لماذا قال الله عن نوح وهود وشعيب رسالات أما النبي صالح فقال رسالة
بتاريخ : 14-03-2010 الساعة : 04:45 PM
شيخنا الفاضل بارك الله فيكم ونفع بكم ...
هذا سؤال لأحد الأخوات .. نرجو التوضيح ...
***
السلام عليكم..
عندي سؤال:
في سورة الأعراف حينما بدأ الحديث عن الأنبياء
قال الرسل: نوح وهو وشعيب عليهم السلام رسالات
أما النبي صالح فقال رسالة..
فما الحكمة؟؟
وفي سورة الشعراء
ورد في القرآن: لفظ أخاهم مع : نوح وهود وصالح ولوط
أما شعيب لم يذكر معه شيء لماذا؟
الجواب/
وفيك بورك
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير :
وجملة : ( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي ) صفة لرسول ، أو مستأنفة ، والمقصود منها إفادة التّجدّد ، وأنّه غير تاركك التّبليغَ من أجل تكذيبهم تأييساً لهم من متابعته إياهم ، ولولا هذا المقصد لكان معنى هذه الجملة حاصلاً من معنى قوله : ( وَلَكِنِّي رَسُولٌ ) ولذلك جَمَعَ الرّسالات لأنّ كلّ تبليغ يتضمّن رسالة بما بلَّـغَـه . اهـ .
أما نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام فقد قال الله عنه : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ )
فإنه قال ذلك بعد أن ذكر خبر هلاك القوم .
قال الله تبارك وتعالى : ( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي )
وقد ذَكَر غير واحد من المفسّرين أنه قال ذلك بعد هلاكهم ، ويؤيّده سياق الآيات .
فإن قيل : كيف يقول لهم ذلك وقد هلكوا ؟
فيُال : قال لهم ذلك تبكيتا وتوبيخاً ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى يوم بدر ، وقد وقف على قليب بدر فقال مُخاطِبا القتلى : يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف ، يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا . فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعوا ، وأنى يجيبوا وقد جيّفوا ؟! قال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا . ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية عند البخاري : إنهم الآن يسمعون ما أقول . فذُكِر لعائشة ، فقالت : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأتْ ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) حتى قرأت الآية .
ولا يزال السؤال قائما :
لماذا جاء على لسان نوح وهود وشعيب ( رِسَالاتِ رَبِّي ) بالجمع ، وعلى لسان صالح ( رِسَالَةَ رَبِّي ) بالإفراد ؟
يبدو لي – والله أعلم – أن الجمع لإقامة الحجة عليهم ، كأنه بلّغهم رسالة بعد رسالة ، فكل تبليغ كأنه رسالة ، كما قال ابن عاشور .
وأما صالح فقد أقام عليهم الحجة ، وهو يُخاطِبهم بعدما هلكوا ، فكان كافياً أن يقول : رسالة بالإفراد ، وليس بحاجة إلى أن يقول : رسالات .
والله تعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد