[راجية العفو]

السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حياك الله فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم و أسعد أوقاتك برضاه
سألتني إحدى الأخوات عن حكم إنشاد المرأة قلت لها أن صوت المرأة عورة و ما يصح أنها تنشد أمام الرجال أو يسمعوا أناشيد بصوتها قالت أنها اتصلت بدار الإفتاء في بلدها و قالو لها أنه يجوز ذلك ثم ذكرت لي شيخ باسمه من بلدها ومعروف لدى أغلب المسلمين أنه أباح لإحدى الأخوات الإنشاد وقد استدلت بنص من رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت أنه حديث صحيح و هو (حديث عن النبي صلي الله عليه و سلم كان خرج في إحدى غزواته ولما رجع قالت له امرأة أني نذرت إن ردك الله سالما أن أنشد بين يديك بالدف وأتغنى فقال لها إن كنت نذرت فأوفي )
وقالت وطبعا من نذر بالشر فلا يوفي . فهذا كان دليلها .
فلم أعرف أرد عليها بالأدلة القاطعة والجواب الكافي فما رد فضيلتكم على هذا الأمر ؟
بارك الله فيك




الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أما إنشاد المرأة لِزوجها أو بين النساء مِن غير أن يكون يُتَّخّذ مهنة ؛ فيجوز .
وأما أن تكون مُنْشِدَة تَمْتَهِن الإنشاد ، فهذا لا يجوز ، ولا يقول به عالِم ! ولا عُرِف هذا مِن امرأة تؤمِن بالله واليوم الآخِر .

وأما ما اسْتُدِلّ به فليس مَحَلّ استدلال ؛ لِمَا يلي :

أولاً : احتمال أن يكون هذا قبْل التحريم .

ثانيا : أنه صَدَر مِن أمَـة ( جارية سوداء ) وليس مِن حُـرَّة !
فقد جاء في رواية للإمام أحمد والترمذي عن بريدة رضي الله عنه قال : رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه ، فجاءت جارية سوداء ، فقالت : يا رسول الله إني كنت نذرت إن رَدَّك الله تعالى سَالِمًا أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال : إن كنت نذرتِ فافعلي ، وإلاَّ فلا . قالت : إني كنت نذرت . قال : فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فَضَرَبتْ بالدف .
وفي رواية : أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه ، فقالت : إني كنتِ نَذَرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف . قال : إن كنتِ فَعَلْتِ فَافْعَلِي ، وإن كنت لم تَفْعَلِي فلا تَفْعَلي . فَضَرَبَتْ ، فدخل أبو بكر وهي تَضْرِب ، ودَخَل غيره وهي تَضْرِب ، ثم دَخَل عمر قال : فجعلت دُفَّها خلفها وهي مقنعة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس ها هنا ، ودخل هؤلاء فَلَمَّا أن دَخَلْتَ فَعَلَتْ ما فَعَلَتْ !

ثالثا : أنه مُقيَّد بِمثل تلك الصورة عند بعض العلماء ، فيكون مما اسْتُثْنِي مِن التحريم ، ومما شَمِلَتْه الرُّخْصَة في ضَرْب الدفّ .
قال شيخنا العثيمين رحمه الله : الدف الذي يُسْمَح به في الأعراس وفي مناسبة قُدوم الغائب وفي أيام الأعياد هو الذي ليس له إلاَّ وْجه واحد فقط ، وأما ذو الوجهين فَيُسَمَّى طَبْلاً ، ولا يجوز ، ومن المعلوم أن الدف مِن آلة اللهو ، والأصل في آلة اللهو التحريم ، فلا يخرج عن هذا الأصل إلا ما جاءت به السنة ، وما جاءت به السنة يجب أن يتقيد الإنسان به . اهـ .

وكنت ذكرتُ بعض ذلك هنا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4170
وسبق أيضا :
الدف للرجال والنساء في غير الأعراس
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4167
والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد