|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
ما هي دوافع العشق ؟
بتاريخ : 30-08-2015 الساعة : 11:39 PM
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
تحية طيبة و بعد
أريد أن أسأل عن ما أسمعه في المحاضرات الصوتية على الشبكة لبعض المشايخ و كلامهم عن العشق بين الرجال و أنه يصل إلى حد الشرك!
فما طبيعة هذا الشيء و ما هي دوافعه و أسبابه أفدنا رحمك الله

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ورَحِمك الله .
سُئل ابن القيم رحمه الله سؤالا :
مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ ، أَئِمَّةُ الدِّينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - فِي رَجُلٍ ابْتُلِيَ بِبَلِيَّةٍ وَعَلِمَ أَنَّهَا إِنِ اسْتَمَرَّتْ بِهِ أَفْسَدَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ ، وَقَدِ اجْتَهَدَ فِي دَفْعِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ ، فَمَا يَزْدَادُ إِلَّا تَوَقُّدًا وَشِدَّةً ، فَمَا الْحِيلَةُ فِي دَفْعِهَا ؟ وَمَا الطَّرِيقُ إِلَى كَشْفِهَا ؟ فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَ مُبْتَلًى ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى .
فأجاب ابن القيم رحمه الله بِكتاب كامل ! وهو كتاب " الجواب الكافي لِمن سأل عن الدواء الشافي " ، وطُبِع بعنوان " الداء والدواء " .
ويُوجَد مِمّن انتكست فِطرهم مَن يتعلّق بالْمُرْدان ، ويرغب فيهم رغبة قوم لوط في الذكور دون الإناث – نسأل الله السلامة والعافية – .
وأعظم أسبابه : قسوة القلب وضَعْف الإيمان ، وانتكاس الفِطَر ، ومُصاحبة المردان ، والنظر إليهم بِشهوة .
وكان السلف يُحذِرون ويَنهَون عن النظر إلى الشاب الأمرد ، بل وعن الْمَبِيت معه !
قال سعيد بن المسيب: إذا رأيتم الرجل يُلحّ بالنظر إلى الغلام الأمْرد فاتَّهِمُوه .
وجَاءَ رَجُلٌ إلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ مَعَهُ غُلامٌ أَمْرَدُ حَسَنُ الْوَجْهِ ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: ابْنِي ، فَقَالَ : لا تَجِئْ بِهِ مَعَك مَرَّةً أُخْرَى ، فَلامَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ أَحْمَد: عَلَى هَذَا رَأَيْنَا أَشْيَاخَنَا ، وَبِهِ أَخْبَرُونَا عَنْ أَسْلافِهِمْ .
وَجَاءَ حَسَنُ بْنُ الرَّازِي إلَى أَحْمَد وَمَعَهُ غُلامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ لَهُ أَحْمَد : يَا أَبَا عَلِيٍّ لا تَمْشِ مَعَ هَذَا الْغُلامِ فِي طَرِيقٍ ! فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إنَّهُ ابْنُ أُخْتِي قَالَ: وَإِنْ كَانَ ، لا يَأْثَمُ النَّاسُ فِيك . ذَكَره شيخ الإسلام ابن تيمية .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : كان يقال: لا يَبيت الرَّجُل في بيت مع الغلام الأمرد !
وقال : النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الأَمْرَدِ بِشَهْوَةِ كَالنَّظَرِ إلَى وَجْهِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ بِالشَّهْوَةِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّهْوَةُ شَهْوَةَ الْوَطْءِ ، أَوْ كَانَتْ شَهْوَةَ التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ ، كَمَا يَتَلَذَّذُ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ ؛ كَانَ مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ هَذَا حَـرَامٌ ، فَكَذَلِكَ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الأَمْرَدِ بِاتِّفَاقِ الأَئِمَّةِ .
وقال : التَّلَذُّذُ بِمَسِّ الْأَمْرَدِ كَمُصَافَحَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ : حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِمَسِّ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَالْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ ، بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ : أَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ .
وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة مع المرأة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ ، وَكَذَلِكَ مَحَارِمُ الْمَرْأَةِ ، مِثْلُ : ابْنِ زَوْجِهَا وَابْنِهِ ، وَابْنِ أَخِيهَا وَابْنِ أُخْتِهَا ، وَمَمْلُوكِهَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهُ مَحْرَمًا ؛ مَتَى كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ أَوْ عَلَيْهَا تَوَجَّهَ الاحْتِجَابُ بَلْ وَجَبَ . وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالاحْتِجَابِ فِيهَا مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ . اهـ .
قال ابن كثير : قال كثير مِن السَّلف : إنهم كانوا ينهَون أن يُحِدَّ الرجل بَصَره إلى الأمْرَد . وقد شَدَّد كثير من أئمة الصوفية في ذلك ، وحَرَّمه طائفة من أهل العِلْم ، لِمَا فيه من الافتتان ، وشَدّد آخرون في ذلك كثيرًا جدًا . اهـ .
وقال ابن القيم في " إغاثة اللهفان " عن الغناء : وأما سَمَاعه مِن المرأة الأجنبية أو الأمْرَد فَمِن أعظم الْمُحَرَّمَات وأشدّها فَسَادًا للدِّين . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|