|
|
المنتدى :
قسم الأسرة المسلمة
هل المطلقة في عدتها لا تخرج من بيتها ولا تتزين كالأرملة ؟
بتاريخ : 17-09-2012 الساعة : 11:01 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله يا شيخ
هل المطلقة في عدتها لا تخرج من بيتها ولا تتزين كالأرملة ؟

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحَفِظَك الله وَرَعَاك .
الْمُطلَّقَة طلاقا رَجعيًّا ، لها أن تتجمّل لِزوجها ، لعله يُراجعها . ومَنَع بعض أهل العلم مِن ذلك ، ولا دليل على المنع ، وهي لا تزال في ذمّته ، ولذلك يقع بينها وبين زوجها التوارث لو مات أحدهما في زمن العِدّة .
ولا تَخرُج مِن بيتها إلى بيت أهلها خروجا كُلِّـيًّا ، لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) .
قال ابن عبد البر : وأجمعوا أن المطلقة طلاقا يملك فيه زوجها رجعتها أنها لا تَنتقل مِن بَيتها . اهـ .
فالْمُطلَّقَة طلاقا رَجعيًّا لا تَخْرُج ولا تُخْرَج ، لعل الله يُحْدِث بعد ذلك أمرًا ، وهو الْمُراَجعَة .
قال القرطبي : وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة .
وقال ابن كثير : وقوله : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) أي : في مُدّة العِدّة لها حق السكنى على الزوج ما دامت مُعْتَدّة منه ، فليس للرجل أن يُخْرِجها ، ولا يجوز لها أيضا الخروج ؛ لأنها معتقلة لحق الزوج أيضًا .
قال سفيان الثوري : لا بأس أن تتشوّف له وتتزين وتُسلّم ، ولا يستأذن عليها ولا يؤذنها ، ويؤذنها بالتنحنح .
وقال أبو حنيفة : لا بأس أن تتزين المطلقة الرجعية لِزوجها وتتطيب .
قال المرداوي في " الإنصاف " : وَلَهَا أَنْ تَتَشَرَّفَ لَهُ وَتَتَزَيَّنَ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ . اهـ .
وقال البهوتي : وَلَهَا، أَيْ : الرَّجْعِيَّةِ أَنْ تُشْرِفَ ، أَيْ : تَتَعَرَّضَ لَهُ ، أَيْ : لِمُطَلِّقِهَا بِأَنْ تُرِيَهُ نَفْسَهَا.
وَلَهَا أَيْضًا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ كَمَا تَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ لأَزْوَاجِهِنَّ لإِبَاحَتِهَا لَهُ كَمَا قَبْلَ الطَّلاقِ . اهـ .
وقال شيخنا العثيمين :
يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعيا أن تبقى في بيت زوجها ويحرم على زوجها أن يخرجها منه لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) . وما كان الناس عليه الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقا رجعيا تنصرف إلى بيت أهلها فورا ، فهذا خطأ ومُحَرَّم ؛ لأن الله قال " لا تخرجوهن - ولا يخرجن " ولم يستثن من ذلك إلاّ إذا أتين بفاحشة مبينة، ثم قال بعد ذلك : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) . ثم بيّن الحكمة من وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) .
فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله ، والتمسك بما أمرهم الله به ، وأن لا يتخذوا من العادات سبيلاً لمخالفة الأمور المشروعة ، المهم أنه يجب علينا أن نراعي هذه المسألة ، وأن المطلفة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها ، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له ، وأن تتزين ، وأن تتجمل ، وأن تتطب ، وأن تكلمه ويكلمها ، وتجلس معه وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجماع أو المباشرة ، فإن هذا إنما يكون عند الرجعة ، وله أن يُرجعها بالقول ، فيقول : راجعت زوجتى ، وله أن يُراجعها بالفعل ، فيجامعها بنية المراجعة . اهـ .
هذا إذا كانت في العِدّة رجاء أن يُحدِث الله بعد ذلك أمْرا ، وهو المراجعة .
أما إذا انقضت العِدّة ، فإنها تكون أجنبية عنه ، لا يجوز له أن يرى منها شيئا ، ولا أن يخلو بها .
وأما استمتاع الزوجين ببعض في أيام العِدّة في الطلاق الرجعي ؛ فقد اخْتَلَفوا فيه على قولين :
القول الأول : قول والمالكية والشافعية : أنه لا يجوز للزوج أن يستمتع بِزوجته بعد الطلاق .
والقول الثاني : قول الأحناف والحنابلة : أنه يجوز للزوج أن يستمتع بِزوجته بعد الطلاق ، إذا كان الطلاق رجعيا .
وهذا هو الراجح ؛ لقوله تعالى عن المطلقات (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا)
قال البهوتي عن الْمُطلَّقَة طلاقا رجعيا : ولها ما للزوجات مِن نفقة وكسوة ومسكن ، وعليها حُكم الزوجات مِن لزوم مسكن ونحوه ، لكن لا قَسْم لها .
قال شيخنا العثيمين رحمه الله : تجب لها النفقة ، ويلزمها طاعته ، ويجوز أن تَكشِف له ، وأن يَنفرد بها، وأن تتطيب له ، وأن تمازِحه وتضحك إليه ، وأن يُسافر بها .. . اهـ .
وهذا يعني أن له أن يُقبّلها ويحتضنها وينام بجوارها ، من غير وطء (جِماع) ؛ لأنه يُفسد الطلاق ، كما تقدّم .
وسبق :
سؤال عن حدود تعامل المرأة مع طليقها إذا لم تخرج مِن بيتها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=6085
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|