|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
كيف يروي البخاري عن بشر بن محمد مع أنه اشترط عدم الرواية عن المرجئة؟
بتاريخ : 29-08-2015 الساعة : 11:33 PM
السؤال
فضيلة الشيخ حفظكم الله
الإمام البخاري رحمه الله تعالى يقول أخذت العلم عن أكثر من ألف عالم كلهم يقولون الإيمان قول وعمل ، ولم أكتب إلا عمن قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وفي قراءتي لترجمة بشر بن محمد المروزي وجدت أن الحافظ ابن حجر رحمه الله قال : ورمي بالإرجاء وكذلك قال ابن حبان.
فكيف يروي عنه البخاري مع أنه اشترط عدم الرواية عن المرجئة؟
وجزاكم الله خيراً

الجواب :
وجزاك الله خيرا ، وحَفِظَك الله ورَعَاك .
فَرْق بين أن يكون الراوي مرجئا ، أو يكون فيه إرجاء .
وفَرْق بين أن يكون الراوي مرجئا ، وبين أن يُرْمَى بالإرجاء ؛ فالأول مؤكّد ، والثاني تُهمة .
كما هو الحال بين مَن رُمِي بالتشيّع ، ومَن فيه تشيّع .
والعلماء يُفرِّقون بيْن الدُّعاة إلى البِدع وبين غيرهم ممن لا يدعو إلى بدعته .
ويُفَرِّقون بين الغُلاة وبين غيرهم .
قال الإمام الذهبي : البدعة كُبرى وصُغرى .
وقال : البدعة على ضَرْبَين :
فَبِدْعة صغرى ، كَغُلُو التشيع ، أو كالتشيع بلا غُلو ولا تَحرّف ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بينة .
ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه والحطّ على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك ؛ فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة . وأيضا فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا ، بل الكذب شعارهم والتقية ، والنفاق دثارهم ، فكيف يُقبل نَقْل من هذا حاله حاشا وكلا ؟ فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا - رضي الله عنه - وتَعرّض لسبِّهم ، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يُكفِّر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أيضا ، فهذا ضال مُعَثَّر . اهـ .
ومثل بِشْر هذا : خلاد بن يحيى ابن صفوان السلمي ، أبو محمد الكوفي ، نزيل مكة ، صدوق ، رُمي بالإرجاء ، وهو مِن كِبار شيوخ البخاري . قاله ابن حجر في " التقريب " .
ومثله : ذر بن عبد الله الْمُرهبي . ثقة عابد ، رُمِي بالإرجاء .
و : سالم بن عجلان الأفطس الأموي مولاهم ، أبو محمد الحراني ، ثِقة ، رُمي بالإرجاء .
و : محمد بن خازم ، أبو معاوية الضرير الحافظ . كان مرجئا .
والعلماء لا يَرُدُّون رواية الراوي إذا كان ثقة لأجل بِدْعته ، ما لم تكن بِدعة كُبرى تُخْرِجه مِن الإسلام .
فالبخاري روى عن عمران بن حطان الخارجي ، بل هو رأس القعدية من الصّفرية – فِرقة مِن الخوارج -وخطيبهم وشاعرهم !
وروى عن عمر بن ذر الهمداني الكوفي ، وكان ثقة يرى الإرجاء ، بل قال أبو حاتم فيه : كان صدوقا مُرجئا ، وقال فيه أبو داود : كان رأسًا في الإرجاء .
والإمام مسلم روى عن إمام مِن أئمة الشيعة ! هو عَدي بن ثابت
وروى عنه حديثا في فضائل علي رضي الله عنه !
فقد روى الإمام مسلم مِن طريق الأعمش عن عدي بن ثابت عن زِرّ قال : قال عليّ : والذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يُحِبّني إلاَّ مؤمن ، ولا يُبْغِضني إلاّ منافق .
وعديّ هذا قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله : ثقة ، لكنه قاصّ الشيعة وإمام مسجدهم بالكوفة .
ولعل مُراد الإمام البخاري رحمه الله أنه لا يكتب عنهم في أصول الإيمان ؛ لأن هذه المسألة مظنة الخطأ عندهم .
أو لعلّ مراده أنه لا يَروي عن غُلاة المرجئة .
قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : ما قَدِم علينا خراساني أفضل مِن أبي رجاء عبد الله بن واقد الهروي . قلت له : فإبراهيم بن طهمان ؟ قال : كان ذاك مرجئا . قال أبو الصلت : لم يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث : أن الإيمان قول بلا عمل ، وأن تَرْك العمل لا يَضُرّ بالإيمان .
وفي ترجمة : خلف بن أيوب العامري : قال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألته - يعني أباه – عنه ؟ فقال : يُرْوى عنه .
وذَكَره ابن حبان في كتاب الثقات ، وقال : كان مُرجئا غالِيًا ، اسْتَحِبّ مُجَانبة حديثه لتعصبه في الإرجاء ، وبُغْضه مَن يَنْتَحِلّ السنن ، وقمعه إياهم جهده . ذكره المزّي في " تهذيب الكمال " .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|