|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
أناشيد فيها غلوّ في النبي عليه الصلاة والسلام
بتاريخ : 12-03-2010 الساعة : 09:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم بارك الله فيك...
هناك شريط أناشيد جديد باسم \"المعلم\"، و هو ينتشر بسرعة بين الشباب و الفتيات هنا في بلاد الغرب. سمعت بعض الأناشيد لأتعرف عليها...فطالما انتشرت أناشيد فيها ألفاظ شركية و نحوها...
و لزم عليّ التنبيه على ذلك. على العموم ، في هذا الشريط يقول المنشد عن النبي صلى الله عليه و سلم :
\"عِشْقُ قلبي...يا محمد...
نور عيني...يا محمد...\"
\"أنتَ غرامي...ذِكرُ كلامي...كلَّ أيامي\"
إن لم أكن مخطئة، فهذا من الغلو؟ هل يقع ضمن دائرة الشرك؟ و ما هو الخط الفاصل بين حب الرسول صلى الله عليه و سلم الذي يجب علينا و بين الغلو و التشبه بالصوفية ؟
و يقول أيضاً:
\"يا يس يا خليل الله
يا أمين يا نجي الله
يا مكين يا شهيد الله
يا مختار يا حفي الله
يا طه يا حبيب الله\"
فهل يس و طه من أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم ؟ أنا أعرف أن الأمين من أسمائه صلى الله عليه و سلم لكن لا أعرف عن بقية ما قال المنشد .
هل هنالك إشكال آخر فيما قال كما ورد في الأعلى؟

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا شك أن هذا من الغلو في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مُخالِف لما أمر به عليه الصلاة والسلام بقوله : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله . رواه البخاري .
والإطراء هو المدح بما ليس فيه صلى الله عليه وسلم ، كأن يُضفى عليه شيء من صفات الله عز وجل .
هذا من ناحية..ومن ناحية أخرى فإن مسألة العشق لا تكون في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، فلفظ العشق لا يُطلق على الله ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم لعِدّة أسباب ؛ منها :
1 - أن التعبير الوارد في الكتاب والسنة ورد وعُبِّر عنه بـ " الحب " كقوله تعالى : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )وقوله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين . رواه البخاري ومسلم .
2 – أن لفظ " العِشق " لا يجوز إطلاقه في حق الله عز وجل ولا في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، لتضمّن العشق للرغبة في المعاشرة الجنسية .
3 – مما يؤكد هذا المعنى أن الحب إذا كان بين رجل وآخر لا يُطلق عليه عشق ، إنما يُطلق هذا إذا كان بين رجل وامرأة . ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ثلاث من كُنّ فيه وَجَد بهن حلاوة الإيمان – وذكر منهن - : وأن يُحبّ المرء لا يُحبُّه إلا لله . متفق عليه .
وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة .
قال ابن القيم – رحمه الله – : ولا بحفظ عن رسول الله لفظ العشق في حديث صحيح البتة . وقال أيضا : ولما كانت المحبة جنساً تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختص به ويليق به كالعبادة والإنابة والإخبات ، ولهذا لا يُذكر فيها لفظ العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وأما الحد الفاصل بين محبته صلى الله عليه وسلم وبين ادّعاء المحبة فهو صِدق المتابعة له عليه الصلاة والسلام وطاعته فيما أمر ، وعدم مجاوزة الحدّ في مدحه صلى الله عليه وسلم والثناء عليه .
وقد أشرت إليه هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/100.htm
وبالنسبة للحروف التي تكون في أوائل بعض السور فإنه لا يصح منها شيء في اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، فـ ( يس ) و ( طه ) ليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله : فصل في أسمائه صلى الله عليه وسلم
ثم قال : وكلها نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف ، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال ، فمنها محمد ، وهو أشهرها وبه سُمِّي في التوراة صريحا ... بما يوافق عليه كل عالم من مؤمني أهل الكتاب ، ومنها أحمد ، وهو الاسم الذي سماه به المسيح ، ومنها المتوكل ، ومنها الماحي ، والحاشر ، والعاقب ، والمقفِّي ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ، والفاتح ، والأمين . ويلحق بهذه الأسماء : الشاهد ، والمبشر ، والبشير ، والنذير ، والقاسم ، والضحوك ، والقتال ، وعبد الله ، والسراج المنير ، وسيد ولد آدم ، وصاحب لواء الحمد ، وصاحب المقام المحمود ، وغير ذلك من الأسماء ، لأن أسماءه إذا كانت أوصاف مدح فله من كل وصف اسم ، لكن ينبغي أن يُفرّق بين الوصف المختص به أو الغالب عليه ، ويشتق له منه اسم ، وبين الوصف المشترك فلا يكون له منه اسم يخصه ...
وأسماؤه نوعان :
أحدهما : خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل ، كمحمد وأحمد والعاقب والحاشر والمقفِّي ونبي الملحمة . والثاني : ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ، ولكن له منه كمالُه فهو مختص بكمالِه دون أصله ، كرسول الله ونبيّه وعبده والشاهد والمبشر والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة .
وأما إن جُعل له من كل وصف من أوصافه اسم ، تجاوزت أسماؤه المائتين ، كالصادق والمصدوق والرؤوف الرحيم ، إلى أمثال ذلك . انتهى كلامه رحمه الله .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|