وَكثُرَ الضَّجِيْجُ، فَلَمَّا أَبصَرُوا بِمَالِكٍ، سَكتَ النَّاسُ كُلُّهُم.
فَقَالَ مَالِكٌ: أَيُّهَا الشَّيْخُ! لَكَ سَعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الدَّارِ.
فَقَالَ الشَّيْخُ : هِيَ دَارِي ، وَأَنَا فَرُّوْخٌ مَوْلَى بَنِي فُلاَنٍ.
فَسَمِعَتِ امْرَأَتُه كَلاَمَهُ ، فَخَرَجتْ ، فَقَالَتْ : هَذَا زَوْجِي ، وَهَذَا ابْنِي الَّذِي خَلَّفتَهُ وَأَنَا حَامِلٌ بِهِ .
فَاعْتَنَقَا جَمِيْعاً، وَبَكَيَا .
فَدَخَلَ فَرُّوْخٌ المَنْزِلَ ، وَقَالَ : هَذَا ابْنِي ؟
قَالَتْ : نَعَمْ .
قَالَ : فَأَخرِجِي المَالَ الَّذِي عِنْدَكَ ، وَهَذِهِ مَعِي أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ .
قَالَتْ : المَالُ قَدْ دَفنتُهُ، وَأَنَا أُخْرِجُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ.
فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ إِلَى المَسْجِدِ، وَجَلَسَ فِي حَلقَتِهِ، وَأَتَاهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، وَالحَسَنُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهْبِيُّ، وَالمُسَاحِقِيُّ، وَأَشرَافُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَأَحدَقَ النَّاسُ بِهِ.
فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اخْرُجْ صَلِّ فِي مَسْجِدِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَخَرَجَ، فَصَلَّى، فَنَظَرَ إِلَى حَلْقَةٍ وَافرَةٍ، فَأَتَاهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَفرَّجُوا لَهُ قَلِيْلاً، وَنكَّسَ رَبِيْعَةُ رَأْسَهُ يُوْهِمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، وَعَلَيْهِ طَوِيْلَةٌ، فَشكَّ فِيْهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟
قَالُوا لَهُ: هَذَا رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
فَقَالَ: لَقَدْ رَفعَ اللهُ ابْنِي.
فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِوَالِدتِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَلدَكِ فِي حَالَةٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفِقْهِ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ أُمُّهُ : فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، أَوْ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيْهِ مِنَ الجَاهِ ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، إِلاَّ هَذَا.
قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَنفقتُ المَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَوَ اللهِ مَا ضَيَّعْتِهِ .
قُلْتُ: لَوْ صَحَّ ذَلِكَ ، لَكَانَ يَكْفِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ فِي السَّبْعِ وَالعِشْرِيْنَ سَنَةً ، بَلْ نِصْفُهَا، فَهَذِهِ مُجَازَفَةٌ بَعِيْدَةٌ .
ثُمَّ لَمَّا كَانَ رَبِيْعَةُ ابْنَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً ، كَانَ شَابّاً لاَ حَلْقَةَ لَهُ ، بَلِ الدَّسْتُ لِمِثلِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَشَايِخِ رَبِيْعَةَ ، وَكَانَ مَالِكٌ لَمْ يُوْلَدْ بَعْدُ ، أَوْ هُوَ رَضِيعٌ . اهـ .
فهذه القصة على شُهْرَتها يقول عنها الإمام الذهبي : حِكَايَة بَاطِلَة .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|